في انتظار الجنائية الدولية
حسب ما أعلن فريق الدفاع الدولي عن ضحايا الانقلاب في مصر في لندن أمس الاثنين، فقد بدأ وكلاء «الحكومة المصرية الشرعية» تحركات دولية جديدة ضد السلطات الحالية برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بالإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي والقبض على الآلاف من المصريين بحجة أنهم من أنصاره، وأنصار جماعة الإخوان المسلمين!
فريق الدفاع الدولي هذا تأسس عقب الإطاحة بمرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، بتوكيل من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ويختص عمله بالإجراءات القانونية لمواجهة السلطات الحالية خارج مصر، ومن المعروف أن المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، وبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى يوليو/ تموز 2012، حيث تشترط أن يقيم الدعوى فيها الدول الموقعة على قانونها والتي ليس من بينها مصر، ومع هذا، بوسع المحكمة مباشرة تحقيقاتها الخاصة بهذا الأمر، بمقتضى نص الفقرة 12 (3) من إعلان نظام روما الذي يمنح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية البت في حالة مثل الحالة المصرية، حيث يقول قانونيون انه بحسب قوانين المحكمة الجنائية الدولية، فإن الدول غير الموقعة «توقيعا نافذا» على اتفاقية روما يمكنها تفويض المحكمة بإجراء تحقيقات حول جرائم حرب وقعت في المناطق الخاضعة لولايتها، وهو ما ينطبق على مصر التي لم تستكمل بعد التوقيع على هذه الاتفاقية، وهو ما دفع الفريق القانوني الدولي، إلى استخدام هذا البند والحصول على تفويض من حكومة الرئيس مرسي، باعتبارها «الحكومة الشرعية للبلاد»، ولم يعرف حتى الآن موقف المحكمة الدولية من الدعوى التي قدمها الفريق القانوني الدولي، ولكن وفق ما نشرت صحيفة «عربي 21» اللندنية، هناك سابقة تاريخية قبلت فيها المحكمة دعوى مماثلة، عندما فوض الرئيس العاجي المنتخب «الحسن وتارا» المحكمة بالتحقيق في جرائم حرب ارتكبت ببلاده في العامين 2010 و2011، على الرغم من أن سلفه الرئيس « لوران غباغبو» منعه في تلك الفترة من ممارسة صلاحياته بعد انتخابه رئيسا للبلاد. وقد قبلت المحكمة الجنائية الدولية تفويض وتارا، وأوقفت غباغبو بالفعل؛ ولا زالت تحقق معه بتهمة المسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب أدت إلى مقتل أكثر من 3 آلاف مواطن عاجي.
إن مجرد قيام مثل هذا التحرك سيربك المشهد المصري الذي يسيطر عليه الانقلابيون، وفي حال قبلت المحكمة القضية، فسيتغير كل شيء، سواء داخل مصر أو خارجها، وتبدأ حقبة جديدة، قد تصحح المسار الكارثي الذي تسير إليه اكبر دولة عربية، وألقى بظلاله «الكارثية ايضا» على مجمل المشهد العربي، أما إذا لم تقبل المحكمة هذه الدعوى، فربما تنزلق مصر إلى ما انزلقت إليه الجزائر في عشريتها السوداء، وحينها، سوف نترحم على تلك السنة التي حكم فيها مرسي!