0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

سوريا بين «جهادين» … لغة الأرقام

إن صحت المعلومات التي أوردتها وكالة “يو بي آي” منسوبة إلى مصادر التيار السلفي الجهادي في الأردن، فإن أعداد قتلى الحركات “الجهادية” في سوريا منذ آذار / مارس 2011 وحتى عشية عيد الميلاد المجيد (23/12) لسنة 2013، يقارب العشرة آلاف قتيل (9936)، خُمسهم (1902) من التونسيين، يليهم الليبيون بعدد قتلى وصل إلى (1807 قتيلاً)، ثم العراقيون 1432، فاللبنانيون (828) والمصريون (821) والفلسطينيون من داخل سوريا وخارجها (800) والسعوديون (714) واليمنيون (571) والمغاربة (412) والجزائريون (274) والأردنيون (202) والكويتيون (71) والصوماليون (42) والبحرينيون (21) والعُمانيون (19) والإماراتيون (9) والقطريون (8) والسودانيون (3) وموريتاني واحد، وثلاثون قتيلا من القوقاز والبلقان.

أرقام مفزعة بكل المقاييس، وربما تكون تجاوزت خسائر “المجاهدين” في أية ساحة من ساحات “الجهاد العالمي” الأخرى … وهي إن صحت، فإنها تصفع جميع الذين حاولوا الاستخفاف بظاهر “الجهاد في سوريا” والتقليل من شأن فصائله وحجم نفوذها، خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن سقوط هذا العدد من القتلى، يعني أن ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذه الأعداد، قد سقط بين جريج ومصاب، وأن أضعاف أضعاف هذه الأرقام، ما زالوا أصحاء يتوزعون على خنادق “داعش” و”النصرة” ومن دار في فلكهما من منظمات سلفية جهادية.

تعيدنا هذه الأرقام، إلى بعض فصول الجدل الدائر حول ما يجري في سوريا من أحداث وتدخلات، وعن أدوار القوى الإقليمية والدولية في “صنع الأزمة السورية” ودفعها للتفاقم وضفاف “اللاحل”: من جند هؤلاء ومن سلحهم ودربهم، من تولى نقلهم من بلدانهم إلى سوريا، ومن موّل تكاليف “جهادهم” من رواتب وسلاح وعتاد وذخائر، هل من الممكن نقل كل هذه “الجيوش” من دون تواطئ استخباري ودعم مالي برعاية دول قادرة ومقتدرة، بعيدة ومجاورة؟ هل بمقدور حركات وشخصيات وشبكات غير حكومية أن تقوم بعمل على هذا القدر من الكلفة والتعقيد؟

في توقيت متزامن مع نشر هذه المعلومات (18/12)، نشرت صحيفة القبس الكويتية التي لا يمكن احتسابها على حزب الله والمحور الذي يندرج فيه، تقريراً قالت فيه إن عدد قتلى حزب الله في سوريا فاق الـ “650” عنصراً وضابطاً، وهذا الرقم تكذبه مصادر الحزب التي تتحدث عن أعداد أقل من ذلك بكثير، فيما الأرقام التي أحاطت بأعداد عناصر الحزب المقاتلة في سوريا، لا تتخطى في حدها الأقصى أعداد القتلى من التيار الجهادي السلفي، دع عنك الجرحى والأصحاء منهم … ومع ذلك هنالك من لا يرى في الأزمة السورية سوى تدخل حزب الله ورعاته وداعميه، أما بقية أشكال التدخل في هذه الأزمات، فتندرج غالباً في باب “المساعدات الأخوية للشعب السوري الشقيق”؟!

نحن من حيث المبدأ، ندين كل أشكال التدخل العسكري الخارجي و”الجهاد” في الأزمة السورية، أياً كانت الجهة التي تقف وراءه أو تدعمه وتموله … ونعتبر أن هذه التدخلات هي التي أخرجت انتفاضة الشعب السوري عن سكتها، وأحالت البلاد بأسرها، إلى ساحة لتصفية الحسابات و”صندوق بريد” لتبادل الرسائل الإقليمية والدولية الدامية، ودائما على حساب الشعب السوري وقضيته وحيوات أبنائه وبناته.

لكن قليلاً من الموضوعية تقتضي تسمية الأشياء بأسمائها … فحزب الله تدخل في سوريا بعد أن صارت ملعباً لكل مدارس السلفية الجهادية وجهادييها، ونحن نعرف مثلما تعرفون، كيف تنظر هذه المدارس لحزب الله والشيعة “الروافض” ولكل من دار في “هلالهم” من مذاهب وأقليات… و”جهاد” الحزب ظلّ بكل المقاييس أقل حجماً ووطأة من “جهاد السلف” على سوريا، العابر لجهات سوريا الأربع، والأرقام التي كشف عنها التيار السلفي الجهادي الأردني، تعطي صورة عن ذلك، ومن مصادر التيار نفسه.

ولهذا السبب استحقت سوريا أن توصف بأنها “أفغانستان ثانية على الضفة الشرقية للمتوسط”، وهذا الوصف لصديق المعارضة السورية، وخصم النظام السوري الرئيس عبد الله غول، وليس لنا … ولهذا السبب، باتت محاربة الإرهاب، وليس إسقاط الأسد، هي الأولوية الأولى للمجتمع الدولي و”جنيف 2”… ولهذا السبب لم يبق من الثورة السورية المغدورة سوى اسمها، بعد أن تم اختطافها وتجييرها لصالح أجندات أخرى، ليس من بينها أجندة “الخبز والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.