موازنة 2014 تتضمن نمواً في الإيرادات المحلية وارتفاعاً بالمنح الخارجية المتوقعة
كشف الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الوزني أن الحسابات الختامية لموازنة عام 2012 الى الآن لم تنشر ونحن نوشك على إقرار موازنة عام 2014 وهذه مخالفة دستورية، متسائلاً عن سبب تضخيم النفقات الجارية لعام 2014 وبزيادة 11% عن العام السابق، والإبقاء على المؤسسات المستقلة ذات الخسائر اللانهائية التي ترهق الموازنة، لافتاً في الوقت نفسه الى المماطلة في بدء صرف المنحة الخليجية والمسارعة في زيادة الضرائب لتأمين الإيرادات للخزينة.
جاء ذلك في الورشة التدريبية المتخصصة التي عقدها معهد بصر لدراسات المجتمع المدني، لتدريب منظمات المجتمع المدني حول الموازنة العامة ومشروع الموازنة لعام 2014، والتي حضرها قادة جمعيات الأعمال والنقابات العمالية وممثلي غرف الصناعة والتجارة ومنظمات المرأة والجمعيات الخيرية.
وخلال افتتاحها أعمال الورشة، تحدثت الدكتورة مي الطاهر، مديرة معهد بصر للدراسات، عن أهداف الورشة، وهو التدريب على أسلوب قراءة الموازنة العامة وفهم بنودها والتعليق عليها، بالإضافة الى التعرف على أهم ملامح مشروع الموازنة العامة المقترح لعام 2014، ووضع الآراء ووجهات النظر حوله، سعياً الى رفعها الى صناع القرار خلال الأسبوع المقبل.
وأضافت الطاهر أن اللغة المعقدة والجداول اللانهائية للموازنة العامة هي من أسباب عزوف المواطنين عن التعامل معها، مؤكدة أن عملية إعداد الموازنة العامة ينبغي أن لا تبقى حكراً على صناع القرار الحكومي، بحيث يتم إعدادها في الغرف المغلقة، ونظل كمواطنين مجرد متلقين لها من الأعلى الى الأسفل، دون أدنى دور في تقييم الموازنة ومكوناتها والانخراط في عملية إعدادها، ومراقبة تنفيذها من مختلف الأطراف والقطاعات ذات العلاقة.
وأكدت الطاهر تزايد الاهتمام مؤخراً لدى منظمات المجتمع المدني بالتأثير في عملية صياغة الموازنة العامة ومراقبة قنوات صرفها، ومدى التزامها بمعايير العدالة الاجتماعية والاستجابة لمعايير النوع الاجتماعي والتكافؤ بين المناطق والأقاليم والفئات المهمشة، لافتة الى أنه في ظل غياب الأدوات البحثية داخل السلطة التشريعية، فإننا نرى حاجة ماسة لتعاون مجلس النواب ولجانه وكتله المختلفة مع منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات، للتأثير في عملية مناقشة الموازنة العامة، قبل بلوغها مرحلة التشريع النهائي.
وفي مستهل حديثه عن الموازنة العامة، أوضح الدكتور خالد الوزني أنها إطار تشريعي يصدر بقانون، ويتقاسم مسؤوليتها السلطة التنفيذية التي أعدتها، والسلطة التشريعية التي تقرها، مضيفاً أن الموازنة العامة تقوم على توقعات النفقات والإيرادات العامة، وأن النفقات هي البند الحقيقي والثابت الوحيد في الموازنة، في حين أن الإيرادات تبقى متحركة ومعتمدة على تحقق التوقعات المرتبطة بها.
واستطرد الوزني أن المساعدات والمنح ينبغي أن لا تكون مؤكدة، فهي ليست مفروضة على دول العالم، ولكن الذي حصل هو أن الحكومات المتعاقبة تتعامل مع المساعدات وكأنما هي تحصيل حاصل وفي حكم الإيراد المتحقق، حتى انهم يحتسبون عجز الموازنة قبل المساعدات وبعد المساعدات، لافتاً الى أن نسبة العجز الى الناتج المحلي الاجمالي كان 4% في 2006 وارتفع الآن 16% قبل المساعدات.
وأضاف أن الموازنة العامة تضم موازنات 32 وزارة، الى جانب موازنة الوحدات المستقلة، مبيناً أن احتساب العجز الحقيقي يتم بجمع العجز المتراكم من الموازنتين الاثنتين، الموازنة العامة وموازنة المؤسسات المستقلة، منوهاً الى أن موازنات البلديات لا تدخل في الموازنة، كونها لها نسق مختلف بالرقابة والعمل والصرف.
وأوضح الوزني أن الموازنات يفترض أن تعنى بتوليد دخول أكثر، ووظائف أوسع، وفرص أكبر للشباب، مشيراً أن قطاع الخدمات هو أهم بند في الموازنة، فهو يشكل اكثر من ثلثي الموازنة، وهذا لا يعيب اي اقتصاد.
وحول الضرائب بين الوزني أن إيرادات الحكومة انخفضت 22% من قطاع الاتصالات، حيث أن الكثير من المواطنين غيروا من نمط استهلاكهم للاشتراكات الهاتفية والبطاقات الخلوية نتيجة الارتفاعات الهائلة في الضرائب على الاتصالات، موضحاً أن فرض الضرائب على شركات الاتصالات كان الأجدى اقتصادياً.
وتابع الوزني عن مراحل إعداد ومتابعة الموازنة العامة، موضحاً أنها أربع مراحل، هي إعداد الموازنة من قبل السلطة التنفيذية، وإقرار الموازنة من قبل السلطة التشريعية والقنوات الدستورية، وتنفيذ الموازنة من قبل السلطة التنفيذية، وأخيراً، مراقبة تنفيذ الموازنة من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية.
وبخصوص الموازنة ومجلس الأمة، أوضح الوزني أن مجلس الأمة يفترض أن يستلم الموازنة العامة قبل تاريخ 1/12 من كل عام، وأن المجلس هو آمر النفقة، وليس آمر الصرف، مستطرداً أن الدستور منح المجلسين صلاحية تخفيض النفقة وليس زيادة الايرادات، فلا يجوز للنواب تعديل أي ضريبة خلال المناقشة، والأصل أن يناقشوا سبل تخفيض النفقات. وأشار أنه لا يحق لمجلس الأمة زيادة أو رفع قيمة أي بند من النفقات بأي طريقة، فالدستور يمنع المجلس من اقتراح أو إلغاء أو فرض أو تعديل أي ضريبة خلال مناقشة الموازنة.
وانتقد الوزني ملاحق الموازنة معتبراً أنها تعكس خللاً في التقدير وتشوهاً في التخطيط، بل إنها أحياناً تصل الى ملايين من الدنانير كرواتب، فأين كانت هذه الأرقام عند تقدير الموازنة؟ وحول نسب النمو، أوضح أن الاستهلاك يفترض أن يكون هو الأساس في مؤشر النمو، مؤكداً أنه منذ عام 2001 وأرقام النمو في الأردن مبالغ فيها.
واقترح الوزني أنه لو قامت الدول الخليجية باستثمار مبلغ ثابت في الأردن لمدة أربع سنوات لكان افضل من المنح التي لا تخلق فرص عمل، موضحاً أنه ليس هناك أي مبرر لعدم إنفاق المنحة الخليجية الى حد الآن.
وعرض الوزني أهم ملامح الموازنة العامة لعام 2014، مبيناً انها تتضمن نمواً في الإيرادات المحلية بنسبة 12%، وارتفاعاً بالمنح الخارجية المتوقعة الى 1151 مليون دينار مقابل 982 للعام السابق، وزيادة النفقات الجارية بنحو 670 مليون وبنسبة زيادة قدرها 11%. منوهاً الى أن النمو 12% في الإيرادات المحلية هو غير منطقي ومبالغ فيه ولم يتحقق في الأعوام السابقة حيث قدر بنسبة 11,7% في عام 2013 ولم يحقق 10%، مشدداً على ان الانفاق فقط هو الثابت وأن المنح والمساعدات هي متوقعة ومبنية على وعود وهي ليست إيراداً. كما انتقد الزيادة في النفقات الجارية خاصة وأنها إسراف في الانفاق الجاري وليس بالرأسمالي.
وأثار مسألة أن 64% من عجز المؤسسات المستقلة هي خسائر شركة الكهرباء التي تبلغ 713 مليون دينار.
وجرى خلال الورشة تقسيم المشاركين الى ثلاث مجموعات عمل، تناولت الأولى مسألة إيجاد بدائل لزيادة جانب الإيرادات في الموازنة العامة، وأدارها الدكتور أكرم كرمول رئيس جمعية حماية المستثمر، فيما تناولت المجموعة الثانية وضع بدائل لتخفيض جانب النفقات في الموازنة، وأدارها حمزة الخزاعلة من غرفة تجارة الأردن، وتدارست المجموعة الثالثة سبل تمويل العجز في الموازنة، وأدارها النائب السابق الدكتور موسى الوحش.
ووضع المشاركون توصياتهم وملاحظاتهم على موازنة 2014، والتي شملت جوانب تتعلق بتأمين موارد مستدامة من الإيرادات، والتصدي لمسألة التهرب الضريبي، وسبل إنشاء المشاريع وخلق فرص العمل، وكيفية ضبط فصل النفقات، وإدارة المنح، ودور القطاع الخاص، والتصدي لمعضلة المؤسسات المستقلة، والشركات الخاسرة، والتعامل مع بدائل الطاقة، وأزمة الغاز المصري، وغيرها من التوصيات.
هذا وسيعقد معهد بصر للدراسات الأسبوع القادم جلسة عمل متخصصة لأعضاء مجلس النواب، للحديث حول موضوع الموازنة العامة قبل مناقشته تحت القبة، ولإطلاع المجلس على أهم توصيات وملاحظات مؤسسات المجتمع المدني على موازنة عام 2014.