0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

نيروز في طهران و«مساخر» في تل ابيب

في الوقت الذي انشغلنا فيه “بالعاصفة” الثلجية وتداعياتها على اجزاء من منطقتنا العربية، كان ثمة عاصفة سياسية تتشكل بحذر لاعادة ترسيم القوى والادوار والمصالح في هذه المنطقة.

في تفاصيل العاصفة الجديدة التي يُتوقع ان تجتاحنا في مطلع العام، تبدو ايران وهي تستعد للاحتفال بأعياد “النيروز” قد فوّضت للقيام بدور “المايسترو” لضبط الايقاع السياسي في الاقليم، وهو دور لعبته قبل نحو 34 عاما تحت عنوان “شرطي الخليج” اما الآن فتلعبه تحت عنوان “الفقيه المسلح”، كما يبدو ايضا ان “شيكات” الربيع العربي قد جيّرت بالكامل لاسرائيل، وبموجبها ستدفع الاطراف المعنية بالقضية الفلسطينية ما يترتب عليها من اقساط “تاريخية” لاقامة اعياد “المساخر” وانهاء الصراع على فلسطين او تصفيته تبعا للشروط الاسرائيلية.

بعد اتفاق “جنيف النووي” انتقلت الكاميرا الى “فرنسا” وهنالك جرت محادثات سرية بين مسؤولين ايرانيين واسرائيليين، كما جرت لقاءات بين اطراف عربية واسرائيلية، وفي الاثناء كانت جولات كيري في المنطقة قد حسمت الخطوط العريضة لاتفاق فلسطيني اسرائيلي فيما شهدت مسقط لقاءات بين اطراف من المعارضة السورية ومسؤولين في النظام.

حين تفكر بتجميع هذه الخيوط – وغيرها مما جرى في عواصم اخرى- تلاحظ ان المنطقة امام “صفقة” تسويات كبرى، بموجبها سيتم “ترضية” ثلاثة اطراف مهمة في المنطقة وهي: اسرائيل التي ستتمكن من فرض شروطها لانهاء “القضية” الفلسطينية، كما فرضت نفسها كقوة “مهيمنة” في المنطقة بعد تدمير الكيماوي السوري، وبعد اقصاء مصر وسوريا والعراق من منطقة النفوذ الاقليمي، وايران التي تمت تتويجها “فاعلا” اساسيا في المنطقة وضابط ايقاع للحفاظ على التوازن الاستراتيجي الذي نشأ بعد “مغادرة” امريكا للمنطقة وتوجهها من الاطلسي الى الهادي لمواجهة المد الصيني، اما الطرف الاخر فهو تركيا التي انكفأت مؤقتا ولترتيب اوضاعها الداخلية اثر الاستقطابات التي فرضتها استحقاقات “الانتخابات” القادمة في عام 2014.

اللافت هنا ان مثلث القوى الجديدة والقديمة في المنطقة  وهي اسرائيل وايران وتركيا ستحتاج –كما يرجح الخبراء- الى مد الجسور بينها “للتوافق” على معادلة جديدة قائمة على تبادل وتقاسم المصالح والنفوذ، فيما لا يوجد اية اشارة او ذكر لأي عاصمة عربية الا في اطارين: احدهما الصراع على الهوامش السياسية ومحاولة الحفاظ على الحد الادنى من الخسائر.. والاخر اطار  الهروب الى تل ابيب لاستباق اي اختراق ايراني في هذا الاتجاه او لخلط اوراق “الصفقة” لدرجة ان التقارب العربي الاسرائيلي الراهن اصبح لدى الكثيرين هو الخيار الوحيد “للحضور” حتى لو كان الثمن باهظا.

في ضوء هذه الوقائع الجديدة، يمكن ان نتصور مآلات الاحداث في عالمنا العربي سواء في سوريا التي يبدو ان النظام نجح في اقصاء المعارضة “المدنية” واسقاط “معسكرها” كما نجح في “شيطنة” الجماعات المسلحة وهو بالتالي سيذهب الى جنيف وبيده ورقة “طهران” وورقة السيناريوهات الثلاثة التي اشار اليها مؤخرا المدير السابق للمخابرات الامريكية حيث يبدو خيار “ابقاء” النظام –بالنسبة للغرب وحلفاء الاسد- هو الخيار المفضل، او في مصر التي يتوقع ان تستمر فيها مرحلة استنزاف “الدولة” واشغال الجيش، واضعاف الاسلاميين لوقت طويل بما يضمن خروج مصر نهائيا من معادلة “القوى” والنفوذ في المنطقة.  

من الملاحظ هنا ان ثمة “تغييرا” قد طرأ على موقف الدول الكبرى تجاه المنطقة سواء من جهة الادوار والقوة او من جهة المصالح، فبينما اكتفت امريكا بتعليق  “الجرس” في رقبة طهران للقيام بدور “الضابط” وانسحبت من الحروب واكلافها الباهظة، وخرجت من سطوة “النفط” الذي قيدها اتجهت روسيا والصين (الصين بحاجة الى النفط وروسيا بحاجة الى مرور الغاز) الى التغلغل اكثر وايجاد موطىء قدم في هذا الاقليم تضمنت لهما الحفاظ على مصالحهما الجيوسياسية، ومن اللافت هنا ان “خروج” امريكا الناعم ودخول روسيا والصين يصبان في مصلحة اسرائيل اولا وايران ثانيا وهما الدولتان الوحيدتان اللتان تسمح لها بامتلاك “النووي”.

باختصار، ثمة صفقة كبرى يجري الاعداد لها بتسارع، والخاسر الاكبر منها هو عالمنا العربي، وهي تستهدف اعادة ترسيم المنطقة على قاعدة “تقاسم” النفوذ والمصالح، وربما تكون عملية اجهاض الربيع العربي واعادة “الروح” للتنظيمات “الاسلامية” المسلحة، وانهاك المجتمعات العربية واشغالها بالصراع على الشرعية ودفع “العسكرة” الى المشهد السياسي، جزءا من المؤشرات “والعوامل ايضا” التي تؤكد فرضية القاء القبض على “روح العرب” وخنق الاسلام كباعث حضاري لهم، من اجل تمرير الصفقة التي ما كان  يمكن ان تمر لو اسفر الربيع العربي عن وجهه الحقيقي واثمرت ارادة الشعوب واقعا اخر لا تتسيده الدماء والصراعات واجواء الكراهية ايضا.