أُهزوجة الجيش العربي كانت تنطلق من العبدلي !
وكالة الناس – كتب.د عصام الغزاوي – بإستياء وحزن شديدين تابعت ما جرى نشره عن حفل عرس وتعري في بوليفارد العبدلي وعادت بي الذاكرة الى بداية الستينات، كنت وقتها حول العاشرة من عمري، نقيم في معسكر العبدلي وبجوارنا كانت مديرية التعبئة العامة، كنت أصحو قبل شروق الشمس على صوت جلبة الشباب القادمين من بوادي الوطن وأريافه الراغبين في التجنيد وهم ينتظمون في طابور المقابلات الشخصية والفحص الطبي، كان التسجيل في القوات المسلحة حُلم كل شاب فشعار الجيش العربي على الجبين كان يعني الرجولة والشهامة والكبرياء، شباب في عمر الزهور كلهم شوق لحمل البندقية والشهادة في سبيل الوطن، في مفهومهم، الإنتساب للعسكرية يعني إنك أصبحت مشروع شهيد تحت الطلب، لم يكن لدينا قضايا مصيرية سوى قضية فلسطين، وفلسطين أرض مقدسة وتطيب التضحية والشهادة لأجلها، عند الظهيرة بمجرد إعلان أسماء المقبولين للتجنيد كانت تُعقد حلقات الدبكة والغناء والزغاريد ليبدأ بعدها إلتقاط صور شخصية لهم بالزي العسكري، كانت بدلة عسكرية واحدة، شماغ واحد وعقال واحد وشعار واحد يتناوبون على إرتدائهم للتصوير وكان كل مجند يحمل بين يديه لوحة خشبية صغيرة سوداء يضعها على صدره يكتب عليها إسمه بالطبشورة ليجري بعدها نقلهم إلى معسكرات خو مصنع الرجولة للتدريب والتأهيل العسكري وبعد إنتهاء مدة التدريب الأساسية يتم توزيعهم على فروع أسلحة القوات المسلحة المختلفة، لم أكن أعلم في ذلك الوقت أن هؤلاء الشباب هم الأبطال الذين سيسطرون ملاحم البطولة والتضحية والفداء على أرض فلسطين، لم أكن أعلم أن الكثيرين منهم سينضمون إلى قائمة العز والشرف قائمة شهداء القوات المسلحة الذين إستشهدوا في ساحات الوغى ومعارك البطولة في حرب حزيران وحرب الإستنزاف وملحمة الكرامة وحرب رمضان، لقد اغفل طعم الهزيمة المُر قصص بطولاتهم ، ليتني كنت أدرك ذلك لقمت بتقبيل جباههم السمر وأياديهم التي حملت السلاح للذوذ عن الوطن وحماية الأرض والعرض، ما جرى في بوليفارد العبدلي هو احد الحلقات الممنهجة لإستهداف منظومة القيم والاخلاق، وتلويث تاريخنا وتدنيس طهر ارضنا. د. عصام الغزاوي.