عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

مشاهدات من بيروت

من بيروت الى جنوب لبنان،ساعتين،والطريق،تمر عبر صيدا،والقرى الجنوبية،التي مازالت اثار القصف الاسرائيلي واضحة على مبانيها،شاهد اثبات،على الاحتلال الاسرائيلي في مراحل،وعلى تدمير اسرائيل لالاف البيوت، خلال الحرب.

كنا هناك،للمشاركة في حفل تكريم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد،والسيدة على اعتاب الثمانين،هذه الايام،قامت بعمليات ضد الاحتلال الفرنسي في الجزائر مطلع الخمسينات،وتم الحكم عليها بالاعدام،لكنها خرجت من معتقلها الفرنسي بعد استقلال الجزائر.

معها في بيروت كانت «اليدا تشي جيفارا»،ابنة الثائرالمعروف،والبرلماني البريطاني «جورج غالوي»،وآخرون من شتى الاتجاهات.

طلبة الجزائر في المدارس كانوا يهتفون كل يوم في طابورهم الصباحي،ويقولون «امنا فرنسا» واول تعذيب حظيت به «بوحيرد» كان لحظة صراخها في طابور المدرسة وهي في الثانية عشرة من عمرها قائلة «امنا الجزائر» وكثيرون يعرفون «بوحيرد» التي قامت قناة «الميادين» بتكريمها،ضمن برنامج تكريم سنوي تحت مسمى «جدارة الحياة» اطلقته القناة هذا العام.

تتساقط الامطار طوال الطريق الى الجنوب،تستذكر التعبيرالشهير الذي يقول كل الدروب تؤدي الى الجنوب،وفي معتقل الخيام،الذي اعتقلت فيه اسرائيل مئات المناضلين اللبنانيين والفلسطينيين،يتوقف قلبك من فرط الحزن،اذ هنا تم تعذيب المئات،على يد العملاء من جيش لبنان الجنوبي،وباشراف ضباط اسرائيليين،وكأنك تسمع انينهم ونجواهم المتوجعة والمتوهجة حتى الان.

المعتقل الذي تم هدمه في قصف اسرائيل للبنان عام 2006،انتقاماً من الذكرى والدليل،مازال قائماً،ابى ان ينهدم بالكامل،ومازالت غرفه قائمة،وأحد الاسرى اللبنانيين يحكي لك عن فرادة اسرائيل في قهر البشر وتعذيبهم في زنازين انفرادية،وحبسهم لسنوات،في منطقة جبلية باردة جداً،والمنطقة قريبة من فلسطين،كيلومترات قصيرة،تفصلك عن اول الاحتلال.

 

في صباحات بيروت،خبر مفاجئ،اغتيال حسان اللقيس احد قياديي حزب الله،ويقال انه مسؤول الاستخبارات الخارجية للحزب،والحادثة تأتي بعد تفجير السفارة الايرانية في بيروت،واغتياله خضع للتوظيف السياسي،والقوى اللبنانية المتوّحدة ضد حزب الله اشاعت ان الاغتيال كان تصفية داخلية،لان اللقيس اعترض على تدخل الحزب في سورية،فيما الحزب ذاته اتهم اسرائيل بالعملية.

في قرية «مليتا» اللبنانية الجنوبية القريبة من فلسطين،حيث نشأت المقاومة اللبنانية،شواهد على الاحتلال،دبابات اسرائيلية مدمرة،الاف الخوذ العسكرية،والذخائر المتروكة لحظة الهروب الاسرائيلي،احذية الجند المغبّرة موزعة وتحكي قصص اقدام الغزاة.

في المتحف المقام،نماذج من اجهزة التجسس الاسرائيلي التي يتم منحها للعملاء،وحجمها يقترب من حجم جهاز الخلوي،ويقوم العميل بالابراق برسالته المشفرة الى ضابطه المسؤول،الذي يلتقط الرسالة عبر الاقمار الصناعية مباشرة،كنت اسأل اي «قلب آدمي» هو هذا قادر على الخيانة،مقابل حفنة دولارات؟!.

لبنان كله على كف تحول،فماجرى في سورية بشأن السلاح الكيماوي،وما جرى مع ايران بشأن السلاح النووي،سيرتد على لبنان،اما تعميد لقوة حزب الله وفرد لجناحيه في المنطقة،اتكاء على الصفقة الاقليمية،واما سيواجه تصفيات اقليمية على يد «قوى داخلية وكيلة» في لبنان،لن تسمح للحزب،بفرد عضلاته،وهذا يفسر تفجير السفارة الايرانية،واغتيال اللقيس،والحوادث مفتوحة.

لبنان الخاصرة الاضعف،في المنطقة،سيكون محطة لحسابات كل دول الاقليم خلال الفترة المقبلة،خصوصاً،ان القدرة على اللعب في لبنان،وتفجير الوضع الداخلي،قدرة متاحة في ساحة مفتوحة،وعناوين التفجير متعددة من المواجهة المذهبية السنية الشيعية،مروراً بمعارك السلفيين،وصولا الى استحقاقات الرئاسة اللبنانية،واي حوادث امنية متتالية سنراها الفترة المقبلة.

حزب الله الذي يميل مرات الى التسكين والهدوء،مثلما شهدنا ذلك اثر تهديد واشنطن لنظام دمشق بعد حادثة الكيماوي،يخرج عن طوره في مرات اخرى،وليس ادل على ذلك من اتهام نصر الله لدولة عربية بكونها خلف حادثة تفجير السفارة الايرانية في بيروت.

لعل السؤال يبقى ُمعلقاً،حول شكل حزب الله الداخلي،اثر مارأيناه من تحولات في المنطقة،وهو شكل لن يتم تركه للتشكل بمعزل عن لمسات الاخرين،وهي لمسات سياسية وامنية وعسكرية،ولاسقوف لها ابداً،وهذا يعني ان عام 2014سيكون حاسماً بشأن الحزب؟!.

في مغارة» مليتا «الممتدة مئات الامتار داخل باطن الجبل الشاهق،والتي كانت تستخدم مقراً للمقاومة اللبنانية،وفوق المغارة متحف مفتوح وسط الغابات،حول ما كان يفعله مقاتلو حزب الله،كنت اسأل داخل الانفاق:هل تخليد المقاومة يعني هنا،التقاعد المبكر للمقاومة،ام ان في التخليد والذكرى تغذية لذات الفكرة وادامة لها،والسؤال تجيب عليه الايام فقط؟!.

مابين بوحيرد،وجيفارا،ومقاتلي حزب الله،والاختلاف على قداسة معركتهم ضد اسرائيل،مقارنة بشراكتهم في سورية،ثم معارك السلفيين في طرابلس،وذكريات المقاومة الفلسطينية في بيروت والشقيف،ومخيمات اللجوء،وكل تلك الاجهزة الاقليمية والدولية التي تلعب في لبنان،فأننا سنقرأ بالتأكيد تكثيفا لصراع كل المعسكرات الاقليمية والدولية على هذه الساحة عما قريب.

العودة من جنوب لبنان الى بيروت،استغرقت ست ساعات،بدلا من ساعتين،لان المطر الغزير فاجأ اللبنانيين،واغرق انفاق السيارات،التي وقفت بأعداد لايحصيها البشر،لاتتحرك من مكانها،واللبنانيون،يدخنون السجائر داخل سياراتهم بهدوء بالغ،وكأنهم يقولون ان لا جديد ابداً في هذا المشهد،فهذا هو لبنان،سالك مرات،ومغلق في مرات.

على قمة جبال الجنوب،تتساقط الامطار،والامطارتساقطت على كل بلاد الشام،واذا كان الغيم في يمينك،والرعد في يسارك،والبرق في قلبك،تشكر الغيم اولا،لانه جاء بالمطر على كل المنطقة،ولم يعترف بقرارات التقسيم ولا سايكس بيكو،ولا بتأشيرات المطارات.

سالك مرات،ومغلق مرات…هذا هو لبنان.