مانديلا كما عرفته!
معرفتي به ليست كما يتوهم القارئ للوهلة الأولى، فأنا لم أره شخصيا في حياتي قط، لكن شأني شأن الملايين حول العالم، تابعناه وسمعناه ورأيناه على شاشات التلفزة، وفي مواقع الإنترنت، وقرأنا ما قال، فكان ما قاله جسرا بيننا وبين ما كان يدور في خلد الرجل، فعرفناه جيدا وأحببناه، وأعجبنا بفرادته وقوة عزيمته، فكان معلما للملايين وملهما لهم حتى صارت كلماته تشع حكمة وشحذا للهمم ..
من أقواله التي عرفناه بها، وظلت مصابيح تضيء طريق المناضلين، والساعين للحرية..
– من بيان صحفي للمؤتمر الوطني الإفريقي صادر في 26 يونيو حزيران العام 1961 :»من جانبي كنت صاحب الاختيار. لن أترك جنوب أفريقيا ولن أستسلم. الحرية لا تكتسب إلا من خلال المحن والتضحية والعمل الثوري. الكفاح هو حياتي. سأستمر في النضال من أجل الحرية إلى آخر أيامي.»
– خطاب ألقاه أثناء محاكمته بتهمة الخيانة في 20 ابريل نيسان 1964 : «طوال حياتي كرست نفسي لنضال الشعب الافريقي هذا. قاتلت ضد هيمنة البيض وقاتلت أيضا ضد هيمنة السود.
– لدى خروجه من السجن يوم 11 فبراير شباط العام 1990 : «أقف هنا أمامكم لا كرسول بل كخادم ذليل أمامكم أمام الشعب. ان تضحياتكم الدؤوب والتاريخية هي التي جعلت من الممكن ان أقف هنا اليوم. ولهذا أضع ما تبقي من سنوات عمري بين أيديكم.»
– أمام لجنة الامم المتحدة الخاصة لمكافحة التمييز في 22 يونيو حزيران 1990 : «ستظل جريمة التمييز العنصري الى الأبد آفة لا تمحى في تاريخ البشرية. ستتساءل الأجيال القادمة بالقطع: ما الخطأ الذي ارتكب حتى ينشئ هذا النظام نفسه بعد التصديق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ «ستظل الى الابد اتهاما وتحديا لكل رجال ونساء الضمير لأننا امضينا جميعا كل هذا الوقت لنقف ونقول «كفى.»
– في أول خطاب له كرئيس لجنوب افريقيا في العاشر من مايو ايار 1994 : «حان الوقت لمداواة الجراح…حان وقت تخطي الهوة التي فرقت بيننا. حلّ علينا وقت البناء.»
– من سيرته الذاتية : «رحلتي الطويلة من أجل الحرية» العام 1994 «لا يولد أحد وهو يكره شخصا بسبب لون بشرته او خلفيته او دينه. الناس يتعلمون كيف يكرهون واذا كان يمكن ان يتعلموا كيف يكرهون فيمكن أن يتعلموا كيف يحبون لأن الحب هو الأصل في قلوب البشر لا العكس.»
– في عيد الميلاد التسعين لولتر سيسولو وهو أيضا من أبطال مقاومة التمييز العنصري وقضى أكثر من 25 عاما في سجن جزيرة روبن وترأس بعض الوقت المؤتمر الوطني الافريقي يوم 18 مايو ايار 2002 : «ما يقدّر في الحياة ليس اننا عشناها بل ما احدثناه من فرق في حياة الآخرين والذي يحدد مغزى الحياة التي نعيشها.»
– من الفيلم الوثائقي (مانيدلا الاسطورة الحية) 2003 : «أعتقد ان الولايات المتحدة ثملت من القوة.»
– لدى اختياره سفيرا للضمير من قبل منظمة العفو الدولية العام 2006 : «مثله مثل الرق والتمييز العنصري الفقر ليس طبيعيا. الناس هم من صنعوا الفقر وتحملوه والناس أيضا هم من سيتغلبون عليه.»
– 1999 : «في اليوم الأخير من حياتي أريد ان أتيقن من ان من عاشوا بعدي سيقولون (هذا الرجل الذي يرقد هنا قام بواجبه من أجل بلده وشعبه).»
تلك مقتطفات صغيرة جدا من حياة رجل عرف كيف يعيش، وعرف كيف يترك أثرا في التاريخ البشري لا تمحوه الأيام، ولعل أهم ما نتذكره اليوم، تلك الرسالة التي بعث بها للعرب، بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، والتي لو عملوا بها ما حدث الذي حدث، ولأينعت زهرات الربيع كما نحب ونشتهي!
hilmias@gmail.com