0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

عناويـن أخرى للإصلاح

في العامين المنصرفين انشغلت “الدولة” بمحاولة تطويق الاحتجاجات المطلبية والسياسية، وكانت مضطرة لضبط  “مواعيد” مقرراتها واجراءاتها على ساعة “الربيع العربي”، آنذاك كان مفهوما أن يتقدم الإصلاح السياسي على اي تفكير “بالاصلاح” في المجالات العامة الأخرى.

الآن، تغيرت الصورة نسبا، فقد “هدأت” حراكات الشارع، وآثرت الحركة الإسلامية التي كانت تشكل “رأس الحربة” ان تعود الى كمونها انتظارا لأية مستجدات فيما ظهر واضحا ان “اداء” المؤسسات العامة تراجع، وازماتها الادارية والمالية تفاقمت، ناهيك عن “انكشاف” المستور بفضل عودة الوعي للناس، واستادة المجتمع لجزء من  “عافيته”.

لماذا لا نتحرك الآن الى احياء مشروع الإصلاح الذي توقف سياسيا في مجالات أخرى، خذ –مثلا- مجال التعليم، بشقيه الاساسي والعالي، في المدارس الخاصة والحكومية، وفي المناهج، والجامعات الرسمية والخاصة ايضا؟ من المفارقات هنا ان السبب الوحيد الذي “افزعنا” ودفعنا الى مراجعة “ملف” التعليم هو “العنف” الذي تشهده جمعاتنا، فيما لا احد يسأل عن كفاءة التعليم وعن واقع البحث العلمي وعن مديونية الجامعات الرسمية وعن “تغول” الجامعات الخاصة وعن الحريات الأكاديمية وعن “هرم” الجامعات وأغراقها بالإداريين وعن هروب الكفاءات العلمية للخارج… الخ، لا أحد يسأل عن  “التعليم” الذي يحتاجه مجتمعنا ولا عن “العلم” كقيمة بعد أن اصبحت الشهادة هي الهدف، ولا عن اخلاقيات الاستاذ والطالب، هذه كلها قد تكون في نظر البعض مجرد “تحسينيات” وكماليات لو لم يفتح علينا “العنف” ابواب السؤال كل مرة ويدفعنا الى التفكير من جديد .. “تسأل عن النتائج طبعا”.

لماذا لا نتحرك –ايضا- باتجاه “ملف الطبابة والصحة” في المستشفيات العامة التي نعرف جميعا اوضاعها، وفي المستشفيات الخاصة التي تحول بعضها الى “مولات” طبية، وعلى صعيد “الأدوية” وملفات الفساد فيها، والقانون الذي يحاسب على “اخطاء المهنة” بعد ان تعطل وأدرج في “الخزانة” المغلقة عن سابق قصد.

لماذا لا نتحرك لإصلاح “الإدارة” العامة، هذه التي تشكو من البيروقراطية والترهل وتعاني من الشللية والمحسوبية، ولاصلاح “اخلاقيات” الوظيفة العامة التي تراجعت –للأسف- بعد ان كانت الاستقامة والنظافة والاتقان من اهم ما انجزته تجاربنا في هذا المجال.

لماذا لا نتحرك باتجاه “اصلاح” اخلاقيات المجتمع، بعد ان تمددت صور “التفحش” في شوارعنا، واستقال كثير من شبابنا من مبادئنا وتقاليدنا، وانتشرت آفات المخدرات والانحرافات بين اجيالنا وأصبح “امننا” الاجتماعي مهددا بفعل غياب منابر التوجيه وانحسار الوازع الديني وانتشار انماط “التدين” المغشوش وغياب الرقيب وغضّ الطرف عن حالة “التسفل” التي اصابت مجتمعنا.

لماذا لا نتحرك –ايضا- لاصلاح “منظومة” الهوية التي تجمعنا “كأردنيين” بعد ان عصفت بنا “اهواء” الهويات الفرعية، واوهام الانتماءات “القاتلة” وبعد ان اختزل الانتماء في اناشيد والوطن في “منافع” وخضع المجتمع لعمليات قسرية للتقسيم على اساس العشيرة او المدينة او غيرهما واصبحت “المواطنة” مجرد شعار للتعريف لا للتطبيق.

لماذا لا نتحرك ايضا باتجاه اصلاح “مؤسساتنا” الدينية التي يقع على مسؤوليتها “انتاج” التدين الصحيح، وبناء الوازع الديني في المواطن كأساس لبناء الوازع الوطني، الا تحتاج منابرنا الى اصلاح الا يحتاج خطابنا الديني الى تطوير، الا يمكن ان يكون “الاستثمار” في التدين افضل من “الاستثمار” في الطرب واللعب وما هو اقل منهما ايضا.

باختصار، ثمة مجالات كثيرة تحتاج الى “الاصلاح” وهو هنا اولوية تتقدم على “انشغالاتنا” في ميدان السياسة، لانه يتعلق “بالمجتمع” وركائز الوعي فيه، ولأن بناء “الانسان” مقدم على بناء الاحكام واقامة العمران.. لكن للأسف ثمة من لا يريد ان يتحول “الاصلاح” الى فعل وعمل، حتى لو كان في ابسط المجالات؛ لأن ذلك يفتح اعين الناس على الموضوع ويدفعهم الى طلب المزيد.. نتصور..