0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

نحن والأزمة السورية … بعيداً عن لغة «الثوابت»

خارج إطار “العموميات” ولغة “المبادئ” و”الثوابت”، يصعب على المتتبع للخطاب الرسمي الأردني أن يعثر على إجابات شافية لأسئلة نصطدم بها كل يومٍ تقريباً، ونحن نلتقي صحفيين وباحثين ودبلوماسيين مهتمين بالأزمة السورية، وبالأخص ما تعلق بالموقف والدور الأردني من هذه الأزمة وحيالها … فيما صحف “الخارج” من عربية ودولية، تذهب في كل الاتجاهات، وتنشر من الأخبار والتقارير ما نعجز عن فرز غثِه من سمينه، ما يزيدنا حيرة على حيرة.

صحف لبنان أدخلت إلى التداول مؤخراً، وهي تتحدث عن معارك الغوطة وريف دمشق والمحافظات السورية الجنوبية، مصطلحاً جديداً: “مجموعة الأردن”، في وصف بضعة آلاف من المقاتلين، يُقال إنهم تلقوا تدريبات في الأردن، وبتسليح وتمويل سعوديين، وبإشراف خبراء أمريكيين … هؤلاء وفقاً للصحف ذاتها هم الذين شنوا هجوماً مضاداً لفك الطوق المضروب على الغوطة الشرقية، في مسعى لتهديد العاصمة السورية قبل انعقاد “جنيف 2”.

لكن بعض هذه الصحف، عاد لينفي الخبر جملة وتفصيلاً، وليؤكد أن ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف مقاتل يتبعون النصرة والجيش الحر وداعش، كانوا منتشرين أصلاً في ريف دمشق الجنوبي، ولم يأتوا من الأردن، وأنهم هم من قام بالهجوم الذي كان مخططاً له من قبل، على أن يتزامن مع “الضربة العسكرية الأمريكية” لسوريا في أعقاب استخدام الكيماوي في الغوطة في الحادي والعشرين من آب/ أغسطس الفائت … أَمَا وأن الضربة الأمريكية لم تقع، فقد تأجل الهجوم حتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

الطريف في الأمر، أن المصادر التي تتحدث عن “مجموعة الأردن” هي ذاتها التي تزعم بأن الأردن على صلة تنسيقية مع النظام السوري، وأن معلومات وصلت إلى دمشق من عمان، حذرتها مسبقاً من الهجوم على العاصمة السورية، ما يعني أن الأردن يسمح بدخول المقاتلين المعارضين تحت ضغط سعودي، ليقوم بتبليغ النظام عنهم وعن تحركاتهم تحت ضغط مصالحه الوطنية وحساباته الأمنية … هكذا يقال وبصورة شبه حرفية في أكثر من وسيلة إعلامية.

أما عن “غرفة العمليات المشتركة” التي تدير عمليات المعارضة السورية المسلحة من درعا حتى أطراف دمشق، فحدّث ولا حرج … سيل المعلومات بشأنها لا ينقطع، تارة يجري الحديث عن “غرفة” أمريكية – أردنية – سعودية، وأخرى تُضاف إليها دول أخرى عربية وإقليمية وغربية، وثالثة، يجري تداول اسم إسرائيل في هذا السياق، التي يُقال إنها نقلت صوراً وخرائط جوية للمعارضة عن مواقع انتشار النظام وقواته في الريف الدمشقي والغوطتين، ودائما ما يرتبط الأردن بكل هذه التحركات، بوصفه بلداً مضيفاً لها أو شريكاً فيها.

نائب وزير الخارجية السورية، وفي حديث مع قناة الميادين، تحدث عن “المجموعة الأردنية”، وهو إذ أبدى تفهماً للضغوط التي يتعرض إليها الأردن، إلا أنه لم يتردد في توجيه تحذير من التعرض للخطر بفعل ارتدادات دعم المعارضة المسلحة (الإرهاب)، الوزير تحدث عن لقاءات وزيارات غير معلنة قام بها للأردن للبحث في هذا الشأن.

والحقيقة أن اكتفاء الناطقين باسم الحكومة والخارجية بإيجاز “المواقف المبدئية والثوابت” ما عاد كافياً لشرح الموقف وتحديد الموقع، وتبديد الالتباس والإجابة على هذا الغيض من فيض من المعطيات والمعلومات.

سياسياً، نحن نعرف أن الأردن يؤيد بقوة مسار جنيف الحوار والتفاوضي والسلمي لحل الأزمة السورية، لكن ليس كل حلفاء الأردن يقفون الموقف ذاته، بعضهم  يجاهر برفضه ويعمل سراً وعلانية على اسقاطه على الأرض وفي الميدان … أين نحن من هؤلاء؟ … أين نلتقي وأين نفترق معهم، في السياسة وعلى الأرض؟

ميدانياً، نحن نعرف أن الأردن يقلق ويتحسب من انتشار القوى الأصولية والجهادية في سوريا، وانه يقوم بخطوات وإجراءات لضبط حدوده والذود عنها … من الصعب انتظار “مئة بالمئة من النتائج”، لكن السؤال هل بذلنا “مئة بالمئة من الجهد”؟ … هل ينسحب موقفنا الحذر من القاعدة وتفريعاتها على بقية أطراف المعارضات المسلحة من جيش حر وآخر “إسلامي”،  هل نفكر بإعادة انتاج تجربة الصحوات العشائرية في الأنبار سورياً، وبأية أدوات ومع أية شراكات وتحالفات؟  في حسابات الأمن الوطني، أيهما يأتي أولاً: الاقتصاد واحتياجاته أم محاربة التطرف المسلح ومندرجاته؟ … أين الحقيقة في كل ما يُقال ويُنشر، مما يزيدنا تشويشاً على تشويش؟

نقدر صعوبة السير في حقل من الألغام من دون “خرائط” … ونتفهم محاولات تأجيل لحظة الاختيار بين سيناريوهات أحلاها شديد المرارة … بيد أننا نقترب من لحظة الحقيقة والاستحقاق … فالعالم اليوم، وبالأخص الإقليم من حولنا، يتجه نحو عصر التسويات والصفقات الكبرى.