الأسد: نحن في حالة حرب مفتوحة مع السعودية
وكالة الناس –
أعلن الرئيس السوري بشار الأسد ان استمرار دعم السعودية للمجموعات “الارهابية” سوف يؤخر حل الازمة، مضيفا “أنهم اليوم يستمرون في معركة إرهابية مفتوحة ضد سورية، ونحن الان نقول صراحة إننا في حالة حرب معهم”.
جاء خلال لقاء مع وفد من قيادات حزبية وسياسية من دول عربية في المغرب والمشرق، على هامش مؤتمر الاحزاب العربية الذي عُقد في سورية قبل عشرة ايام. وقد تحدث احد القادة الحزبيين في المغرب العربي لـ”الأخبار” اللبنانية عن الاجتماع.
وردا على اسئلة عن واقع ما يجري في سورية نقلت “الاخبار” عن الاسد قوله “نحن تعرضنا لحرب كبيرة، وكان علينا ان نركز في المرحلة الاولى على الصمود، وهذا ما فعلناه في السنة الاولى، ومن ثم انتقلنا الى مرحلة الانتصار على الاعداء. هناك تجارب في التاريخ القريب، منها ما حصل مع المقاومة في لبنان، التي صمدت طوال سنوات طويلة، ثم حققت انتصارات كبيرة عامي 2000 و2006. ونحن نعرف منذ البداية ان المعركة تستهدف قرارنا المستقل، لكن هذا القرار المستقل كان سببا رئيسيا في صمودنا وفي انتصارنا، برغم اننا نقدر الدعم الذي تلقته سورية من حلفائها، ولبعض الحلفاء دور محوري، مثل روسيا التي تقف الى جانبنا لان مصالحها مهددة ايضا. وانا سمعت مباشرة من القيادة الروسية ان وقوفهم الى جانب سورية هو للدفاع عن موسكو لا عن دمشق فقط”.
واضاف “أن الوقت المطلوب لانهاء الازمة في سورية مرتبط الى حد بعيد بالدعم والتمويل القائمين للمجموعات المسلحة من قبل اطراف فاعلة في المنطقة”، موضحا “أن السعودية وغيرها داعمون بقوة الارهاب، وهم نشروا عشرات الالاف من التكفيريين في البلاد، ووصل الامر بالسعودية الى دفع اكثر من الفي دولار راتبا شهريا لكل من يحمل السلاح معهم. ثم هناك مشكلة اخرى تتعلق بعملية تسلل عناصر القاعدة عبر الحدود مع العراق. وهذا أمر تعمل السلطات في بغداد على مكافحته، لكن الامر ليس ناجزا تماما. وبالتالي، فان وقف الدعم السعودي سوف يكون له تأثير حاسم، وخصوصا ان المسلحين ومَن هم خلفهم فوجئوا بقدرات جيشنا في مواجهتهم. والآن، نعرف كما كل العالم، ان القاعدة لا تمثل خطرا على سورية فقط. ونحن نأمل حلولاً منطقية خلال الشهور المقبلة، لكن الامر يظل مرتبطا ايضا بقدرتنا على مواجهة هؤلاء، ونحن مصرون على مقارعتهم حتى النهاية”.
وتابع الأسد “إزاء ما هو قائم على الارض، نحن لا نعتقد بامكانية عقد تسوية قريبا. وطالما استمر ارسال المقاتلين والاسلحة والاموال عبر الحدود الى سورية، فلن نتوقف عن مطاردتهم، ولن يكون بمقدور احد في العالم منعنا من القيام بحقنا في الدفاع عن بلدنا. ثم إننا لا نجد اليوم ما يمكن ان نتفق عليه في جنيف، وخصوصا أن البعض واهم بأننا سوف نذهب الى هناك لتسليمهم السلطة، واذا كان هذا ما يريدونه، فليأتوا الى سورية كي نسلمهم السلطة (هازئاً). ثم إنهم إذا قرروا تعيين رئيس الائتلاف المعارض احمد الجربا رئيساً، فهل هم يعتقدون انه يقدر على القدوم الى سورية؟”.
وأوضح الاسد ان السعودية “تقود اوسع عملية تخريب مباشر لكل العالم العربي، والسعودية قادت دول مجلس التعاون في معركة ضد كل الدول والجهات التي تقف في وجه اسرائيل. لقد وفر السعوديون الغطاء لاتفاق كامب ديفيد، كما دعموا الحرب على لبنان عام 1982، وهم اليوم يستمرون في معركة ارهابية مفتوحة ضد سورية، ونحن الان نقول صراحة إننا في حالة حرب معهم. صحيح اننا سايرناهم سابقا، لكنهم يريدون كل شيء وفق تصورهم ووفق مصالحهم”.
وعن موقف الدول الغربية الداعمة للمعارضة السورية المسلحة، قال الاسد: “لا يزال الغرب الاستعماري يتصرف بعقلية المغرور، هم يتصرفون كأن آخر عشرين سنة لم تمر، هم يتجاهلون هزيمة اميركا في العراق، وهم يتصرفون كأن الاتحاد السوفياتي سقط بالامس”.
اما عن وضع العالم العربي ومؤسسة الجامعة العربية، فقال الاسد: “اذا بقيت الجامعة تحت تأثير وسلطة انظمة متخلفة كما هي حال دول الخليج العربي، فلن يكون لها أي دور وأي فعالية. ومع ذلك فان الدول العربية ليست كلها منزوعة الاستقلال”. وأضاف: “اليوم يقف في العراق رجل شجاع مثل الرئيس نوري المالكي. لديه مواقف مهمة، برغم ان دولته ممزقة ويعمل كثيرون على تدميرها. حتى الجزائر يمكن اعتبار موقفها متقدم على غيرها، والاهم اليوم الالتفات الى ما يجري في مصر. نحن نرى كما بقية العرب ان في القاهرة اليوم من يقول لاميركا بصراحة وبصوت مرتفع “لا علاقة لكم بالشأن الداخلي لمصر”، وهذا موقف مهم ويجب دعمه”.
وتحدث الاسد عن واقع الاحزاب في سورية وفي العالم العربي، مشيرا الى ان “الفراغ هو احد اسباب انتشار التكفيريين، لكن السبب يتعلق ايضا بان هذه الاحزاب لم تجدد نفسها، وهي لا تزال ضعيفة، ونحن مهتمون كدولة بتعزيز هذا العمل لا كحزب، كما اننا نراقب انعكاس صمود سورية على الواقع العربي عموما، وخصوصا في المغرب العربي، الذي نخشى اخضاعه لحكم حلف الاطلس”.
وقال الأسد “هذا يفرض مقاربة جديدة لواقع المؤسسات الدينية، لكنه يتطلب اساسا دعم الدولة المدنية على اساس المواطنة. جيل اليوم عرضة لعملية تجهيل كبيرة. والجيل الذي سبقنا كان وعيه اكبر، وعملية التجهيل هدفها ابقاء العالم العربي في حالة من التخلف. واريد ان اذكركم بان الغرب لا يريد لنا التطور ابدا. واتذكر انه عندما زارني وزير خارجية اميركا عام 2003 كولن باول، ونقل شروط بلاده على سورية بعد احتلال العراق، كان يريد منا على نحو خاص عدم استضافة اي عالِم عراقي. رفضنا طلبه، فعمدت استخبارات اميركا واسرائيل الى تصفية عدد غير قليل من هؤلاء العلماء. وهم اليوم يريدون القضاء على الادمغة في ايران”.
لكن الاسد لفت في المقابل الى تجدد حالة الوعي عند شعوب عربية كثيرة، متحدثا عن ان رفع صور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في كثير من التظاهرات العربية اشارة الى ذلك.
وأضاف: “نحن لسنا في مواجهة الدين، لكننا لسنا مع اقحام الدين في كل تفاصيل الحياة اليومية للناس. حتى إننا نحن، وكعلمانيين اقررنا في دستورنا دورا للدين، وقلنا صراحة إن الشريعة هي مصدر للتشريع. لكننا نرفض اي تسييس للدين بالمعنى الذي يقود الى نتائج سلبية. ولنأخذ مثلا يدل على ان الموقف ليس من الدين، فهذا حزب الله في لبنان. هو حزب عقائدي يستمد افكاره من الدين. الا اننا لا نختلف معه في الامر السياسي. وهذا مؤشر على انه ليس لدينا موقف مطلق من الاديان، لكننا نرفض كل قوة دينية تعمل وفق فكر تكفيري او وهابي”.
وتابع الأسد “لذلك نحن نقول إننا لا نتعامل مع الاخوان المسلمين على هذا النحو. وانا اعتقد انه ليس بمقدرو سورية ان تتحمل هذا الفريق. هؤلاء لم يعطونا نموذجا ايجابيا في كل المراحل. وهم ينطلقون من موقف مذهبي، وإلا فما هو تفسير موقفهم المعادي لحزب الله. وهم يقبلون التلون السياسي في كل الملفات. وهم يستخدمون اللغة المذهبية من اجل تسعير الفتننة السنية ـــ الشيعية”. واضاف: “سورية كما ايران كما حزب الله يراعون الكثير من الظروف منعا لتعميم الفتنة. حتى مقاربة الوضع في البحرين تجري بحذر كبير لهذا الغرض”.