ممنوع فعل الخير لغزة!
لا يعرف ما تعانيه غزة إلا من حاول أن يمد لها يدا، أو من اكتوى بنار الحصار الذي لا نعرف له مثيلا في تاريخنا المعاصر!
منذ فترة هاتفني «فاعل خير» بعد أن قرأ مقالي عن الحصار وما آلت إليه الأحوال بعد أن حلت على غزة «خيرات» النظام المصري، وقال لي ان لديه الف دينار يريد أن يوصلها لمحتاجين في غزة، اكبرت موقف الرجل، وحرت في أمري، كيف اوصل هذا المبلغ لمستحقيه، والطرق غير سالكة، والمزار بعيد؟ وسرعان ما اتصلت بعد حين بإعلامي زميل، يتواصل معي عبر فيسبوك، وأخبرته بالحكاية، ولحظتها فقط، خطر في بالي خاطر، قلت له: ارجو ان ترسل لي أسماء أربعة من أكثر أرباب الأسر حاجة وفاقة وضيقا، كي نرسل لكل منهم مائتين وعشرين دينارا، عبر أكثر الطرق «قانونية» و «شرعية» كي لا نتهم بأننا نساند ما يسمونه «الإرهاب» واشترطت على زميلي ان يختار من المرشحين لاستلام المبلغ من هم في حاجة بغض النظر عن اي انتماءات سياسية، وبعد حين تم لي ما أردت، ومررت الأسماء لفاعل الخير، ولم يقصر، فقد حول لكل منهم المبلغ المرقوم، عبر بنكه إلى بنك غزة، وابلغني بذلك، وابلغنا المعنيين لاستلام «حصصهم» إلى هنا والحكاية تسير سيرا جيدا، الى ان هاتفني فاعل الخير، الذي لم أعرف اسمه حتى الآن، واخبرني بالتالي:
لم يستطع اي من الأشخاص استلام مبلغه، والسبب ان البنك طلب منهم اشتراطات ليس بوسعهم ان يوفروها، والسبب كما يبدو» امنية او تعليمات، او لا أدري، لكن ما ادري هو ان ثمة ما يحول دون استلامهم هذا المال، لأن المطلوب كما يبدو قتلهم جوعا وهمّا وحاجة، كما هو شأن من يغلق أنفاقهم ويغلق معبرهم، فيما تتعهد «إسرائيل» بالباقي، عبر إغلاق سمائهم وبحرهم وبرهم!
سألت: وما السبيل للإفراج عن أموال هؤلاء؟ قال لي فاعل الخير، انه ذهب للبنك لوقف التحويلات، فرفضوا، وقيل له أنه ليس بوسعه وقفها على الإطلاق، لأنها لم تعد له، والعمل؟ هكذا سأل، فقيل له ان على من حولت لهم الأموال «الطائلة!» أن يبلغوا بنك غزة أنهم لا يريدون استلامها وأن يطلبوا منه اعادتها إلى مصدرها!
تخيلوا معي، أي مأساة وأي كوميديا سوداء تعيشها غزة، كأنها أرض قدت من جهنم، حتى «تحظى» بكل هذا التواطؤ اللعين، من العدو وذوي القربى والأخ الشقيق!
هذه شهادة، أقذف بها في وجه كل من يستطيع أن يفعل شيئا لنجدة غزة ويتوانى عن ذلك، خاصة أولئك «الإخوة» الذين صبوا جام غضبهم على غزة، وفاقوا في ذلك بشاعات العدو الصهيوني!