عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

خطيئة تاريخية وخطأ جغرافي!

للمرة الرابعة أو الخامسة منذ صدور كتابه مكان تحت الشمس، يستخدم نتنياهو عبارة الخطأ التاريخي لوصف مواقف دولية أو اقليمية فيها خروج عن بيت الطاعة اليهودي، وبالأمس وصف التفاهمات الدولية مع ايران حول مشروعها النووي بأنها خطأ تاريخي، لأن العالم كما يريده هو ليس عربة يقودها حصانان فقط تحمله الى حيث يريد، بل يريد من المجتمع الدولي كله أن يتحول الى زحافة يجرها قطيع من الكلاب كتلك التي تستخدم في الاسكيمو.
  والحقيقة ان عبارة خطأ أو خطيئة تاريخية استخدمه المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي عندما زار فلسطين لأول مرة وكان يقصد به المشروع الاستيطاني، لهذا فالخطيئة التاريخية هي التي  أنجبت نتنياهو مثلما أنجب الخطأ الجغرافي خريطة مزورة، أعيد رسم تضاريسها بالدّم.
التفاهمات الدولية مع ايران بعد الانفراج النسبي الذي شهدته علاقات طهران بالولايات المتحدة وأوروبا بعد فوز بالرئاسة لا تروق لنتنياهو على الاطلاق، لأن رهانه هو مواصلة حصار ايران وعزلها دولياً ولعله يرى بأن ما حدث من انفراج نسبي سيعكس المشهد بحيث يصبح هو الأشد عزلة، فالولايات المتحدة كما يشتهي يجب أن تكون الخادم الأمين لسياسته وتسخر كل امكاناتها وحروبها لحساب أجندته، بحيث يكون دافعو الضرائب الامريكيون وضحايا الحروب قرباناً لاسترضاء اسرائيل، وما حدث هذا الاسبوع يؤشر اختلافاً بين واشنطن وتل ابيب وهو اختلاف مرشح لأن يصبح خلافاً، ومنذ فترة بدأ بعض الاستراتيجيين الامريكيين يكتبون عن اسرائيل باعتبارها عبئاً سياسياً وأخلاقياً واقتصادياً على الولايات المتحدة، إذ لا يمكن ان تبقى امريكا المتعهد الدولي والرسمي بدءاً من الفيتو لصالح اسرائيل، وقد يرى بعض المراقبين ان هذا الخلاف قد يصبح قابلاً للتطويق خصوصاً خلال الشهور الستة القادمة التي تكون فيها تفاهمات امريكا مع طهران تحت المجهر وقيد الاختبار.
إن من يطلق صفة الخطأ التاريخي يتناسى أنه من افرازات خطيئة تاريخية ساهمت فيها دول وامبراطوريات قبل ان تبلغ خريفها وما حالة العصاب والتوتر التي يعبر عنها نتنياهو في تصريحاته المتعاقبة إلا نتاج شعور عميق بالعزلة، وبأن العالم لم يعد قابلاً للتدجين في الحظيرة الصهيونية كما كان!
إن خطايا التاريخ تنتقل بالضرورة الى الجغرافيا، وحين يتم السطو على بلد وشعب ويغير حتى اسمه ويزور تاريخه فان معنى ذلك ان هناك تواطؤاً عالمياً على هذه الخطيئة، لكن الرهان الصهيوني على استمرار غيبوبة الضمير العالمي بدأ بالخسران وشعوب هذا الكوكب التي كابدت الاحتلالات والقرصنة والسطو شبت عن الطوق وبلغت رشدها الأخلاقي..
وقد عبرت هذه الشعوب في مختلف المناسبات عن تجريم اسرائيل لأن المذابح لم تعد سرية، وأصبحت الميديا تفتضحها بحيث تحالفت الصورة للمرة الثانية بعد حرب فيتنام مع الضحية.
وما تنبأ به ماكلوهان قد تحقق بالفعل، فهل يحق لنتاج الخطيئة التاريخية أن يصف أي موقف يزعجه بالخطأ؟!