نساء الأردن في المقدمة
أحدث الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة تومسون رويترز وشمل اثنتين وعشرين دولة عربية، حول المشهد النسائي العربي، ما يشبه الصدمة لدى كل من اطلع عليه خاصة من النساء، واستمعت وقرأت فيضا من التعليقات التي تحاول أن تفسر سر مكانة المرأة المتدنية في بلاد العرب، وعجبت من بعض الموتورين والموتورات ممن حمل الإسلاميين وزر هذه المكانة، خاصة في بلاد الربيع العربي!
الاستطلاع كشف ان ثلاثا من بين الدول الخمس التي طالتها انتفاضات الربيع العربي منذ عام 2011 – تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا – احتلت المراتب الأخيرة ضمن قائمة الدول العربية التي تراجعت فيها حقوق المرأة، فقد احتلت مصر – طبقا للاستطلاع – المرتبة الأخيرة على القائمة بعد كل من العراق والسعودية. وجاءت كل من اليمن وسوريا في المرتبتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة على التوالي. المفاجأة الكبرى جاءت بوضع جمهورية جزر القمر – حيث تتولى المرأة 20% من الحقائب الوزارية – على رأس قائمة الدول العربية من حيث مدى احترامها لحقوق المرأة. تلتها كل من عمان والكويت والأردن ثم قطر، وهو امر يحسب للأردن ونساء الأردن، اللواتي حللن في مرتبة متقدمة ولا باس بها، في رأس القائمة.
كثيرون شككوا في نتائج الاستطلاع، وأطلقوا فلسفات فارغة وسخفوه، ومهما كانت صدقيته، إلا انه يحمل دلالة ما يتعين عدم المرور عليها بلا اهتمام، علما بأن الاستطلاع استندت نتيجته الى تقييم 336 خبيرا في حقوق المرأة لمدى احترام الحكومات العربية للبنود الأساسية الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إضافة الى مدى انتشار ظاهرة العنف ضدها وتمتعها بحقوقها في الإنجاب، ونوع المعاملة التي تلاقيها داخل أسرتها، ودورها في السياسية والاقتصاد، ما يعني أنه جاء نتيجة الاحتكام إلى معايير محددة، ولم يستند إلى إنشاء لغوي، او انطباعات بلاغية!
أكثر ما لفت الانتباه في الاستطلاع مدى السوء التي تتمتع به المرأة المصرية، حيث عزا الاستطلاع احتلال مصر المرتبة الأخيرة لوضع المرأة المصرية «السيئ للغاية» حسب رأي الخبراء في معظم مجالات احترام حقوق المرأة ومنها انتشار التحرش الجنسي وختان البنات (الدراسة قالت ان 99.3% من النساء تعرضن للتحرش في حين ان اكثر من 91% خضعن للختان!) طبعا إضافة تصاعد ظاهرة استغلال النساء وتراجع الحريات منذ انتفاضة عام 2011، وهنا ثمة ما يقال، فقد انتج الإنقلاب العكسري وويلاته حالة من الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان عموما وللمرأة عموما، انعكست في التقرير، ولا شأن لحكم الإسلاميين بهذا، ومقارنة سريعة لحال مصر بين مرحلة الحكم المدني والحكم العسكري، تظهر الحال الذي وصل غليه المجتمع، في ظل الحكم العرفي!
وبشأن العراق الذي احتل المرتبة الحادية والعشرين أشارت الدراسة إلى أن البلاد أضحت اليوم أخطر مما كانت عليه تحت حكم صدام حسين، من حيث العنف الذي تتعرض له المرأة. وعزا الخبراء احتلال السعودية المرتبة العشرين لعدم مشاركة النساء في السياسة ومنعهن من قيادة السيارات وفرض موافقة ولي أمرهن للعمل أو السفر، والتمييز ضدهن في أماكن العمل، بالرغم من التقدم الذي حققته المملكة في مجال فرص التعليم للنساء وتمتعهن بالرعاية الصحية، وحقوقهن في الإنجاب وتقلص درجة العنف ضد المرأة. أما في سوريا وهي رابع أسوأ دولة عربية – وفقا للاستطلاع – فقد تضررت حقوق السوريات بشدة وسط حرب أهلية عشوائية مستعرة منذ أكثر من ثلاثين شهرا، حيث ارتفعت معاناتهن وأضحت الأرامل يلعبن دور الرجل في إعالة أبنائهن!