أهم سلف غير صالح؟
نحبهم في الله، ونكرههم فيه، ولكم دافعنا عنهم ولم نزل، فهم طيبون وبريئون في المجمل، لكنهم يمتثلون لمرجعيات، الله وحده يعلم لمن ولاؤها، أللجهل أم لمن يدفع، أم لمفاهيم واستنباطات هجينة غريبة، أم لأئمة يستدعونهم من التاريخ دون «تحديث» وعصرنة، أم لنصوص متوارثة تحتاج لتمحيص ونظر علمي جديد؟
حين نستعرض أدوارهم في مختلف بلاد العرب والمسلمين، نصاب بالرعب مما حل ومما يمكن أن يحل بأي أرض يحلون فيها، في تونس مثلا يناهضون حكومتها الوطنية المنتخبة، بل أدخلوا إليها مفردة الاغتيالات والعمليات «الجهادية!» ضد عدو موهوم، في ليبيا حولوها إلى ساحة قتال بيني عبر تشكيلات مسلحة تدين بالولاء لأمراء حرب جدد، في مصر تحالفوا مع من انقلب على الشرعية، وفي سوريا وما أدراك ما سوريا، ها هم بدأوا معركة «سلفية – سلفية» لا ندري إلى أين ستصل، فقد أعلن أبو بكر البغدادي، أمير تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش)، التابع لتنظيم القاعدة، في تسجيل صوتي منسوب له رفضه الامتثال لقرار أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، إلغاء تنظيم «داعش». الظواهري أعلن في تسجيل مرئي بثته فضائيات عربية، في وقت سابق ، «إلغاء دولة العراق والشام الاسلامية»، معيدا تعيين أبو بكر البغدادي أميرا لـ»الدولة الإسلامية في العراق» وأبو محمد الجولاني يبقى أميرا لـ «جبهة النصرة» في سوريا، لمدة عام كامل. وفي السياق يعلن زعيم تنظيم القاعدة أن البغدادي «أخطأ» في إعلان «الدولة الإسلامية في العراق والشام» عبر ضم كل من «جبهة النصرة» و»الدولة الإسلامية في العراق»، بدون مشورة قادته. لم يتأخر رد البغدادي على الظواهري، حيث قال في تسجيل صوتي منسوب له وبثته مواقع جهادية تابعة لتنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت: «أزف بشرى(!) لأهالي العراق والشام بأن أبناء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام باق، ولن نتساوم أو نتنازل عنه حتى يظهره الله – تعالى -». وقال أيضا بأن «داعش دولة المهد أعدها الشيخ أبو مصعب الزرقاوي (مؤسس فرع تنظيم القاعدة في العراق وقتل في 2006) لن تصغر ولن تنكمش»، لافتا إلى أن للتنظيم «مؤاخذات شرعية ومنهجية» على الرسالة (التسجيل المرئي) التي نسبت إلى الشيخ أيمن الظواهري حول إلغاء تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام، وتابع قائلا «بعد مشاورة مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق والشام من المهاجرين والأنصار اخترت أمر ربي في مخالفة أمره بالرسالة والمواصلة في طريقنا»!
ما جرى ويجري بين السلفيين في سوريا وغيرها، مثال حي لما يفعله هؤلاء في أي ساحة يحلون فيها، حيث يتحولون إلى قنابل موقوتة، تنفجر في وجوه بعضها البعض، وفي وجوه أناس بريئين لا شأن لهم لا بحرب ولا بسلم، وكل هذا وهم يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله ويمتثلون لأوامره، ولا نريد أن نمضي أكثر في كشف أوراق هؤلاء، فهم أدرى بما يفعلون، ولا تكاد تفهم طبيعة تحالفاتهم واصطفافاتهم إلا حين تفك «شيفرة» شيوخهم و»مراجعهم» وتعرف من أين يتمولون!
هل نقول أن من يفعل هذا سلف غير صالح؟ أم سلف مضلل؟ أم سلف يحتاج إلى إعادة نظر في مدى «سلفيته» واتباعه للسلف الصالح؟
لا أدري، فأنا أتحرج كثيرا في أن أنال ولو بكلمة من يعمل في الساحة الإسلامية، كما «يتحرج» سلفيونا من مس إسرائيل ولو بحجر!