ماذا يقول مقتل العقاد في عمان؟!
كانت المفارقة في عمان ان يرحل المخرج السوري الكبير مصطفى العقاد مخرج فيلم الرسالة وفيلم عمر المختار،وقد خدما الاسلام وحملا رسالته اكثر من الاف الاشخاص المدعين.
رحيله جاء على يد تنظيم ادعت زعاماته انها تعمل لاجل الاسلام،وكأن مكآفأة العقاد القتل الدموي على عمله،والموت بالصدفة هنا،ليس كافيا لتبرير الجريمة،فهذا هو الانجاز الوحيد للجريمة، قتل المدنيين،وقتل شخصية كانت مسخرة للاسلام عالميا.
الجزيرة الوثائقية بثت فيلما عن مصطفى العقاد،والفيلم مشغول بطريقة حرفية،وعبره يروي ممثلون ذكريات العقاد،ومعهم افراد من عائلته،والمحزن في قصته ان ابنته التي احبها،كما لم يحب احدا من قبل رحلت معه بذات التفجير،وكأنهما اصرا ان يبقيا معا.
هي مشكلة الاسلام اليوم، التي بتنا نراها، ليست مشكلة الاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم،بل مشكلة تأويل النصوص،وهذا التأويل هو الذي يسمح في حالات كثيرة بوجود تناقضات بين من يقبل قتل المدنيين،وبين من لايقبل،بين من ُيكفر الاخرين،وبين من لايقوم بتكفير احد،حتى بتنا امام نسخ متعددة من الاسلام،بعضها،لاعلاقة له بالاسلام الذي نعرفه،الذي تم عبره وصف نبي الاسلام،بكونه على خلق عظيم،وهذا عنوان الرسالة النبوية اولا،اي الاخلاق وهي قيم لايختلف عليها احد في هذا الكون.
فلم الرسالة الذي واجه مشاكل كثيرة في عمليات تصويره وانجازه،واعترضت عليه في البداية دول عربية،ثم مالبث ان تمت ترجمة الفلم الى اكثر من خمسين دولة،تسبب بأسلام عشرات الاف الاشخاص،وانعش رسالة الاسلام،لكنها المفارقة التي لم يتعمدها الزرقاوي في عمان،بأن يتم قتل هذا المخرج،على يد افراد يستظلون بالاسلام في كل افعالهم.
لعل السؤال :ايهما خدم الاسلام اكثر،فلم الرسالة وصاحبه،ام القتل العشوائي وغير العشوائي بأسم الله في الارض،وهو براء من هذه الدموية؟!.
مصطفى العقاد رحل وهو يحلم بفلم عن صلاح الدين الايوبي،لكننا لاننسى هنا فلمه الرائع عن عمر المختار،وجهاده في ليبيا،وهو فلم ترك اثرا حادا الى الدرجة التي يستذكر فيها كثيرون عمر المختار كلما شاهدوا الممثل انتوني كوين،وقد قدمه بطريقة رائعة ذات بصمة،تاركا فكرة هامة حول الجهاد ضد الاحتلال.
للمفارقة ايضا رحل العقاد تحت وطأة تنظيم يقول انه يجاهد في سبيل الله عز وجل ضد الاحتلالات،فيما منجز العقاد واضح كالشمس،ومنجز الاخرين جلب لنا سوء السمعة في العالم وكأننا وحوش كاسرة لاترحم ابدا.
نستذكر مصطفى العقاد في عمان،كلما مرت ذكرى التفجيرات،ونترحم عليه،ونراه خسارة عظيمة علينا،وعلى العالم العربي الذي لايدعم المبدعين ابدا،بل ان الفرق بيننا وبين الامم الاخرى،اننا هنا،نبقى خلف الناجح حتى يفشل،فيما هم يبقون خلف الفاشل حتى ينجح،ومثل العقاد لم يكن بحاجة الى عدد كبير من الانجازات،اذ يكفيه فلم الرسالة الذي قدم عبره صورة حسنة عن الاسلام،وروى قصة النبي صلى الله عليه وسلم.
تفجيرات عمان تترك لك الاستنتاج دون تدخل..طرفان كلاهما يحكي بأسم الاسلام..العقاد وافلامه والزرقاوي وتفجيراته،ولك ان تقرر وحدك ايهما خدم الاسلام حقا؟!.