الاردن: تقارب مع الأسد.. وتعقيدات الاجندة السعودية
وكالة الناس –
–
تأكيد الحكومة الأردنية الخميس الماضي بأنها لا تدعم وجود اي حاضنة لتدريب مسلحين سوريين على الأرض الأردنية له سياسيا ما يبرره من الناحية العملية خصوصا بعد تصريحات القائد العسكري السوري المعارض رياض الأسعد الذي تحدث عن وحدات نخبة مقاتلة تدربت في الأردن.
الكلام عن معسكرات لتدريب المعارضة السورية أو مجموعات منها في الأردن ليس جديدا فقد سبق أن ألمح له الرئيس بشار الأسد شخصيا قبل التحول الأخير في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية.
لكن الجديد أن الناطق الرسمي الأردني الدكتور محمد مومني تعهد بان لا تكون بلاده حاضنة لتدريب أي من أطراف الصراع السوري، مشيرا الى ان وجود جماعات مسلحة متطرفة أو إرهابية في سورية وقرب الحدود مع الأردن أمر يقلق الدولة الأردنية.
تلميحات المومني هنا واضحة المعالم فهو يؤشر الى أن النظام السوري والدولة الأردنية معا عندما يتعلق الأمر بمواجهة الإرهاب والتطرف القتالي خصوصا بعد التوثق من وجود نحو 700 مواطن أردني على الأقل عاملين بنشاط مع الجماعات المسلحة المتشددة داخل الأرض السورية أغلبهم مع جبهة النصرة وبينهم خبرات مهمة في العمل الجهادي.
المومني سبق أن أبلغ ‘القدس العربي’ بأن ما يهم بلاده بصورة أساسية هو وجود دولة سورية قوية وصلبة على حدودها، معتبرا ذلك إستراتيجية عمل أردنية كما سبق لرئيسه الدكتور عبدالله النسور أن نفى من حيث المبدأ حصول اي عمليات تدريب لمقاتلين سوريين معارضين داخل الحدود الأردنية قائلا بأن التلفزيون السوري كان سيلتقط أحد المتدربين في الأردن ويبث حيثيات التدريب.
عمان عمليا لم تقيم بعد تعليقات الأسعد حول تخرج دورات من الضباط المغاوير في الأردن، لكن الوزير المومني أشار إلى أن الاتهامات من هذا النوع بائسة وتهدف لتخريب العلاقات العميقة بين الشعبين والدولتين، مذكرا بأن التاريخ سيذكر موقف الأردن بالخصوص.
قبل ذلك تحدث السفير السوري في عمان بهجت سليمان عن معسكرات تدريب تدعمها السعودية على نقاط حدودية في درعا جنوبي سورية، فيما يعتبر المومني مثل هذه التصريحات بأنها غير متزنة ومؤسفة مؤكدا على سلامة الموقف الأردني عبر الإشارة الى ان تصريحات حول عمليات تدريب في بلاده تصدر عن طرفي النزاع.
يمكن القول إلى حد كبير من هذا الاستنتاج بأن عمان تتهيأ فيما يبدو لمواجهة المجموعات الجهادية التي تنشط بقوة قرب حدودها والمتمركزة في محيط درعا وهو خيار يحذر منه الوكيل القانوني للتنظيمات الجهادية موسى العبداللات مجددا بسبب انعكاساته المتوترة على الوضع الداخلي في الأردن.
الحلول عندما تكون سياسية أو أمنية وتتعلق بسورية أو فلسطين غير ممكنة إلا عبر الأردن كما يلاحظ الخبير الأمني مازن القاضي.
لكن عمليات تزويد بعض فصائل المعارضة السورية وخصوصا الجيش الحر متواصلة عبر الأردن من الجانب السعودي وإن كانت أقل حدة أو أكثر ميلا لما وراء الكواليس في تقدير ناشطين سياسيين يراقبون المسألة جيدا.
عمان تسعى وبوضوح للانفتاح على النظام السوري وأي مقايضة لخدمة هذا الانفتاح ستتعامل مع ورقة التعاون مع المعارضة السورية خصوصا فيما يختص بالتسهيلات التي حصل عليها سابقا أو يحصل عليها حاليا مقاتلون في صفوف الجيش الحر.
ويعني ذلك أن ورقة التسهيلات الأردنية اللوجستية للمعارضة السورية والتي انطلقت أصلا تحت عنوان خدمة اللاجئين السوريين واستضافتهم ستكون بمثابة الورقة المناسبة للتفاوض مع النظام السوري عندما تقترب لحظة الحقيقة وفقا للعبداللات، الأمر الذي يبرر حلقات من ‘تبادل المعلومات والمعطيات’ في قنوات ضيقة جدا على المستوى الأمني تحت عنوان التنسيق والبقاء على اتصال مع النظام السوري.
مثل هذه المقايضة يلمح لها السفير سليمان عمليا وهو يوجه رسالة علنية للحكومة الأردنية يصف فيها نحو 700 ألف سوري في الأردن بأنهم ليسوا لاجئين بل سياح سوريون يقيمون مؤقتا ويستطيعون العودة لبلادهم.
تبادل مثل هذه التعليقات بين عمان ودمشق يؤسس لحالة استشعار في العاصمتين تمهد الأرضية عمليا للمقايضة المنتظرة العالقة الان من حيث الجوهر والانتقال السريع في بؤرة الحسابات السعودية تحديدا لان السعودية عمليا وتحديدا جناح الأمير بندر بن سلطان هو الذي يدير الأمور لصالح المعارضة المسلحة عبر بعض النقاط الأردنية.
ما بين أجندة الأمير بندر المعلنة ورسائل الاستشعار من النظام السوري وتلميحات رياض الأسعد الهادفة وتأكيدات المومني في الرد عليه تبحث البوصلة الأردنية بامتياز عن ‘مخرج إستراتيجي’ يضمن لها مغادرة آمنة وبأقل كلفة ممكنة من مساحة الجملة العصبية السورية المفتوحة دوما على كل الاحتمالات.
لذلك تنضج المقايضة وتخضع لبعض التعقيدات.
القدس العربي