الخروج من «أرض الميعاد»!
منذ فترة، قالت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة إن 16 ألف إسرائيلي يهاجرون سنوياً للغرب بحثاً عن ظروف حياة اقتصادية أفضل، فيما أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته القناة في أوساط الإسرائيليين، أن 56% منهم يفكرون في الهجرة من إسرائيل بسبب «الضائقة الاقتصادية» أيضا، على الرغم من أن معدل الدخل السنوي للفرد في الكيان الصهيوني يبلغ حوالي 21 ألف دولار، ما يضع شكوكا جدية حول تفسير الارتفاع الهائل في رقم من يرغبون في ترك «أرض الميعاد»!
وإمعانا في التضليل، تقول صحيفة معاريف إن المشاكل الاقتصادية الرئيسة التي تدفع للهجرة إلى أميركا وأوروبا تكمن في ارتفاع أسعار الشقق السكنية والطعام والوقود، علاوة على الفرق الكبير في الأجور بين إسرائيل والغرب، باعتبار أن متوسط الأجور في إسرائيل أقل من الدول الغربية!
الحقيقة التي لا يريد اليهود أن يعترفوا بها هي ما اعترفت به صحيفة هآرتس، حين عزت الهجرة العكسية إلى ما سمته «حملة التخويف» التي تشنها النخبة الحاكمة، لاسيما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يحذر بشكل دائم من خطر وجودي يتهدد إسرائيل إذا تمكنت إيران من الحصول على سلاح نووي، علاوة على رفضه إبداء المرونة اللازمة للتوصل لحل للصراع مع الشعب الفلسطيني.
الصحيفة تقول ايضا في افتتاحية لها بهذا الشأن إن «زعماء الدولة لا يعرضون أي أمل على الجيل الشاب، وفي مقدمتهم نتنياهو، الذي يحذر من كارثة جديدة تهدد يهود إسرائيل».
الأرقام التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية، تفتح أبوابا كثيرة من التساؤل بخاصة فيما يتعلق بهشاشة العلاقة التي ترتبط الصهاينة بأرض ليست أرضهم، وعلى مدى أيام عرضت القناة تقارير عن ظاهرة الهجرة العكسية، حيث أظهرت هذه التقارير أن الإسرائيليين لم يعودوا يرون في مغادرة إسرائيل تناقضاً مع القيم الصهيونية، وهنا يبدو أكثر من سؤال: إذا كانت حملات «التخويف» تفعل فعلها في نفوس المهاجرين الذين استولوا على أراضي الفلسطينيين، فما بالك حين يتحول هذا التخويف إلى واقع حقيقي؟ هذا يدفعنا إلى استحضار ناموس كوني ذكره رب العزة في كتابه العزيز حين يقول جلت قدرته: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ الحشر (2)
هذه الآية نزلت في حصار وجلاء يهود بني النضير، ولكنها ليست مختصة بهم، حيث تنطبق «آليات» الإخراج والخروج على يهود اليوم، الذين بدأ نحو نصفهم يفكر في الهجرة لمجرد «حملات التخويف» فماذا سيكون الأمر لو تحول التخويف إلى خوف فعلي؟؟