الديمقراطية لا تليق بنا!
نقلت الأنباء عن رئيس القسم السياسي والأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، اللواء عاموس جلعاد قوله «إن الديمقراطية لا تليق بالشرق الأوسط» في سياق انتقادات حادة وجهها لجماعة الإخوان المسلمين التي وصفها بأنها تمثل «قوى الظلام»على اعتبار أن قوى الاحتلال وجماعات اليهود المتطرفين هم من قوى «النور» والإشعاع الحضاري!
جلعاد كان يتحدث أمام أعضاء وباحثين في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط» بالولايات المتحدة الأمريكية الجمعة، وكان مما قال ايضا «أنا مؤيد متحمس للديمقراطية ولكني أعتقد بأنها لا تليق بالشرق الأوسط».
ويمضي أكثر فأكثر في تصريحاته العنصرية، فيوصي الأمريكان كاذبا وخالطا حابل الحق بنابل الباطل قائلا: «أوصيكم ألا تتعالوا على العرب، لا تٌعلموا العرب ما هو جيد بالنسبة لهم، فهم غير مستعدين للانتخابات، فهل يمكنكم أن تتصوروا أن توافق حماس على انتخابات حرة في غزة أو في الضفة؟ هم مستعدون لانتخابات حرة فقط حين تجلبهم إلى الحكم وبعد ذلك يؤيدون نظاما ديمقراطيا من نوع آخر». (من انقلب على الانتخابات في غزة والجزائر وغيرهما؟!) ويستطرد كاشفا مكنونات ما تضمره إسرائيل للعرب «أنا أُفضل الاستقرار في الشرق الاوسط عن الديمقراطية التي تجلب قوى فظيعة مثل الاخوان المسلمين». ويخلص أخيرا إلى القول «أعرف أن هذا ليس من قبيل فكر السياسة السليمة في الولايات المتحدة، ولكن برأيي لن تكون هناك ديمقراطية في الشرق الأوسط مع الاخوان المسلمين وعلينا أن نفضل الاستقرار الذي يستند إلى النفوذ الامريكي» . تعالوا ندعو هذا بالاسم الحقيقي: الإخوان المسلمون يمثلون قوى الظلام»!!
لا نستغرب طبعا ما باح به جلعاد، فهي ليست المرة الأولى التي يتحدث مسؤول إسرائيلي بهذه اللغة الإستعلائية الشوفينية عن الأمة العربية، فهم يصدرون عن ذهنية عنصرية ترى في الآخرين مجرد «أغيار» أو «غوييم» مسخرين لخدمة «شعب الله المختار» هذا في العموم طبعا، فكيف سيكون الحديث حينما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين، الذي يصر البعض على أنها منظمة أسسها الغرب وتعمل على تحقيق مصالحه؟ ولئن كانت كذلك، وهي ليست كذلك طبعا، فلم يتحدث عنها هذا الجلعاد بمثل هذا الحقد والسواد؟ ولم تجري عملية إقصاء ممنهجة لكوادرها وكل من يحمل فكرها في غير بلد عربي؟ بل تكاد لم تبق لافتة تحمل اسم الجماعة إلا في الأردن!
المفارقة الغريبة هنا تحريض الجلعاد هذا الساخن لحلفائه الأمريكان على التنكر لمبادئهم ونسيان أمر «الديمقراطية» التي كما يبدو لا تليق إلا بإسرائيل، أما نحن العرب فلا تليق بنا، فقط لأنها تفرز من يحظون بقبول الشارع العربي، وهنا المفارقة الأكبر، فانتخابات إسرائيل دأبت في العقدين الأخيرين على فرز مزيد من الأحزاب المتدينة، وبعضها لا يعترف بالصهيونية و»يكفر» العلمانيين اليهود، ويرفض خدمة شبابه في الجيش الإسرائيلي، ومع هذا فالديمقراطية تليق بهم مهما أفرزت، إنها النظرة الإستعلائية العنصرية التي لا ينفع معها حوار ولا تعايش، بل قهر وجبر حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون!