عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

نابلسي يكتب القرآن بخط يده.. استخدم خلالها 25 قلم و 2500 ساعة عمل

وكالة الناس – في غرفة متواضعة كما هي أخلاقه، دفعه حبه الشديد لكتاب الله أن يخط بأنامل تعدت عمر السبعين عاما، بإتقان رائع وملفت للنظر القرآن الكريم في أربع سنوات وثلاثة أشهر دون أن يشعر بطعم الملل أو التعب.

 

بملامح هادئة ارتسمت على وجه الحاج  عمر خروب “77 عاما ” من خلف مكتبه داخل منجرته المتواضعة في مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس يروى عشقه لتلاوة القرآن الكريم، وشغفه في سماع تلاوة كلام الله عز وجل ليقول: ” الفكرة لم تكن وليدة أيام وشهور, بل هي لحظة فقط، فحبي الشديد لقراءة القرآن طوال اليوم وخطي الجميل جعلت الفكرة تخطر ببالي لأبدأ مباشرةً تنفيذها في صباح يوم الأحد في العاشر من آب 2003 ، وأنهيتها الخميس السادس من كانون الأول 2007م”.

 

لم ينه الحاج أي مراحل دراسية، ولكنه درس عند المشايخ فى حيفا، فكانت جدته تحمله على كتفيها منذ أن كان عمره 4 سنوات، وتقوم بإيصاله إليهم لتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم رغم أنه يسكن في قرية قضاء يافا .

 

ولم يكتب أبو الخطاب  القرآن في منزله بل اعتكف الكتابة في غرفة بسيطة تحتوي على مكتب وسرير ومروحة هوائية وبعض الكتب وهي غرفة فوق منجره التي يعود تاريخها إلى العام 1968,والذي امضي عمره في مهنة النجارة لأكثر من 55 عاما .

 

” كلفتني الكتابة وقتا طويلا جدا، فقد استخدمت 25 قلما من النوع نفسه لتكون الكتابة موحدة وهو قلم رصاص نمرة 1, وعملت قرابة 2500 ساعة، فكنت أجلس حوالي خمس ساعات متواصلة ,وكنت أتوقف بسبب التعب والإرهاق في عينيَّ ليوم أو يومين، ومن ثم استأنف رسم القرآن “. حسب قوله.

 

ويضيف قائلا: “عندما كنت ابدأ في الكتابة اخرج من العالم والواقعي ولا أفكر في أي أمر غير القرآن, فكنت اكره التوقف عن الكتابة, ولا يوقفني إلا أصوات المنادين عليّ من العمال أو الإحساس بالتعب والإرهاق فقط “.

 

يحمل أبو الخطاب القرآن بين يديه بحرص واهتمام شديدين مبينا أنه حرص  كثيرا على نقل حروف الله عز وجل بإتقان شديد, ليقول: “بعد النية الخالصة بهذا العمل، أحضرت الأوراق وسطرتها، وصممت (غلاف القرآن) في المنجرة، ومن ثم بدأت بكتابة الفاتحة والآيات الأولى من سورة البقرة، وفي نفس الليلة شاهدت رؤيا في المنام أن السماء هبطت كثيرا ونزل منها مصحف بطول متر وعرض 60 سم، مما شجعني على مواصلة العمل وانجازه”.

 

كان يكتب الحاج القرآن وهو يستمع للمصحف المرتل، حتى يكون على ثقة من التنقيح، وقام بعرضه على أحد شيوخ المدينة المعروفين بقراءة القرآن، فتلقى التشجيع والثناء على ما أنجزه من نسخ القرآن الكريم بيديه بطريقة متقنة جدا.

 

أما ما كان يوقف أبو الخطاب عن الكتابة فهو الاقتحامات المتكررة من قبل جيش الاحتلال لمدينه نابلس وهو مكان تواجد منجرته أو لمخيم بلاطة مكان سكناه وإعلان منع التجول فلا يستطع الخروج من المنزل أو الوصول إلى المنجرة .

 

ورغم قدرة الإبداع العالية في نسخ القرآن وكتابته مثلما تم طباعة, لم تتح الفرصة لأبي الخطاب أن يكمل التعليم المدرسي ليقول: ” لم اعمل مسبقا في مجال الخط ولكن خطي جميل وهو ما دفعني لأن اكتب القرآن وبنفس طريقته “.

 

كما اضطر الحاج أن يعيد كتابة الأجزاء الثلاثة عشر الأولى من القرآن مرة أخرى رغم أنه انتهي منه بعد أن اكتشف اختلافا بسيطا في الخط عن باقي الأجزاء الأخرى ولحرصه على أن يكونا بنفس الطريقة التي أعدها مما تسبب في زيادة فترة الكتابة.

 

وعندما انهى خروب الكتاب الذي نسخه ورسمه وذهب به إلى المطبعة لنسخه والاحتفاظ به فانهمرت دموعه بشكل تلقائي ولم يستطع أن يتمالك نفسه من شدة الفرحة بما أنجزه.

 

وبينما هو يقلب صفحات القرآن الكريم التي كتبها ، قال انه استغرق  لتنقيحه والتأكد من صحة كتابة  ستة شهور, ومن ثم  قام بتصوير النسخة الأصلية ثلاثين نسخة, ليضيف قائلا: “اخترت هذا العدد تيمنا بعدد أجزاء المصحف, وقمت بتوزيع النسخ على أبنائي الستة وبناتي الستة وبعض الأصدقاء المقربين في نابلس وأمريكا ودبي والهند, هذا لأنني أؤمن أن عملي كان خالصا لوجه الله لذلك رفضت كل العروض التي تقدمت لي بشراء النسخة الأصلية وطباعتها والاستفادة منها ماديا “.

 

وبذلك حقق خروب حلمه والذي أخفاه لفترة طويلة ولم يظهره للإعلام خوفا من الضغط عليه لبيع النسخة الأصلية ويعكف اليوم, بنفس الزاوية في منجرته على كتابة سيرته الذاتية  يوثق فيها سيرة حياته منذ خروجه من بلدته الأصلية “سلمة” قضاء يافا أثناء الهجرة الأولي .

 

ويتمنى خروب من الله عز وجل أن يكون كتابته هذه تقربا منه ، وأن يغفر له ويرضى عنه, ويشكر والده الذي زرع في نفسه حب القرآن فقد أشرف عليه لإتمام أول ختمه للقرآن الكريم وكان في عمر الخمس سنوات .

 

ويضيف أيضا: ” كان والدي الشيخ إدريس إماما لمسجد مخيم بلاطة، حيث قام بإنشائه بعد الهجرة ونزوحنا إلى المخيم ، وكنت أساعده ببنائه من الخيش والطين”, ويتمنى أن يرضى الله عنه ويتقبله ويدخله الجنة وأن يتم نشر كتاب الله وغرسه في نفوس أبناء المجتمع .

 

ولا يقتصر حب أبي الخطاب لله عز وجل من خلال نسخ القرآن الكريم فحسب، بل يزيد بذلك أبياتا من الشعر ويقول: وأذكر خاليا ربي فابكي وتنساب الدموع على خدودي, فاحمده وأسبح في بحور من الأنوار تحصدها جهودي, واشكره واعلم أن ربي هو الحنان أهداني وجودي.