0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

انتخابات بلا توافق … عربة أمام الحصان

ألمحت أوساط النظام السوري إلى احتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في أواسط العام المقبل حتى إشعار آخر، على اعتبار أن ظروف البلاد الأمنية والعسكرية لا تسمح بإجرائها … خصوم النظام ردّوا المسألة إلى استقواء النظام بـ “صفقة الكيماوي” وإحساسه بأن “سيف الضربة العسكرية” لم يعد مسلطاً على عنقه، وأنه بمقدوره أن يناور ويراوغ كيفما شاء وبقدر ما يشاء، سيما وأن النظام، رفع من وتيرة تصعيده السياسي مؤخراً، وعاد إلى “نبرة” خطابه القديم.
لكن بفرض أن النظام قرر إجراء الانتخابات في ميقاتها المقرر، من دون التوصل إلى مصالحة وطنية واتفاق انتقالي مع خصومه ومعارضيه، فما القيمة المضافة التي ستأتي بها، ومن سيعترف بشرعيتها، بل وقبل هذا وذاك، كيف سيمكن إجراؤها فيما نصف المناطق السورية أو يزيد، خارج سيطرته الأمنية وإدارته المدنية، وأزيد من مليوني لاجئ يتوزعون على الدول المجاورة والمنافي البعيدة.
الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في سوريا، يمكن أن يكون بداية خروج من الأزمة التي تعتصر البلاد والعباد، شريطة أن يأتي ذلك كمحصلة لتوافقات وطنية، برعاية إقليمية ودولية، ومن دون ذلك سيكون إجراء الانتخابات أو تأجيلها، ليس أمراً ذا بال، خصوصاً إن تم ذلك في ظل غياب المنافسة الحقيقية، ومن دون رقابة دولية، وفي مناطق دون أخرى، وبمن حضر من أعضاء الهيئة الناخبة.
الآن تجري اتصالات واستعدادات من أجل ترتيب انعقاد جنيف 2، والبحث ما زال جارياً، بل ومحتدماً، حول ما إذا كان يتعين القبول بترشح الرئيس الأسد لولاية جديدة أم لا … وثمة من يتحسب لاحتمال بقاء الرئيس حتى اليوم الأخير من ولايته، وهذه في ظني باتت مسألة محسوبة، لكن هناك من يتحسب أيضاً لاحتمال نجاح النظام وحلفائه، في انتزاع موافقة إقليمية ودولية على ترشح الرئيس وخوض غمار المنافسة، سيما في ظل إصرار أهل الحكم والنظام في دمشق، على أن الحل في سوريا، تحت سقف النظام وبمشاركة الرئيس، وضمان حقه في خوض غمار المنافسة على ولاية جديدة.
بعض استطلاعات الرأي، ولا أدري كيف يمكن تدبير استطلاع للرأي في الظروف السياسية والأمنية السورية، تعطي الأسد أرجحية على غيره من المنافسين المحتملين، بل وتؤكد أنه الفائز المرجح فيها وبنسبة أصوات تراوح ما بين 50 – 60 بالمائة … لكن المناخات في المناطق الخاضعة للمعارضة السورية وفي أوساط اللاجئين السوريين خارج البلاد، تبدو مغايرة، وتبدو معها فرص فوز الرئيس متواضعة، وفي حدود دون حاجز العشرين بالمائة، لذا يجري الاستعداد من الآن، لضمان مشاركة اللاجئين والسوريين في المناطق الخارجة عن قبضة النظام وسيطرته في الانتخابات المقبلة.
في مناخات كهذه، قد يبدو إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر أمراً غير مرغوب فيه من قبل مختلف الأطراف المعنية بالأزمة السورية … فلا النظام يريدها سيما إن شارك فيها من هم خارج ولايته في سوريا أو خارجها … ولا المعارضة تريدها، لأنها من جهة أعجز من ان تتوافق على مرشح إجماع باسمها، ثم أن نصف المعارضة أو يزيد، لا يريد الانتخابات من جهة ثانية، ولا يؤمن بها، بل ويكفر كل من فكر أو شارك أو مارسه حقه فيها، ترشيحاً وانتخاباً، وتفضل على النظام الديمقراطي (الوضعي)، نظاماً إسلامياً، يقوم على مبدأ الخلافة وتطبيق الشريعة.
وربما يكون تأجيل الانتخابات الرئاسية، نقطة توافق بين الأطراف المصطرعة في سوريا، لكن الخلاف سيظل محتدماً حول من سيقود سوريا من بدء مرحلة الانتقال وحتى لحظة تنظيم انتخابات رئاسية جديدة … هل هو الرئيس وطاقم الحكم الحالي، هل هي حكومة “كاملة الصلاحيات”، هل هي حكومة انتقالية تتقاسم مع الرئيس الأسد، صلاحيات الحكم في سوريا؟ … أسئلة وتساؤلات من الصعب الإجابة عليها، قبل أن تشرع عجلة “جنيف 2” بالدوران، وأي حديث عن انتخابات رئاسية حالياً، إجراءً أم إرجاءً، سيكون بمثابة وضع للعربة أمام الحصان، وسبباً في تأزيم المشكلة بدل توفير الحل.
وفي كل الحالات والاحتمالات، فليس مستبعداً أيضاً أن تكون “تسريبات دمشق” هي جزء من عملية تفاوضية غير مباشرة، تبدأ برفع سقوف المطالب لتنتهي إلى الحدود الدنيا منها، فنحن ما زلنا في مرحلة “التراشق” بالشروط والشروط المضادة، لكن الحديث على مائدة التفاوض وحولها، سيكون مختلفاً بلا شك.