0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الحكومة لمّا تمزح!

وفقاً لموقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإنّ المدّعي العام لمحكمة أمن الدولة أمر بتوقيف ثلاثة نشطاء، 15 يوماً، على ذمّة التحقيق؛ بعد أن وجّه لهم تهمة “تعكير صفو العلاقات مع دولة عربية شقيقة” (هي مصر).
يحيل الخبر نفسه السبب في توجيه هذه التهمة لكل من أيمن البحراوي وضياء الدين الشلبي، إلى أنّهما ألصقا شعارات “رابعة العدوية” في شارع بجبل المنارة في عمان (في إشارة إلى الاعتصام الذي فضّه الجيش المصري بالقوة قبل شهرين في ميدان “رابعة العدوية”، ثم ظهرت الإشارة المعروفة بالأصابع الأربعة فانتشرت في أرجاء العالم). بينما اعتُقل هشام قفيشة (الطالب في كلية الإعلام في جامعة الزرقاء) بتهمة حيازة هذه الملصقات!
عندما سمعت بخبر الاعتقال، ظننت في بداية الأمر أنّ المسألة هي مجرّد إشاعة أو مجرد تحقيق وتهديد لهؤلاء الشباب. لكن تبيّن لاحقاً أنّه تمّ بالفعل توجيه تهمة لهؤلاء الشباب، وهي تهمة تطاول على الأقل مئات الآلاف من الأردنيين، وتصادر الاعتراف بحقهم في التعبير عن رأيهم، حتى في شأن خارجي. هذا فضلاً عن أنّها تمسح عن الوجود الفريق الشعبي والسياسي المصري العريض والواسع الرافض للانقلاب، والذي أصبح شعار “رابعة” بمثابة رمز له!
من الصعوبة أن نأخذ هذه التهمة فعلاً على محمل الجدّ. إذ بعيداً عن المسار القضائي، ومن حيث الدلالة السياسية والديمقراطية والحقوقية، فإنّ توجيه هذه التهمة للنشطاء الثلاثة يدفعني إلى مطالبة السلطات العبقرية (التي وقفت وراء هندسة هذه الورطة السياسية)، إلى القيام فوراً باعتقال آلاف النشطاء الأردنيين الذين استبدلوا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي بإشارة “رابعة العدوية”. وتستطيع السلطات بسهولة، بما تمتلكه من خبرة أمنية، التعرّف عليهم، والتقاطهم واحداً تلو الآخر، من مهندسين وأساتذة جامعات وأطباء وطلبة ومحامين..!
بل إنّني أطالب السلطات باستغلال وجود المطرب المعروف محمد عساف، واعتقاله وتوجيه هذه التهمة له؛ إذ نقلت وكالات الأنباء صورته وهو يرفع أصابعه الأربعة، تأييداً لشعار “رابعة العدوية”!
وطالما أنّنا عدنا إلى القوانين العرفية التي تتحدّث عن الإساءة للدول الشقيقة وزعمائها، فإنّني أطالب بأن يتم اعتقال المعارضة الأردنية المؤيدة للثورة السورية، واعتقال الوزراء الذين يلتقون بالمعارضة السورية وينسّقون معها، بتهمة “تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة”. والتهمة ذاتها تنسحب على وزير تحدّث عن اعتماد التنسيق مع سفارة الائتلاف الوطني المعارضة في قطر، من أجل تسيير شؤون اللاجئين السوريين في الأردن!
أن يصبح شعار “رابعة العدوية” تهمة، فهذا بالتأكيد ليس أكثر من مزحة. إذ إنّ الملك دعا أكثر من مرّة إلى إلغاء عقوبة “إطالة اللسان على المقامات السامية”، التي تناله شخصياً، ووجّه الحكومة لتعديل قانون محكمة أمن الدولة لينسجم مع التعديلات الدستورية التي تُخرج قضايا الحريات العامة وحق التعبير من دائرة اهتمام المحكمة، وتقصرها على جرائم مرتبطة بتزوير العملة والإرهاب والمخدرات وما شابهها!
قصة اعتقال هؤلاء الناشطين، واستمرار اعتقال ناشطين سابقين، يضربان أي معنى لمصداقية الخطاب الرسمي في الصميم، ويثيران التساؤلات حول العقلية التي تدير ملف السياسات الداخلية، فيما إذا كانت عقارب الساعة لديها قد وقفت عند العقود السابقة ومنطق الأحكام العرفية!