0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

جواز سفر فلسطيني

كنا في طريقنا ليلا الى المطار،وحافلة الفندق،التي تنقل النزلاء،للسفر من العقبة الى عمان،تتهادى على الطريق،ولم يكن في الحافلة سواي،وشاب وصبية،كانت لهجتهما المميزة تشي انهما من نابلس المدينة.
عروسان هما.وقد مضى على زواجهما،اسبوع فقط،تزوجا وفي صبيحة الزواج،غادرا نابلس لقضاء بضعة ايام مقتطعة من شهر عسل مفترض،في العقبة،وسائق الحافلة،يسأل العريسين خلال الطريق الى المطار لماذا اختارا العقبة،لقضاء ايام زواجهما الاولى؟!.
كان الشاب صريحاً،وبلهجة نابلسية،قال انه فكر وعروسه في عدة دول،قبل ان يحسما الامر باتجاه العقبة،فكرا بشرم الشيخ اولا،فقيل لهما ان الفلسطيني ممنوع من دخول مصر،بجواز سفره الفلسطيني هذه الايام،فكرا ببيروت،فقيل لهما ان الفلسطيني ممنوع من دخول لبنان بجواز سفره الفلسطيني،فكرا بدبي فقيل لهما صعب جداً،وبالكاد يتمكن مدراء مصارف فلسطينية من دخولها.
اختيارهما للعقبة كان قهراً وطوعاً في ذات الوقت،فالعريس من نابلس،وامه ولدت اساساً في العقبة،ولم تكن العقبة بالنسبة له خياراً مرفوضاً،لكنه كان يتحدث بأسى عن جواز السفر الفلسطيني،الذي تتعامل معه الدول العربية باعتباره وباء امنياً.
عبرا الجسر من نابلس الى الاردن بسهولة واحترام،وأمضيا ايام العسل الاولى في العقبة،وعادا مسرعين الى نابلس،فالعروس في سنتها الرابعة في الجامعة،والعريس يعمل في مصنع،ولامجال لعسل في هذا الزمن اكثر من سبعة ايام.
اغلب فلسطينيات الضفة يخطبن ويتزوجن مبكراً وهن في الجامعة او بعد التخرج،ونسبة العنوسة في الضفة الغربية الاقل في العالم.
يحكي لك العريس عن نابلس الكثير،لكنه يتألم ايضاً اذ يحكي عن المدن الفلسطينية المغلقة،وكأنها اقفاص بشرية كبيرة،فمن يعيش في نابلس لا يخرج منها بسهولة،الى مدينة اخرى او الى دولة عربية او اجنبية؟!.
في العيدين تسمح اسرائيل لاهل الضفة الغربية،بدخول فلسطين ثمانية واربعين باعتبارهم زواراً،يأتون الى شواطئ حيفا ويافا،والقصة اقتصادية بالنسبة للاسرائيليين،لانهم يمتصون كل السيولة المالية بهكذا طريقة،وهم يعرفون ان الموسم موسم انفاق مالي.
عروسه العشرينية لم تصلي ولا ركعة حتى الان في المسجد الاقصى،اذ ممنوع عليها دخول القدس،وتتلعثم اذ لا تفهم الفرق حول كيفية تمكن العربي والاجنبي من دخول القدس بتأشيرة،فيما لا تتمكن وهي على “مرمى وطن” من دخول المدينة المقدسة؟!.
بقيت حكاية العريس عن جواز السفر الفلسطيني،عالقة في ذهني،فلماذا تتم معاملة الجواز الفلسطيني في اغلب الدول العربية بشك وتحسس،واين كل الكلام عن دعم الشعب الفلسطيني،وقيام دولته،وعن ضرورة انصاف الفلسطينيين،ورد الحياة الى عروقهم؟!.
كلام.فالذي يحمل الجواز الفلسطيني يتعرض لعراقيل كثيرة،وأقلها نظرة الارتياب،باعتباره مجرماً محتملا،او قنبلة متفجرة،وهذا ارث غريب،لم تمح كل اشعار العرب ووجدانياتهم السر الاسود،خلف الكلام،اي اعتبار الجواز الفلسطيني تهمة وليس سبباً للحياة.
الامر ينطبق على حملة الوثائق الفلسطينية المصرية والسورية،ولا تجد اغرب من الاشقاء المصريين،فالفلسطيني الذي يحمل وثيقة مصرية ويعمل في الخليج،لا يدخل مصر مباشرة عند اجازته السنوية،برغم حمله لوثيقتها،بل عليه ان يتقدم بطلب للسفارة المصرية في ذاك البلد،كي يتم السماح له بالدخول؟!.
في السوق الحرة،في المطار سألني العريس ماذا أقترح عليه ان يشتري من نثريات السوق على سبيل الهدايا لبعض اقاربه في نابلس،قلت له اشتري من هذه الجمال الصغيرة التذكارية،حتى تقول لأهل نابلس،ان مشوار الصبر مازال طويلا جداً؟!.
وصلنا عمان.العريسان سيمكثان ليلة في عمان،وبعدها الى الضفة الغربية فوراً.تستذكر في ذهنك قصيدة محمود درويش التي غناها مارسيل خليفة والتي عنوانها “جواز السفر”…وتبقى تلك الدرة اللامعة اذ يقول في قصيدته..”ايوب صاح اليوم ملء السماء،لاتجعلوني عبرة مرتين”.
   فعلا..لاتجعلوه عبرة مرتين!.