لقاء ، مصارحة ، بين الحكومة والشارع
وكطالة الناس – استعرض أربعة وزراء في الفريق الحكومي أبرز المصاعب، التي واجهتهم منذ توليهم مواقعهم الوزارية قبل نحو أربعين يوما، وفي مقدمتها مواجهة، ما أسموه بـ”التركة الاقتصادية والسياسية الثقيلة”، التي حملوها من الحكومات السابقة، وذلك خلال جلسة حوارية نظمتها مبادرة “تقّدم” في قاعة زارا في فندق حياة عمان أمس، فيما شهدت الجلسة انتقادات حادة للفريق الوزاري، من الحضور.
واستهل مدير الحوار الناشط سائد كراجة الجلسة، بطرح سؤال عام على وزراء الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة، والتخطيط والتعاون الدولي إبراهيم سيف، والبلديات وليد المصري والنقل لينا شبيب، حول مستوى التغيير الذي لمسوه في رؤاهم الشخصية لحل القضايا العامة، بين ما قبل تولي الموقع العام وبعده.
ووجه عدد من نشطاء الحراك الشبابي، ومختصون في الشأن الاقتصادي، سيلا من الانتقادات للوزراء الأربعة، حول “تقاعس الحكومة” في الدفاع عن معتقلي الحراك، واستمرار نهج رفع أسعار السلع، وإهمال تحسين المواصلات العامة، إضافة إلى انتقاد إجراء الانتخابات البلدية على ضوء القانون الحالي.
وفيما أجمع الوزراء الأربعة على أن قناعاتهم المبدئية، المتعلقة بالحريات والديمقراطية، لم تتغير بعد استلام الحقائب الوزراية، إلا أنهم وجدوا فروقات واضحة في الواقع، عند الكشف عن المعلومات والتفاصيل، التي لم يطلع عليها الرأي العام المحلي.
وقال الكلالدة إن غياب الكم الهائل من المعلومات عن الشارع، مرده إلى تقصير الحكومات السابقة، فيما اعتبر أن الانتقال الى حكومات برلمانية يتطلب المرور بمرحلة انتقالية توافقية وطنية.
وبين الكلالدة، ردا على تساؤلات الحضور، أن البلاد “بدأت تشهد عملية إصلاح منذ نحو ثلاث سنوات، وعقب عشرين عاما من التراكمات”، فيما قال “إن موقعه في الوزارة لا يسمح له بإطلاق التصريحات، كما لو كان في المعارضة”.
وقال إن هناك قوى ومراكز قرار في البلاد “لا تريد التنازل عن مكتسباتها”، وأنه ما يزال مقتنعا بمطالب الحراك الاصلاحي، وأنه “ما يزال جزء من الحراك”.
وقال “أنا ابن الحراك، ولا أحد يملك حق سلبه مني أو منحي هذا الوصف… لكن الحراك ارتكب جرائم بحق نفسه، ولم يراجع نفسه”.
ودعا الكلالدة الحراك الشعبي إلى تشكيل كتل وازنة للمشاركة في صنع القرار، وقال ان هناك قوى شعبية، منها الإخوان المسلمين والحراك، “أحبطت مخرجات لجنة الحوار الوطني”.
وقال: “قبل الذهاب الى الصناديق لا بد من التوافق الوطني.. والمشاركة في الحكومة ليست حرقا للمراحل”. فيما أكد أن الرؤية الملكية “تدعم التوافقات الوطنية وليس غير ذلك”.
وبشأن توقيف نشطاء الحراك، قال الكلالدة “نعم هناك وضع غير طبيعي، وهذه الاعتقالات ليست صحيحة”. وأضاف “المعتقلون ليسوا منسيين، لكن هناك قضايا لايفيد الحديث عنها بالاعلام”.
في سياق آخر، انتقد الكلالدة توجيه الحضور النقد للحكومة، برفع الضريبة على الالبسة المستوردة، وتجاهل دعم الصناعة الوطنية، مؤكدا ان الحكومة لن تدافع عن أصحاب رأس المال.
من جانبه، قال الوزير سيف أن هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر داخل الفريق الوزاري، إلا أنه أشار إلى أن توليه الموقع في الحكومة كشف بدقة عن حجم التركة الثقيلة الموروثة من الحكومات السابقة والتشوه في المديونية.
وكشف سيف عن تخصيص نحو 70% من مخصصات المنحة الخليجية لمشاريع تنموية ذات طابع استثماري، لافتا إلى أن اتفاقية إنشاء ميناء الغاز المسال في العقبة سيصار الى توقيعها خلال اليومين المقبلين، وسيتم تسليم الميناء والباخرة للحكومة في تشرين ثاني المقبل.
وقال سيف مكاشفا الحضور، إن وضع الأردن “مبعثر”، وأن المسافة بين الحلم والواقع “كبيرة”، فيما قال أن التغيير في الموقع الرسمي يحتاج إلى وقت أكبر من التصور.
وعن المنحة الخليجية جدد سيف قوله، بأن توقيع الاتفاقيات بشان مشاريعها يسير بشكل جيد، واعتبر ان الانفاق على تلك المشاريع ما يزال متدنيا، مرجحا ان يصل حجم الانفاق عليها من المنحة حتى نهاية العام الجاري 500 مليون دولار.
أما وزير البلديات المصري، فعزا إجراء الانتخابات البلدية إلى عدم وجود خيار آخر. فيما أكد أن الحكومة تتطلع إلى تعديل قانون البلديات، بما يضمن تمثيل أفضل والتخلص من إشكاليات الدمج والفصل وتطبيق الحكم المحلي فيها.
ورجح المصري الحاجة إلى عام كامل لإقرار قانون معدل لقانون البلديات.
إلى ذلك، قالت الوزيرة شبيب إن هناك حاجة ماسة لترجمة التصورات العملية لتحسين خدمات النقل ونوعيتها، في الوقت الذي يشهد فيه قطاع النقل حالة من عدم التنظيم.
وقالت إن هناك إشكالية تتعلق برؤية الشارع لوسائل النقل العام، مشيرة إلى أن جولات ميدانية للفريق الوزاري لم تشهد توجيه طلبات من المواطنين بإيجاد مواصلات منظمة.
واعتبرت شبيب أن تحسين المواصلات العامة يحتاج إلى تدرج، فيما عرضت الوزيرة لأبرز التحديات التي تواجه مشروع الباص السريع، وشهدت المداخلات أيضا حالة من الشد والجذب.
وتغيبت عن الجلسة وزيرة الثقافة الدكتورة لانا مامكغ التي كانت ضمن الفريق المدعو للحوار.