نقابه اصحاب صالونات التجميل … هموم ومشاكل
وكالة الناس – خاص –
تشير الإحصائيات إلى أن أعداد صالونات التجميل في المملكة تزيد على خمسة عشر ألف صالون بين صالون للسيدات أو صالون للرجال موزعة على جميع محافظات المملكة، ويتركز أكثر من نصفهم في عمان.
ويقدرعدد العاملين في قطاع التجميل في الأردن بنحو 50 ألف عامل وعاملة يضاف إليهم العاملون في الشركات التجارية والصناعية المنتجة والموزعة لمواد التجميل، والعاملون في الحرف والمجالات المساندة الأخرى. مما يعني أن نحو 200 ألف مواطن يعتمدون في معيشتهم على هذا القطاع، وهؤلاء يشكلون ما نسبته 3% تقريباً من عدد السكان الإجمالي في الأردن، وهي نسبة لا يستهان بها، وقطاع هذا جحمه، وهذه تداخلاته مع القطاعات الإنتاجية المختلفة يستحق من الجهات المعنية والمسوؤلة في المملكة، أن توجه عنايتها واهتمامها إليه، وأن تعمل على تحسس مشكلاته وتذليل ما يعترض طريقه من صعوبات، والعمل على إزالة الاختلالات التي يعاني منها هذا القطاع.
توجه المواطن لاختيار مهنة التجميل:
عندما يتوجه أي مواطن لاختيار مهنة التجميل لتعلمها والتدرب عليها والانخراط فيها واتخاذها مهنة له، يكون قد وضع نصب عينيه أنه يريد أن يحقق الغايات المنشودة من وراء مزاولة هذه المهنة والمتمثلة في:
– خدمة وطنه ومجتمعه من خلال تقديم خبراته ومهاراته لأبناء الوطن والمجتمع.
– تحقيق ذاته في كونه فرداً فاعلاً ومنتجاً من أفراد المجتمع.
– تحقيق دخل مناسب يكفل له حياة كريمة.
وعندما ينهي فترة التعليم وفترة التدريب المقررتين ويتوجه لفتح صالونه الخاص الذي يمثل حلماً راوده منذ أن اتخذ قراره بالتوجه لتعلم هذه المهنة، فإنه يجد نفسه في مواجهة عدد من التحديات والمشكلات والصعوبات التي لا بد له من التعامل معها والتغلب عليها لتحقيق مراده.
أهم المشكلات التي تواجه قطاع مهنة التجميل:
1- الإجراءات الطويلة والمتشعبة لترخيص الصالون:
إجراءات ترخيص صالون تجميل السيدات إجراءات طويلة ومتشعبة مقارنة بترخيص أي مهنة أخرى؛ ففي الوقت الذي يحصل فيه صاحب صالون الحلاقة للرجال أو محلات مهن أخرى كثيرة على الترخيص خلال يوم أو يومين فإن إجراءات ترخيص صالون السيدات تحتاج إلى وقت طويل ومراجعات متعددة لدوائر رسمية كثيرة منها وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الداخلية، ومحافظة المنطقة، ومديرية الأمن العام، ومديرية شرطة المنطقة، والمركز الأمني في المنطقة، ومديرية الدفاع المدني، ومركز الاعتماد وضبط الجودة، وأمانة عمان أوالبلدية المعنية؛ الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً ومتابعات متعددة.
ولمواجهة هذه التحدي فإن الأمر يتضمن تخفيف هذه الإجراءات ومساواتها باجراءات ترخيص صالون الحلاقة للرجال وغيره من محلات المهن الاخرى. كما يتطلب إشراك النقابة في تحديد إجراءات ترخيص الصالون بما يتوافق مع القوانين والأنظمة المعمول بها في الأردن.
2- تغييب دور النقابة ومؤسسات المجتمع المدني:
لعبت النقابة دوراً مهماً في تنظيم قطاع مهنة تجميل السيدات منذ تأسيسها عام 1976 وحتى صدور قانون تنظيم العمل المهني عام 1999 وإسناد مهمات تنفيذية في هذا القانون لمؤسسة التدريب المهني، حيث تم إلغاء دور النقابة في وتغييبها تماماً عن دورها في تنظيم هذا القطاع الذي حدده لها نظامها الأساسي الصادر بموجب قانون العمل الأردني، وإسناد هذا الدور لمؤسسة التدريب المهني حتى عام 2013، ومن ثم لمركز الاعتماد وضبط الجودة بعد أن كانت النقابة هي الجهة المعتمدة لإصدار شهادة مزاولة المهنة لأصحاب صالونات التجميل، وكانت هي الجهة المسؤولة عن إجراء الاختبارات المهنية للمتقدمين لفتح صالونات جديدة، وكانت تشارك في وضع التعليمات والتشريعات ذات العلاقة بالمهنة كما كانت تساهم في إعداد مناهج التعليم والتدريب المهنية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، كما كان لها دور استشاري مهني في ترخيص الصالونات والمعاهد، وكانت تشارك في مختلف اللجان، وكانت هي المرجعية المعتمدة للجهات الرسمية المختصة، مثل: أمانة عمان، والبلديات، ومديرية الأمن العام، والمحافظات، ووزارة الصحة، ووزارة العمل، ووزارة التربية والتعليم، وغيرها من المؤسسات الرسمية.
ومن الأمثلة على تغييب دور النقابة أن النقابة لم توجه لها دعوة لحضور اللقاء الذي أجرته جلالة الملكة رانيا في مؤسسة التدريب المهني مع ممثلي القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للتعرف على التحديات التي تواجههم.
وفي ضوء تغييب النقابة عن الشؤون المتعلقة بالمهنة اقتصر دور النقابة على بعض الشؤون الخدمية، والاستماع لشكاوى اصحاب صالونات التجميل والاستماع لمعاناتهم، دون أن يكون لها أي صلاحية أو قدرة على حل هذه المشكلات أو التخفيف من هذه المعاناة، أو مواجهة أي تحدي للمهنة والعاملين فيها .
وضمن التوجه العام لإشراك مؤسسات المجتمع المدني في عملية التطوير والتنمية فإنه لا بد من إسناد دور للنقابة العامة لأصحاب صالونات التجميل في تنظيم قطاع التجميل في الأردن لكونها الجهة الوحيدة التي تمثل قطاع التجميل في الأردن والتي تمتلك الأهلية والكفاءة والمعرفة بهذا القطاع.
3- العمالة الوافدة :
يواجه قطاع مهنة التجميل في الأردن مشكلة النقص في الأيدي العاملة الأردنية الماهرة والمدربة في بعض مهارات هذه المهنة وأهمها مهارة التدريم والتطريف (المنكير والبديكير)، حيث لا تقبِل العمالة الأردنية على مزاولة هذه المهارة مما يضطر أصحاب الصالونات إلى الأستعانة بالعمالة الوافدة، إلا أن الأنظمة المعمول بها لدى وزارة العمل تضع معايير وقيود متشددة وغير واقعية على استقدام مثل هذه العمالة، الأمر الذي يقتضي إشراك النقابة في وضع المعايير والشروط اللازمة لاستقدام هذه العمالة. كونها الجهة الأقدر على وضع المعايير المناسبة في هذا الشأن.
4- ممارسة المهنة في المنازل دون ترخيص:
على الرغم من أن النقابة تدعم التوجهات الرامية إلى تشجيع جميع المواطنين لأداء دورهم في خدمة مجتمعاتهم من شتى المواقع بما فيها المنازل إلا أن هذا الأمر يؤدي إلى منافسة غير عادلة ما بين تعرفة أسعار المنازل وتعرفة الصالونات في المحلات التجارية نتيجة لعدم تحمل العاملين في المنازل لأجور المحلات ورسوم الترخيص وضريبة الدخل والمبيعات.
5- التعليم والتدريب في المواقع غير المتخصصة ومخرجات التدريب:
يتلقى الراغبون في تعلم مهنة التجميل تعليمهم وتدريبهم في مواقع متعددة منها المدارس والأكاديميات ومراكز التدريب المؤهلة والمرخصة للتعليم والتدريب، ومنها صالونات التجميل المرخصة لمزاولة المهنة لكنها غير مرخصة للتعليم والتدريب؛ مما يخلق تفاوتاً كبيراً في مخرجات التدريب بين من يتلقى تدريباً في المراكز والمعاهد المتخصصة وبين من يتلقى تدريبه في غيرها، حيث أن على مخرجات التدريب أن تلبي متطلبات سوق العمل من حيث الكفاءة والمهارات؛ الأمر الذي يقتضي ضرورة حصول الجهة الراغبة في التعليم والتدريب على الترخيص اللازم لذلك من الجهات المختصة، وهي مركز الأعتماد وضبط الجودة.
6- مزاولة المهنة من قبل العمالة غير المدربة وغير الخبيرة (المستثمرين):
تصل إلى النقابة وإلى المحاكم الأردنية الكثير من الشكاوى من مواطنات تعرضن إلى مشكلات صحية ناجمة عن قيام أشخاص غير مؤهلين بالتعامل مع الشعر والبشرة، سواء في عمليات استخدام المواد الكيماوية أو قص الشعر؛ الأمر الذي يؤدي إلى مشكلات صحية واجتماعية وقانونية، ونجد أن معظم هذه المشكلات تنشأ في الصالونات التي يكون أصحابها من المستثمرين غير المهنيين وهؤلاء المستثمرين يقومون بتعيين مهنيين مؤهلين لغايات الترخيص وبعد الحصول على الترخيص يقومون باستبدالهم بمهنيين أقل كفاءة وخبرة لتوفير الفرق في الراتب بين الأكثر خبرة والأقل خبرة، وهذا الأمر يقتضي التأكيد على ضرورة أن يكون المهني الكفؤ والمؤهل الذي يدير الصالون شريكاً في الصالون لضمان عدم استبداله بشخص لا يتمتع بالكفاءة والخبرة اللازمتين.
7- عدد ساعات العمل ويوم العطلة الأسبوعية:
من الملاحظ في سوق العمل الأردني في مهنة التجميل أنه لا توجد هناك ساعات عمل محددة لصالون التجميل فبعض الصالونات تعمل مدة اثنتي عشرة ساعة أو أكثر يومياً وتزيد هذه الساعات أو تنقص تبعاً للمواسم والمناسبات، كما أن كثيراً من الصالونات تعمل على مدى سبعة أيام في الأسبوع دون يوم عطلة أسبوعية؛ مما يتسبب في إرهاق العامل وصاحب العمل في الصالون وهذا الأمر يتطلب وجود تشريع يحدد عدد ساعات العمل اليومية في الصالون وتحديد موعد محدد لإغلاق الصالونات وتحديد يوم للعطلة الأسبوعية، الأمر الذي يقتضي وجود جهة رقابية تراقب تنفيذ هذا التشريع.
8- التشريعات ذات العلاقة:
إن أهم التشريعات التي تتسبب في معاناة أصحاب صالونات التجميل:
– قانون المالكين والمستأجرين: حيث يعتمد هذا القانون مبدأ أجرة المثل وهو مبدأ لا يحقق العدالة ويحمل المستأجر أعباء مالية تكون في كثير من الأحيان فوق طاقته.
– قانون ضريبة المبيعات: حيث أن حد التسجيل في الضريبة هو ثلاثون ألف دينار وهذا الرقم يحتم على الغالبية العظمى من أصحاب صالونات التجميل التسجيل في هذه الضريبة في ظل النفقات التي يتحملها الصالون التي قد تصل إلى هذا الرقم أو تتجاوزه في كثير من الصالونات، ولا سيما في ظل ارتفاع اجور العقارات، وارتفاع اجور العمال، وارتفاع اثمان، الكهرباء والمياه، والمواد المستهلكة، وفي ظل المنافسة بين الصالونات المسجلة في ضريبة المبيعات والصالونات غير المسجلة فيها؛ الامر الذي يقتضي رفع الحد الأدنى للتسجيل في ضريبة المبيعات.
– قانون الضمان الاجتماعي: حيث يشمل القانون الصالونات التي تضم عاملاً واحداً، ويرتب على صاحب العمل غرامات تبلغ 2% شهرياً إذا تأخر عن توريد مستحقات الضمان لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ونتيجة لعدم وجود محاسبين لدى الغالبية العظمى من أصحاب الصالونات فقد يتعرض صاحب الصالون إلى التأخر في توريد هذه المستحقات بدافع النسيان أو عدم الوعي بالقانون مما يحمله أعباء مالية إضافية.
أسعار الخدمات في صالونات التجميل:
إن من الأهداف التي تسعى النقابة لتحقيقها بموجب نظامها الأساسي هو وضع تعرفة يتم بموجبها تحديد الأجور التي تستوفى من رواد الصالونات وتعديلها كلما اقتضى الأمر، وقد عملت النقابة على وضع هذه التعرفة وتعميمها على الصالونات الأعضاء في النقابة، وجرى تعديلها أكثر من مرة في ضوء ارتفاع تكاليف تقديم الخدمة نظراً لارتفاع أثمان المواد، وأجور العقارات، وأجور العمال، وأثمان المياه، والكهرباء … الخ. إلا أن هناك أسباباً حالت دون قدرة النقابة على الزام أصحاب الصالونات بتطبيق هذه التعرفة على الصالونات العاملة في المملكة، وأهم هذه الأسباب هي:
– عدم إلزامية الانتساب للنقابة: إن التشريعات المعمول بها في المملكة لا تلزم أصحاب الصالونات بالانتساب للنقابة، الأمر الذي يحول دون قدرة النقابة على تعميم تعرفة الأسعار وتطبيقها على الصالونات غير الأعضاء في النقابة.
– عدم وجود جهات رقابية ذات صلاحيات تنفيذية تراقب مدى التزام أصحاب صالونات التجميل بالتعرفة المحددة من قبل النقابة، علماً بأن النقابة لا تمتلك الصلاحيات التنفيذية لتطبيق هذه التعرفة، وذلك في ظل تهميش دورها، وعدم تعاون الجهات الرسمية ذات الصلاحيات التنفيذية معها.
كلمة أخيرة:
لا بد لقطاع مهنة التجميل في الأردن من جهة مرجعية مؤهلة وخبيرة بشؤون هذا القطاع، ولها خبرة طويلة في معالجة قضاياه، بالإضافة إلى قربها من القطاع وتعاملها اليومي والمستمر مع مكوناته، وليس هناك جهة تتمتع بهذه المواصفات أكثر من النقابة العامة لأصحاب صالونات التجميل التي تعايشت مع هذا القطاع منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً والتي كان لها الدور الأكبر في تنظيم شؤون القطاع على مدى أكثر من عشرين عاماً إلى أن سحب منها هذا الدور وتم تهميشها لصالح جهات أقل منها خبرة وكفاءة، ولا تسعى حتى للتعاون معها في حل مشكلات هذا القطاع ومواجهة تحدياته.