ديمقراطية "صيني"
من قلبي أشفق على اليابانيين،فهم يغرقون في الأبحاث الجادة ، ويمضون ساعات طويلة في أقسام التطوير ، ويستقطبون أنظف العقول في الإبداع والبرمجة، فتضيق عيونهم وتصح بحجم نواة الزيتون، وتصفرّ وجوههم، وتتقوّس ظهورهم، فقط ليخرجوا للعالم بجهاز اليكتروني جديد ، أو ماكنة كهربائية متطوّرة بقطع مكفولة ومضمونة يكتسحوا بها السوق..
لكن ، ما أن يماط اللثام عن المنتج الجديد ، سواء أكان هاتفاً متحركاً او كمبيوتراً محمولاً ، حتى تجده في اليوم التالي، متوفرا في السوق بنفس الوانه وتصاميمه واشكاله وطريقة تغليفه ، الا انه بخمس ثمن المنتج الياباني ..فمنذ أن نفضت اليابان غبار الحرب العالمية الثانية عنها والعقل الياياني يجتهد ويخترع..واليد الصينية تنسخ وتقلد ، والجيبة العربية تدفع للاثنين..
ولأن التقليد يسري بالدم الصيني …فأنهم لم يكتفوا بتقليد الأجهزة والمكائن وتكنولوجيا الاتصال والأدوات المنزلية والمعدات الكهربائية الكثيرة وحسب، بل قاموا قبل أسابيع بتقليد “أسدّ” ووضعه في قفص الأسود في حديقة حيوان “هنان” في الصين..حيث استاءت إحدى السيدات عندما اخبرها ابنها -6 سنوات- أن الأسد الذي شاهده في الحديقة اليوم قد “نبح” عندما نظر إليه..لتكتشف لاحقاً أن إدارة الحديقة قد خدعوا الزوار عندما احضروا كلباً “مربربراً” وقاموا بقص شعره وتزبيط ذيله ليصبح أسداً مقلّداً مقاس ” medium”..
أنا لا ألومهم..الجماعة هكذا ، دائماً يفكرون في توفير السلع والخدمات بأقل تكلفة ممكنة، يعني لو كان اسداً حقيقياً ، لكان سعر التذكرة أغلى أضعافاً مضاعفة فالاسد بحاجة يومياً إلى خروف طازج “ذبح اليوم” ليأكل ، بالإضافة إلى مصاريف البيطرة ، والنظافة والدلال الزائد، والاهتمام المبالغ فيه كونه ملك للغابة ،ناهيك عن الخلوة الشرعية اليومية مع اللبؤة كواحدة من شروطه مع الحديقة ليحافظ على مزاج رائق مع الزوار و عدم التنكيد عليهم…اما الكلب المسكين فلا يتعدى مصروفه دجاجة في اليوم ..ولا يشترط ان تكون طازجة فالدجاج “المجمّد” او منتهي الصلاحية أيضا نعمة كريم من وجهة نظره…ثم انها فرصة تاريخية بالنسبة له أن يأتيه عقد عمل “بمهنة أسد”..بعد ان كان كائناً متواضع القيمة بين الحيوانات ويقوم بمهنة مهينة عند البشر…
على أية حال..الصواينة قلّدوا كل شيء وصدروا الينا كل شيء..بدءاً من أقلام الرصاص وانتهاء بالصواريخ المضادة للطائرات..ترى الم يفكّروا بتقليد ديمقراطية غربية “عليها العين” نخب أول علّهم يصدروها الينا ..بدلا من كل هذه الديمقراطيات المزّيفة والمهترئة التي تجبرنا الأنظمة على ارتدائها رغم انها تكشف ثلثي عوراتنا؟؟…