0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

شيوع الفكر المتوحش وغياب الفكر العليم

يوم الجمعة قتل أكثر من ٢٠ عراقياً وجرح العشرات بتفجير مسجد في سامراء ويوم السبت قتل ٥٠ عراقيا في تفجير مزدوج أثناء وجودهم في بيت عزاء بمدينة الصدر ببغداد . ولقد وصف الضحايا في التفجير الأول بانهم من السنة وفي الثاني انهم من الشيعة .
مثل هذه الأخبار أصبحت على لائحة الأحداث اليومية في العراق ومثلها أيضاً على لائحة أحداث تقع بين وقت وآخر في باكستان ولبنان واليمن وآخرها كان في نيروبي عندما تبنى تنظيم صومالي يدعي ( الشباب المسلم ) تفجير احد المولات الذي قتل فيه أكثر من ٣٠ من المدنيين .
عين العاصفة في موجة الإرهاب العالمي تظل في العراق حيث قتل ما يزيد عن ٤ الاف منذ شهر ايار الماضي نتيجة هذه التفجيرات ، القتل اليومي مستمر في هذا البلد والضحايا المستهدفون اما ان يكونوا من السنة او من الشيعة وكأننا امام حرب سنية شيعية غير ان من عجائب وغرائب هذه الحرب القذرة ان العراقيين السياسيين وغير السياسيين من الطائفتين ينكرون وجودها ، يوجد قتلى وضحايا لكن لا توجد حرب !! .
لا أريد هنا ان ابحث في الظروف التي جعلت القاعدة تتحرك بسهولة امنية وقوة مالية وتنظيمية كبيرة ، وبيئة حاضنة تسمح لها بإرسال عشرات السيارات والمتفجرات الى شوارع العراق فهذه مسؤلية الأطراف السياسية في ذلك البلد المنكوب . ما يستحق التوقف هو هذا التشويه الكبير الذي يلحق بصورة الاسلام ، ان العالم العربي الإسلامي يعيش اليوم واقع وجود حرب على الاسلام اداتها ووقودها هم المسلمون والهدف منها الحاق اكبر الأذى بعقيدة ومفاهيم هذا الدين السماوي الحنيف .
لقد فقد المجتمع العربي – الإسلامي ميزته التاريخية في احتضان « المجتمعات المتعددة البطون واللهجات والثقافات والاعتقادات والرؤى ، والتعايش معها في نطاق دولة وثقافة موحدة ، مركزية التوجيه وعقلانية المنحنى « كما كتب المفكر العربي محمد أركون ، كما لا يعيش هذا المجتمع حالة انسانية راقية من الصراع بين الفكر المتوحش ( الجاهلي ) وبين الفكر العليم ( باصوله كما كان في العصور العربية الاسلامية المزدهرة ) انما يعيش مرحلة من القحط الفكري حيث يتم ازدراء المعرفة والعلم والسماحة الدينية التي تقوم عليها الدولة الحديثة ، لصالح مشاعر جاهلية وعقول مغلقة ، وأنظمة متخلفة تنبت في مستنقعاتها أشد الأساليب وحشية في القتل الجماعي ما ينطبق عليها وصف جرائم ضد الإنسانية .
من البؤس ان يوصف الوضع بانه (صحوة إسلامية) وإنما هو صحراء قاحلة لا وجود فيها لاي فكر تجديدي عربي وإسلامي ينهض بالشعوب الى مرحلة الفكر العليم الذي ينبذ الأفكار المتشددة التي تسعى لفرض وجودها وتفسيرها للدين على الناس بالقوة وبالإرهاب والقتل الجماعي . ان استفحال قتل المسلم للمسلم وقتل الناس على الهوية والمعتقد. وهم ليسوا في ساحة حرب وعلى غفلة من أمرهم ، هو دليل على عقم الفكر والتجديد في المجتمعات العربية الإسلامية لصالح عقلية الفتن وإحياء حروب وثارات المذاهب التي تحركها غرائز الغضب والتعصب والحقد .
كما يتحمل السياسيون من جميع الأطراف في العراق وحيثما تتوطن الفتن وزر تشكيل البيئة التي تجعل القتل سهلاً وبالجملة في المساجد ومن تفجير الأسواق نزهة ، ان عجزهم في بناء دولة المواطنة ، الآمنة المستقرة ، هو مصدر شيوع الفكر المتوحش الصانع لحرب المذاهب والتدمير وعمليات تفتيت الشعوب والأوطان .