0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

انهم بشر مثلنا

ويسألون عن سبب هذا التناقض الغريب بين ماضينا وحاضرنا، أما أنا فأقول، بأننا صنعنا لأجيالنا الشابة تاريخا مختبريا تحت ظروف مختبرية، ونطالبهم بالتمثل به ، وهذا مستحيل وغير صحيح على الاطلاق، ويؤدي حتما الى احباط الشباب وهروبهم وتهربهم من ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم معا، والوقوع في مطب الاغتراب التام.
من لا يصدقني فيشاهد احدى المسلسلات التاريخية التي تحكي عن ابطالنا العرب في العصر التليد. لا اخفيكم ان موجة اكتئاب تطيح بي وأنا اشاهد هؤلاء الرجال العظام فعلا ، وقد تحولوا الى كائنات اسطورية لا علاقى لها بالواقع ، لكأنهم كائنات تم استحضارها من الفضاء الخارجي .
كم انا مسرور ان هذه المسلسلات التاريخية قد انحسرت قليلا، أنا مسرور فعلا لاعتقادي بأن تلك المسلسلات تسيء إلى الأبطال التاريخيين، حينما تصنع منهم كائنات سينمائية معزولة عن إنسانيتها.. إنها مجرد كائنات من أنصاف الآلهة التي لا تخطيء أبدا، وهي مجرد كتلة من الشجاعة والعفة والمروءة والشمم والإباء والكبرياء والإخلاص… وما إلى ذلك من مفردات .
لذلك يتلقى الشاب العربي جرعة عن مثال من الماضي مصنوع في المختبر ،ويعتقد بأن الماضي كان هكذا ، وان وسيلتنا للتحرر لن تكون إلا بالعودة للماضي العتيد.
آما نحن الذين ابتلينا بقراءة التاريخ ، كما هو بلا رتوش ولا تصنيع، فإننا ندرك كم تعطي هذه المسلسلات التاريخية من فكرة مزورة ومفصولة عن الواقع.
أبطالنا ليسوا ملائكة ، بل هم بشر خطاؤون، حتى الأنبياء منهم. ومثل هذه المسلسلات صنعت وتصنع شبابا مفصولين عن واقعهم الحقيقي وعن ماضيهم الحقيقي … فلا يفهمون ماضيهم ولا حاضرهم، وبالتأكيد لا يفهمون السبل الحقيقية والفعلية لصنع مستقبلهم الحقيقي.
ترى هل نستطيع في المستقبل انتاج مسلسلات أكثر واقعية يمكنها أن تساهم في بناء أجيال جديدة أكثر واقعية؟؟

ghishan@gmail.com