يعطينا خير هالضحك!!
قبل سنتين شعرنا بنشوة هائلة عندما بدأنا نلمس سخرية الأردنيين الحقيقية، من تعليقات ونكت وطرائف وصور مدبلجة وغيرها، واستبشرنا خيراً بهذا التحوّل العظيم من “الكشرة” إلى حسن”العِشرة”،لأن السخرية هي أول دروس الشجاعة، وأول اختبار ناجح للقفز عن الحواجز، وهي الطريق الأسرع إلى الوعي بالحقوق ومن ثم المطالبة بها بجرأة وأنفة…
وحسب مفهومنا المبسّط للسخرية بأنها وسيلة وليست غاية !! وعدد الكلمات التي تكتب يجب أن تكون بأهمية “رصاصات المسدّس” التي تطلق في مواجهة مصيرية بين خصمين،حيث لا مجال لأخطاء الهدف، ولا مجال لإطلاقها في الهواء ، ولا مجال للاستعراض بها..
ما أودّ قوله..عظيم جدّاً أن يصبح الشعب ساخراً بامتياز ، لكن بشرط الا يكون على حساب السعي وراء قضاياه والمطالبة بجدّية للحصول على حقوقه..وإلا انقلب العيش الى “نكتة” والسياسة الى “دندرة” والقرارات المهمة الى “تفطيس من الضحك”..
ما تم إنتاجه في اليومين الأخيرين حول رفع الملابس من تعليقات نارية ساخرة وصور “مدبلجة” واقتراحات خارقة وتخيلات لا حدود لها..كافية ان تغرق دولة مثل الهند من الضحك والتندّر..لكنها لن تشتري لفقير “بلوزة” يستر بها نفسه في الشتاء القادم ، او تؤمن لابنته مريولاً مدرسياً احتياطياً…
أنا أقبل وأتفهم أن يقوم الناس العاديين بالسخرية من هذا القرار ومن كل القرارات الشبيهة لأنه ليس بيدهم حيلة سوى “رمي فتّيش” الكلام على “بلدوزر” الرفع..لكن لا استطيع أن افهم ان يقوم من بيده سلطة الرقابة بممارسة السخرية هو أيضا كسلاح أخير..أحد النواب كتب على صفحته بـ”الفيس بوك” صبيحة الجمعة دعاء يدعو فيه على الحكومة ويطلب من الله ان يخلصنا منها وان يريحنا من قرارتها ، ودعا آخر ساخراً زملاءه بالحضور جلسة اليوم بـ”الشورتات” و”الشبّاحات” ردّاً على قرار الحكومة برفع أسعار الجمارك على الملابس المستوردة ..طيب إذا تحوّل هؤلاء وغيرهم من الشركاء في صناعة القرار والقادرين على إيقافه الى “ساخرين”..من تبقّى ليدافع عنّا؟!!..
ما أود قوله ..يجب ان نحافظ على أدوارنا وألاّ نميّع “حقوقنا”..فإذا تحوّلنا جميعاً من شعب “ماكل روح” الخل وسياسيين ومراقبين الى مجرّد “نهيّفة” و”لطّيطة حكي” ع “الفيس والتويتر”..سنبقى نتعرّى و نأكل “خماسيات” على وجوهنا وسياط القرارات على ظهورنا و”الشلاليت” زخّ على مؤخراتنا..ونحن مغرقون في هستيريا الضحك..مرّددين:
(الله يعطينا خير هالضحك)…
أي هُمه خلوا فيها خير!!..