صفقة مؤجلة المزايا بين الدولة والإسلاميين
في غامض عمان اتصالات استجدّت مع جماعة الاخوان المسلمين، من جانب احدى الجهات المهمة، لترتيب لقاء بين الطرفين على ماهو مفترض.
الاسلاميون يرغبون بمقابلة مسؤولين سياسيين، وهم ايضا لم يردوا على هذه الدعوة حتى الان، ووفقا لمطلعين فإن خوفهم لايتبدد من احتمال تسريب تفاصيل اللقاء، وتوقيته، مقارنة مع لقاءات سابقة.
المفارقة تتجلى هذه المرة باستباقهم التسريب المقبل المحتمل بتسريب مبكر لهذه الدعوة، وهكذا تصبح قصة التسريب متبادلة.
سبب الخوف من تسريب تفاصيل اللقاء يعود الى ان اللقاء قد يتم توظيفه وتسييله على مستويات شعبية للقول ان الاسلاميين ينتظرون مجرد اشارة، من اجل اللقاء وعقد الصفقات،وفي ذات الوقت اعتبر الاسلاميون هذه الدعوة ايجابية، من حيث المبدأ، وان لم يحسموا الرد عليها حتى الان.
الدولة تعرف ان عاصفة الربيع العربي تجاوزت الاردن، واذا كانت هناك ملفات ضاغطة، فهي تنحصر بالملف الاقتصادي وتأثيراته الداخلية.
الملف الضاغط الاخر يتعلق باحتمال انفجار الازمة السورية لاي سبب مستجد، وانفجار الازمة السورية يبقى واردا خصوصا مع المعلومات التي تقول ان جهازا امنيا اقليميا قد يعمد الى تدبير حادثة سلاح كيماوي كبرى ومدوية لنسف الصفقة مع دمشق، وجر المنطقة الى حرب خلال اسابيع.
الانفتاح على الاسلاميين،يأتي والدولة لاتشعر بأي ضغط من الحراكات او الشارع او الجماعة، في ظل مايمكن اعتباره خسائر اقليمية للجماعة على مستوى مصر ودول اخرى،واي مفاوضات قد لاتجري بروحية المنتصر مع المهزوم، غير انها سوف تتأثر بالتأكيد بكل هذه البيئة.
تصادمت،سابقا، ثلاثة اتجاهات في الدولة،اتجاه يريد معاقبة الجماعة وحلها وانهاء وجودها، وهذا اتجاه تم رفض رأيه كليا من جانب الملك، واتجاه ثانٍ يريد الانفتاح على الجماعة لكون شروط الانفتاح سهلة، وغير مكلفة، والاتجاه الثالث الذي كان غالبا في تأثيره، طرح رأيا يقول ان تحجيم الاسلاميين في مكانتهم الحالية هو الافضل.
مالذي استجدّ اذن حتى تتم دعوة قيادات الاخوان المسلمين للقاء على مستوى مهم؟ وهل تغيرت رؤية الدولة ازاء الاسلاميين، وتم التراجع عن سيناريو «التحجيم» الذي تمت المصادقة عليه في وقت سابق؟!.
جس النبض بين الدولة والاسلاميين،واضح، فالدعوة للقاء تعني غزلا غير مكتمل، فيما الجماعة اطلقت ثلاث رسائل غزل في اسبوعين تتلخص ببيانات حزب جبهة العمل الاسلامي وشورى الاخوان المسلمين ثم تصريحات ايجابية لقياديين، وكلها رسائل حملت دفاعا عن العرش والدولة.
هناك،ايضا، حملة علاقات عامة سياسية مقبلة على الطريق يعتزمها الاسلاميون للانفتاح على مسؤولين حاليين وسابقين، وقد زار مثلا نائب المراقب العام للجماعة مسؤولا مهما متقاعدا في سياق مجاملة اجتماعية،ستتبعها زيارات اخرى لمسؤولين آخرين، وفقا لمنطوق مطلعين.
جهات نافذة ومؤثرة في الظلال قدمت نصائح للمرجعيات في عمان بضرورة اغتنام هذا المناخ وفك عزلة الاسلاميين فهذا أنسب توقيت للمصالحة، وسؤال المصالحة او العداوة سؤال يشغل بال جهات داخلية وخارجية على حد سواء،في سياقات قراءة الاردن مستقبلا.
فكرة الاستكشاف مازالت الغالبة، كما ان عقل الدولة المركزي قابل لاي صفقات، ما دامت الحركة الاسلامية بعيدة عن الضغط على عصب الدولة عبر الشارع، وهو ضغط لم تنساه الدولة للاسلاميين،وتريد التأكد ان العودة الى الشارع باتت اثرا بائدا، دون ان يعني ذلك الخوف من الشارع، بقدر اعتبار السلوك مربكا وغير مجد لاي طرف، وقد ثبت انه مذموم شعبيا.
كيف سيتم تعويض الاسلاميين سياسيا،في ظل غيابهم،فهم بعيدون عن البلديات والبرلمان، هل سيقبل الاسلاميون صفقة مؤجلة المزايا، أم ان الدولة ستقدم لهم دفعة تحت الحساب.
تحلي الاسلاميين بشروط التهدئة وطول النفس والخروج من الشارع،ستؤدي بالضرورة الحتمية الى مصالحة الدولة؟!.
الجو جميل وشاعري…هذه هي الخلاصة.