معالم المرحلة النيابية القادمة: 'سياسة جديدة' و'ترميم المجلس' و'اعادة الهيبة' !
رئاسة المجلس، بعد التجاوزات التي وقعت تحت القبة بفترات سابقة متعاقبة توجت قبل ايام بحادثة اطلاق النار من بندقية كلاشينكوف قام بها نائب اختلف مع زميله، وفصل على اثرها من عضوية المجلس فيما جمدت عضوية الاخر منه سنة كاملة، في مؤشر اعتبره مراقبون، توجها سياسيا جديدا لادارة المجلس بانهاء حالة الفوضى التي طغت على المشهد البرلماني للمجلس السابع عشر.
ترتيب البيت الداخلي لمجلس النواب، يسهم بلا ادنى شك، بتجسير الهوة بين النواب وقواعدهم الانتخابية، التي طالما عكست صورة سلبية لمجالس نيابية سابقة ، والتي ستؤدي الى انعكاسات اخطر على العملية الديمقراطية برمتها، اذا بقيت همزة الوصل مفقودة بين الناخب والمنتخب، وظلت صورة السلطة التشريعية مهتزة بنظر المواطنين الباحثين عن ‘طوق ديمقراطية’ !
اعادة الثقة بين الطرفين، يحتاج الى جهد مضاعف وصادق من النواب انفسهم والذين لا نشكك بمصداقيتهم بتاتا، الا ان احوج ما تتطلبه عملية ‘ترميم’ مجلس الشعب ، هي اعادة ثقة الشعب به، ولن تكتمل عملية الترميم تلك الا باعادة هيبة المجلس اولا واخيرا، من خلال جهد نيابي جماعي يضع في حساباته مصلحة الوطن والمواطن قبل كل شيء.
حادثة الكلاشينكوف، يبدو انها كشفت نوايا جادة ‘في نفس النواب’ بضرورة اعادة الحسابات الداخلية للمجلس، ترجمت لاحقا وبشكل متسارع وحميد الى قرارات، ورسائل واضحة وجلية بضرورة ايقاف ‘الهدر النيابي’ من خزانات ‘الديمقراطية’ !
تصريحات رئيس مجلس النواب سعد السرور بالامس خلال ندوة حوارية بوكالة الانباء الاردنية، بعثت رسائل سياسية محنكة مشفوعة بكل كياسة ودبلوماسية، الى نواب قال السرور ان ‘حماستهم للعمل وخدمة الوطن جعلتهم يريدون تغييرا سريعاً’، وسرد كيف استوعب المجلس في بدايات عمله ‘بعض التصرفات التي لا يقرها’، من ‘عدد محدود من النواب’، لـ’ اعطائهم فرصة الوصول الى مرحلة من التآلف والتعرف على الاعراف والتقاليد البرلمانية’.
وفي الوقت الذي قصد فيه السرور وبدبلوماسية محنكة ايجاد ‘عذر ‘ لـ’حماسة’ و’تسرع’ بعض النواب، رأى السياسي المخضرم ايضاً ان ‘المؤسسة التشريعية لا تقوم على السرعة والتسرع، بل تقوم على الانجاز الدقيق والهادئ والمدروس كي لا تقع في الخطأ’ !
مدرسة السرور السياسية، تجلت بكل وضوح خلال تعامله مع حادثة الكلاشينكوف بهدوء وترو وحكمة، وابرزت خبرة الرجل السياسية والبرلمانية التي مكنته من ادارة الازمة بكل احترافية، وابرزت كذلك مكامن نيابية مخبئة يبدو انها كانت تنتظر التقاط الشارة !
قرار اعادة الهيبة لمجلس النواب، وترميم بيته الداخلي، واعادة مد جسور الوصول والتواصل بينه وبين المواطنين، يبدو انه قد اتخذ على اعلى مستويات القيادة في الدولة، وبتكتيك سياسي من رئاسة مجلسه التي حددت معالم جديدة للمرحلة البرلمانية القادمة، وبشكل حازم لا يقبل الخلل، ليكون على قدر الحمل والمسؤولية الملقاة على عاتقه، سيما وان المرحلة لا تقبل التهاون مطلقا.
سفينة مجلس النواب السابع عشر التي ابحرت قبل اشهر من الان حملت على متنها امال وطموح وتطلعات الشعب الاردني، وقيادته التي لا تتوقع منها الا تحقيق التطلعات وتلبية الطموحات والوصول بالسفينة ومن فيها الى بر الامان.
وتلك السفينة ارسل ربانها، وقائد دفتها المحنك، رسالة مشفرة بالامس ، بان المهمة التي تترقب اعضاء المجلس، تتمثل بايصالها الى ‘مرفىء الشعب’ مجددا، سالمة غانمة، رغما عن الامواج المتلاطمة هنا وهناك !!