0020
0020
previous arrow
next arrow

مضاعفة الضرائب على "الاتصالات" تحد من تحقيق أهداف استراتيجية القطاع

3

قال خبراء في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أمس، إنّ فرض الحكومة مزيدا من الضرائب على القطاع، وتوجهها لفرض أخرى، يضع علامات استفهام حول إمكانية تحقيق الأهداف التي وضعتها الحكومة بالتشارك مع القطاع الخاص في الاستراتيجية الوطنية للقطاع والتي انتهى العمل عليها وأقرت منتصف العام الحالي.

وأكّد الخبراء في القطاع أنّ مضاعفة الحكومة الضريبة الخاصة على الخدمة الخلوية من
12 % الى 24 %، وعلى الأجهزة من 8 % الى 16 %، وتوجهها لزيادة ضريبة الدخل على “الاتصالات” من 24 % الى 35 %، وزيادة ضريبة الدخل على شركات تقنية المعلومات من 14 % الى 25 % لبعض الشرائح، فضلا عن زيادة ضريبة الدخل على الأفراد العاملين في القطاع، كلها قرارات ستحد من نمو وتطور القطاع وبالتبعية تحقيق الأهداف الرئيسية التي وضعت في الاستراتيجية الوطنية للقطاع التي جرى العمل عليها أكثر من عام.
وأشار الخبراء إلى أن قرارات الحكومة الأخيرة وتوجهاتها الأخرى جميعها اتخذت بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقطاع أو بالتزامن، ما يعني “تجاهلا” واضحا للاستراتيجية وما ورد فيها من أرقام وأهداف “طموحة” قد لا يصلها القطاع بدون ضرائب، فكيف الحال بعد هذه القرارات والضرائب المتزايدة على قطاع ناجح أصبح يسهم بنحو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وكانت شركات الاتصالات الرئيسية وشركات تقنية المعلومات، أعلنت في أكثر من مناسبة خلال فترة الشهرين الماضيين عن تراجع القطاع وتعرضه لحالة من الصدمات المالية ستعمق حالة التراجع هذه وتؤثر سلباً في مزيد من الاستثمار، والتوظيف، وانتشار الخدمات، وإيرادات القطاع، فيما تخط الاستراتيجية الوطنية للقطاع التي أطلقت رسميا بداية شهر تموز (يوليو) أهدافا طموحة وتوقعات بتزايد الاستثمارات والتوظيف والإيرادات للقطاع.
الاستراتيجية الوطنية لقطاع الـICT وضعت أهدافا لتحقيقها خلال السنوات حتى نهاية 2017، تشتمل على: رفع إيرادات القطاع في الاتصالات وتقنية المعلومات من ملياري دولار في العام 2011 الى 3.15 مليار دولار في العام 2017، ورفع الاستثمار المباشر وغير المباشر من 205 ملايين دولار الى 450 مليون دولار في العام 2017، ورفع التوظيف المباشر في القطاعين من 15 ألفا الى 20 ألفاً بعد أربع سنوات.
وترسم الاستراتيجية الوطنية لقطاعي الاتصالات وتقنية المعلومات  الملامح والأهداف العامة للقطاعين 2013-2017، لافتا الى أنها تهدف بشكل عام إلى زيادة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في النمو الاقتصادي في المملكة، وهي تشتمل على محاور: زيادة صادرات القطاع وتمكينه من زيادة قدرته التنافسية، ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية الأخرى التي تعتمد على مخرجاته وتطوير فرص عمل مستدامة وتقليص الفجوة الرقمية بين الأردن ودول أكثر تقدما تقنيا، والتركيز على محاور التعليم وجسر الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل في القطاع، ودعم الاستثمار في هذا القطاع، لافتا الى أنه جرى صوغ هذه الاستراتيجية لتأتي منسجمة مع السياسة العامة لقطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي أقرتها الحكومة أواخر العام الماضي.
بيد أن وزير الاتصالات الأسبق، عضو هيئة مديري جمعية “إنتاج”، مروان جمعة، قال أمس لـ”الغد” إنّ قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يشهدانه من منافسة شديدة وتراجع نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وموازنة الحكومة المحددة في الصرف على مشاريع تقنية المعلومات، قد لا يحققان الأهداف الطموحة الموضوعة في الاستراتيجية بدون حساب تأثير ضرائب الخلوي الجديدة، وإذا ما تم الإبقاء على التوجهات في زيادة ضريبة الدخل على شركات القطاع والأفراد العاملين فيه.
ويتوقّع جمعة أن يتأثر القطاع كثيرا نتيجة قرارات الحكومة الأخيرة وتوجهاتها، بتراجع إيراداته وحجوم الاستثمار فيه، والتوظيف؛ فالقطاع أصبح مثقلا بالضرائب والتكاليف الزائدة التي قد تدفع الشركات للتفكير في تقليل المصاريف، فيما قد تفكر شركات مثل تلك العاملة في تقنية المعلومات لنقل مراكزها خارج المملكة.
وأشار الى أن ضرائب الخلوي ستؤثر تراجعا في إيرادات القطاع، وذلك مع ما أقرته شركات الخلوي عندما قالت إن تراجعا نسبته 15 % ظهر في إيراداتها خلال الفترة منذ نفاذ قرار الضريبة الجديد على الخدمة الخلوية، مؤكدا أن التوجهات الواردة في مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد أيضا ستسهم في تراجع القطاع ودفع الكثير من الشركات للعمل من خارج المملكة، ما سيسهم في التقليل من الاستثمار والتوظيف في القطاع الذي أصبح يسهم في 14 % من الناتج المحلي، ووفر أكثر من 80 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال الفترة منذ بداية العقد الماضي.
غير أن الحكومة، ومن خلال تصريحاتها لا سيما بعد فرض ضريبة الخلوي، يظهر أن قرارها مالي وليس اقتصاديا وبدون النظر الى استراتيجية أو سياسة للقطاع، حيث كان الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات المهندس محمّد الطعاني، صرّح في وقت سابق لـ”الغد” أن المملكة تمرّ بظروف مالية واقتصادية حرجة وصعبة، اقتضت أن تتخذ الحكومة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية منها فرض هذه الضرائب الجديدة لـ”تعزيز الإيرادات” و”تخفيض النفقات” ومنها ضرائب الخلوي.
وأكّد الطعاني وقت فرض الضريبة بداية شهر تموز (يوليو) الماضي، أن ردة فعل مشغلي الخدمة الخلوية في المملكة على الإجراءات والقرارات الحكومية المتعلقة برفع الضريبة على الخدمة الخلوية وأجهزتها “غير مبرّرة” نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها المملكة، وأن الإجراءات الحكومية المتخذة جاءت لتعزيز الإيرادات، وهي إجراءات شملت قطاعات اقتصادية أخرى فيما سبق، ومنها قطاع الاتصالات، مؤكدا أن الحكومة أولت وما تزال تولي قطاع الاتصالات الاهتمام الكبير واللازم.
من جهته، قال نائب رئيس جمعية “إنتاج” المدير التنفيذي لشركة “مينا ايتك” للبرمجيات، الدكتور بشار حوامدة “إن قطاع تقنية المعلومات يعاني في الأصل من مشاكل تتمثل في قلة السيولة ومحدودية المشاريع الحكومية الإلكترونية والفجوة بين القطاعين الخاص والأكاديمي، فضلا عن تراجع المؤهلات للخريجين في قطاع تقنية المعلومات، وضعف القدرة التنافسية للشركات لا سيما الصغيرة منها في أسواق المنطقة”. لافتا الى أن توجهات فرض مزيد من الضرائب هو اتجاه يضيّق الخناق على الشركات وسيسهم في تراجع أدائها وإيراداتها ومستوى مساهمتها في الاقتصاد.
وأوضح حوامدة أن مسودة مشروع قانون الضريبة الجديد بصورته الحالية تعكس زيادة كبيرة للضريبة على الشركات والأفراد في قطاع يعنى بالاقتصاد المعرفي ويوظف الموارد البشرية ذات الخبرات على المستويين الإقليمي والعالمي وضمن الطبقة الوسطى، وتشكل عائقاً جدياً أمام استقطاب شركات جديدة تسجل في الأردن وتدفع الضرائب بالأردن بدلا من إنشائها في المناطق الحرة في المنطقة.
وقال إن زيادة الضرائب في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة كلف الطاقة سيكون لها أثر تثبيطي على النمو الاقتصادي.
وأشار الى أن الأفراد العاملين في قطاع تقنية المعلومات هم من ذوي الدخل المتوسط الى العالي، وبالتالي فهم بحسب مسودة “قانون الدخل”  ضمن الشريحة التي ستزيد عليها ضريبة الدخل بحسب المقترح الى 10 % و20 % و25 %، وبناء عليه قال حوامدة إن هذا التوجّه لرفع الضريبة على الأفراد سيسهم في خروج العديد من العاملين في القطاع الى دول أخرى ذات عائد أعلى للفرد وضريبة أقل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن القطاع يعاني من هجرة الخبرات على مدى السنوات الماضية، وبذلك فإن رفع ضريبة الفرد سوف يعمق من هجرة الخبرات الى دول أخرى.
ويأتي كل ذلك، بحسب حوامدة، في وقت تتجاهل فيه الحكومة شركات تكنولوجيا المعلومات ولا يجري تفعيل أي مبادرات أو برامج تعزز صادراتها الى أسواق المنطقة، أو تشاركها في مشاريع إلكترونية حكومية.