"راصد" يصدر تقريره حول مخرجات الاقتراع والفرز
وينقسم هذا التقرير – بحسب بيان صادر عن التحالف وصل موقع “الغد” الإلكتروني نسخة منه – إلى أربعة أقسام رئيسية بهدف توفير الانطباعات العامة حول مجريات يوم الاقتراع وعمليتي فرز الاصوات وتجميعها بناءً على تحليل مخرجات المراقبة الميدانية، إذ ترتكز هذه الأقسام على أربع معايير دولية متعارف عليها لقياس واقع التطور الانتخابي، وهي: النزاهة الانتخابية والشفافية الانتخابية والحرية الانتخابية والعدالة الانتخابية.
وفيما يلي نص البيان:
أولاً: النزاهة الانتخابية
فيما يتعلق بنزاهة العملية الانتخابية ومدى قدرة النتائج على عكس الإرادة الحقيقية للناخبين وسلوكهم التصويتي، تشير نتائج المراقبة إلى أنه لم يتم لمس توجه ممنهج من قبل السلطة الانتخابية والإدارة المركزية لتزوير إرادة الناخبين أو العبث بمحتوى صتاديق الاقتراع لصالح مرشحين معينين، إلا أن النتائج قد تشير أيضا إلى تساهل خطير في التقيد بالإطار القانوني الناظم لعمليتي الاقتراع والفرز من قبل اللجان المختصة، مما انعكس سلباً على تقييم منظومة النزاهة لانتخابات المجالس البلدي.
وقد سجل فريق “راصد” العديد من الملاحظات حول اعتداء بعض المرشحين ومؤيديهم على مراكز الاقتراع، إذ شهد مراقبو التحالف بعض حالات سرقة الصناديق وفقدان محتوياتها في محافظة الكرك من قبل مؤازري مرشحين، وهذا الاعتداء كان له أثر مبطل لمخرجات العملية الانتخابية نظراً لضياع حق المصوتين في تلك الصناديق بأن يتم تمثيلهم واحتساب أصواتهم.
وفي ذات السياق سجل التحالف عدد قليل من حالات انتحال لشخصية ناخبين تم الكشف عنها، إلا أن وجود تلك الحالات –على قلتها- يشير إلى دلالة خطيرة على وجود فجوة في النظام المتبع تتيح إمكانية وقوع تلك الحالة بصورة أوسع نظراً لعدم فاعلية نظام التحقق من هوية الناخب المتبعة وغياب بطاقات انتخاب مخصصة لكل ناخب وعدم وضع علامة على وثيقة اثبات الشخصية أو قصها، بالاضافة إلى ضعف تطابق الحبر الانتخابي المستخدم مع المواصفات المعتمدة.
أما بالنسبة لنزاهة فرز الأصوات على مستوى الصناديق، فقد أشارت النتائج الأولية إلى أن العملية قد سارت بصورة جيدة في معظم مناطق المملكة، إلا أنه قد تمت إعاقة توثيق النتائج من قبل مراقبي التحالف بسبب امتناع وزارة الشؤون البلدية عن تعليق محاضر الفرز على مداخل الغرف أو تسليم المراقبين نسخ منها، وهو مكتسب إصلاحي قامت الهيئة المستقلة باستحداثه للانتخابات النيابية 2013، إلا أن وزارة الشؤون البلدية قد امتنعت عن اعتماده، وسيقوم فريق التحليل الاحصائي لراصد بالقيام بدراسة مقارنة تفصيلية للنتائج الواردة من المراقبين عند الفرز على مستوى الصندوق والنتائج المعلنة في مراكز التجميع.
ثانياً: الشفافية الانتخابية
برزت المشاكل المتعلقة بالشفافية الانتخابية مع بداية الاعلان عن قوائم الناخبين، إذ تم الاعلان عنها من خلال البحث عن الناخبين عن طريق الاسم أو الرقم الوطني، واتيح للمرشحين نسخ من قوائم الناخبين النهائية في بلدياتهم، إلا أنها كانت تقدم بشكل مدفوع كلفته بلغت عشرين دينار وفي دائرة الأحوال المدنية والجوازات الرئيسة في العاصمة فقط، مما أعاق وصولها لمرشحي المناطق الواقعة خارج العاصمة وعمل على الحد من الشفافية الانتخابية تزامنا مع بداية العملية.
أما فيما يتعلق بتقييم الشفافية الانتخابية خلال عملية الاقتراع، فقد سجل مراقبو التحالف عدداً من الملاحظات يتمحور أبرزها حول الامتناع عن تزويد المراقبين بالمعلومات اللازمة حول أعداد المصوتين والاعتراضات اللحظية التي تم تقديمها في غرف الاقتراع وقد تركزت تلك الملاحظات بشكل معياري في كل من بلدية اربد الكبرى وبلدية المفرق وبلدية الزرقاء وبلدية دير علا.
وفيما يتعلق بتجميع الأصوات على مستوى الدائرة والبلدية، أشار مراقبونا إلى أن الآلية المتبعة في مراكز التجميع في مختلف البلديات هي إدخال الصناديق إلى غرفة مغلقة وبعد ذلك تخرج منها محاضر فرز وتوزع على اللجنة لنشرها على شاشات الكترونية أمام المراقبين.
وقد سارت عملية التجميع بشكل جيد في مركز تجميع الأصوات لأمانة عمان الكبرى على الرغم من انطفاء شاشة العرض لمدة لا تقل عن عشرون دقيقة استمر بها التجميع خلال الأربع ساعات التي تمت بها العملية، ولم يشر أي من المراقبين إلى أن المركز قد شهد أي حالة من العنف أو الشغب داخل أو خارج الأسوار.
وبالنسبة لأبرز مراكز التجميع التي تمت تغطيتها في محافظات المملكة: بين فريق “راصد” في محافظة مادبا أن عملية الفرز سارت بشكل جيد ولم يشهد المركز أي حالات من العنف أو الشغب ولكن كان هنالك تجمعات كبيرة من المواطنين خارج المركز مع تواجد عدد كبير من قوات الأمن.
أما في مركز تجميع بلدية اربد الكبرى أن عملية الفرز قد سارت أيضاً بشكل جيد وأن رئيس اللجنة كان على قدر من المسؤولية وقام بشرح عملية الفرز خطوة بخطوة ابتداءً من إدخال الصناديق وكيفية فرزها وانتهاءً بعملية إعلان النتائج، مما سهل سير العملية وفهم خطواتها، وقد امتدت عملية التجميع في اربد الكبرى من الساعة الثامنة مساءً وحتى الثانية والنصف بعد منتصف الليل ولم يشهد المركز أي حالة عنف أو شغب تذكر.
أما فيما يتعلق بمحافظة الزرقاء فقد أشار مراقبو “راصد” إلى أن عملية تجميع النتائج لم تسر على النحو المطلوب وقد شهد مركز التجميع حالات عنف خطيرة واتخذت قوات الأمن اجراءات صارمة لردع مثيري الشغب مما أدى لاصابات لعدد من المتواجدين، وشهدت بلدية الرصيفة حالة من الهدوء إذ تشهد البلدية أي حالات عنف او شغب تذكر خلال الأربع ساعات التي استغرقتها عملية التجميع.
ثالثاً: الحرية الانتخابية
تمحور جزء كبير من الانتهاكات التي تم جمعها خلال يوم الاقتراع حول المشاكل الواقعة على حرية إرادة الناخبين، حيث أشارت نتائج التحليل إلى أنتشار ظاهرة خرق سرية التصويت بأكثر من طريقة، كان أبرزها التصويت العلني من خلال ادعاء الأمية بهدف تسهيل تداول المال السياسي وشراء الأصوات، الأمر الذي أشار التحالف المدني “راصد” له في العديد من تقاريره وتصريحاته الاعلامية وحذر من الفجوة القانونية التي تتيحه، حيث أنه انعكس بصورة خطيرة على تقييم وضع الحرية الانتخابية لما له من أثر تسهيل يتيح للمرشحين ومندوبيهم آلية سهلة لاستغلال الاحتياجات الاقتصادية للناخبين، كما وقد عمل انتشار الدعاية الانتخابية للمرشحين داخل وخارج مراكز الاقتراع على التاثير على سيادة الإطار القانوني الضامن للحرية الانتخابية من خلال منعه لتلك الممارسات.
ولم يتمكن فريق “راصد” من تسجيل أي حالة لتسجيل جماعي للعسكريين بصورة قد تشير إلى التأثير على سلوكهم التصويتي أو توجيههم لصالح مرشحين معينين، بينما تم تسجيل الكثير من حالات نقل الناخبين بمجموعات من خلال مركبات تخص الحملة الانتخابية لبعض المرشحين، مما قد يشير إلى توجيه إرادتهم لصالح هؤلاء المرشحين.
وفي ذات السياق، وردت لفريق غرفة العمليات الرئيسية للتحالف تقارير عن وقوع حالات عنف وشغب واعتداء على ناخبين ولجان اقتراع في عدد من البلديات، حيث تركزت تلك الحالات بصورة كبيرة في محافظة الكرك وتم استخدام الاسلحة النارية على مداخل العديد من مراكز الاقتراع هناك، كما وقد سجل فريق التحالف حالات متكررة لمشاجرات وعنف في كل من منطقة اليرموك والمدينة في أمانة عمان الكبرى، بالإضافة إلى مناوشات متفرقة في في عدد من البلديات مثل بلدية عين الباشا التي رافقها موجة من أعمال العنف، مما حد من قدرة الناخبين على الوصول إلى مراكز الاقتراع الخاصة بهم لتخوفاتهم الأمنية.
وقد سجل “راصد” مجموعة من الملاحظات حول الخطة الأمنية المتبعة في يوم الاقتراع، حيث أشار تحليل الانتهاكات الأمنية الواردة لفريق عمل التحالف في غرفة العمليات المركزية إلى ضعف الخطة الأمنية في مناطق معرفة بحساسيتها ويسهل استقراء احتياجات الدور الأمني فيها من خلال تجارب انتخابية سابقة.
رابعاً: العدالة الانتخابية
ضمن قانون البلديات الأردني لعام 2011 حق التصويت لجميع الأردنيين المؤهلين باستثناءات محددة لم تتضمن أفراد الجهاز العسكري والقوات المسلحة، وتفرض المعايير الدولية اتخاذ الاجراءات اللازمة لتسهيل وصول الناخبين لمراكز وغرف الاقتراع الخاصة بهم وإدلائهم بأصواتهم دون تمييز، وهذا يتطلب ثلاثة أقسام أساسية من الاستعدادات: القسم الأول معني بتوزيع الناخبين بصورة مناسبة على مراكز الاقتراع الواضحة وسهلة الوصول والتي تراعي احتياجاتهم الجسدية واعاقاتهم، إن وجدت.
والقسم الثاني من الاستعدادات يتعلق بالتاكد من دقة سجلات الناخبين الورقية وتطابقها مع السجلات الإلكترونية وتوفر المواد الانتخابية اللازمة لاتمام عملية التصويت، أما القسم الثالث فيتعلق بتأهيل الكوادر البشرية العاملة في تسيير مجريات الاقتراع والتاكد من قدرتهم على تطبيق الإطار القانوني الضامن للعدالة الانتخابية دون تمييز بين الناخبين.
وقد شكلت هذه الأقسام الثلاثة المرجعيات الأساسية لتقييم جاهزية السلطة الانتخابية على تطبيق إدارة العملية الانتخابية بصورة تضمن العدالة المشار إليها في المواثيق الحقوقية الملزمة تعاقدياً للدولة الأردنية.
فيما يتعلق بالقسم الأول من الاستعدادات والمعني بجاهزية مراكز الاقتراع لاستقبال الناخبين، سجل فريق “راصد” بوقت مبكر مجموعة من الملاحظات حول التوزيع الجغرافي لمراكز الاقتراع إذ أنها لم تراع في بعض البلديات أماكن الإقامة الخاصة بالناخبين، كما وقد وردت حالات كثيرة لتسجيل الناخبين بمراكز بعيدة عن أماكن اقامتهم بينما أشار عدد آخر من الناخبين إلى أن مراكز الاقتراع مناسبة جغرافياً لهم، مما يشير إلى خلل في عدالة التعامل مع هذه الاشكالية دون إتاحة الفرصة أمام الناخبين لتقديم طلبات لاعادة توزيعهم على مراكز أكثر قرباً.
إحدى المشاكل المعممة حول المملكة والمتعلقة بالقسم الأول من الاستعدادات كانت تدني نسبة مراكز الاقتراع المجهزة لاستقبال الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحرمانهم من التصويت في حال عدم تمكنهم من الوصول إلى غرف الاقتراع الخاصة بهم والتي تم توزيعها بناءً على الترتيب الهجائي لاسمائهم دون إتاحة الفرصة لنقلهم مسبقاً بناءً على احتياجاتهم الجسدية.
وبالنسبة للقسم الثاني للاستعدادات المتعلقة بدقة سجلات الناخبين الورقية وتطابقها مع السجلات الإلكترونية وتوفر المواد الانتخابية اللازمة لإتمام عملية التصويت، وردت العديد من التقارير من قبل المراقبين الميدانيين تشير إلى عدم توافق السجلات الورقية للناخبين مع قريناتها الالكترونية، مما أدى إلى حرمان ناخبين وردت أسماؤهم باحدى السجلين ولم ترد في الأخرى من حقهم في الادلاء بأصواتهم، إلا أن التجهيزات المتعلقة بتوفر المواد الانتخابية اللازمة لإتمام عملية الاقتراع كانت متوفرة بصورة جيدة حسب ما أورده معظم المراقبين الميدانيين.
أما بالنسبة للقسم الثالث من الاستعدادات والمعني بتأهيل الكوادر البشرية العاملة في تسيير مجريات الاقتراع والتأكد من قدرتهم علي تطبيق الإطار القانوني الضامن للعدالة الانتخابية دون تمييز بين الناخبين، فقد أشارت تحليل المعلومات الواردة من قبل فرق المراقبة الثابتة والمتحركة إلى تباين في اجراءات الاقتراع المتبعة بين المراكز المختلفة، وخاصة فيما يتعلق بإلزامية استخدام بالحبر الانتخابي من عدمه، ونوع الوثائق المطلوبة للتحقق من هويات الناخبين.
توصيات التحالف المدني “راصد”
1. ضرورة الإسراع بتغيير قانون الانتخابات البلدية بحيث يصبح لدينا قانونين منفصلين، أحدهما للانتخابات البلدية وآخر للإدارة البلدية، بحيث يمكن إجراء انتخابات بلدية أفضل من التي جرت، للوصول إلى المعايير الدولية في اجراء الانتخابات البلدية.
2. أن يتضمن تعديل القانون موائمته مع الدستور الأردني حتى تصبح إدارة وإجراء الانتخابات البلدية تحت مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخابات.
3. العمل على فتح تحقيق مع أي شخص لم يعمل بطريقة صحيحه سواء كان يشكل متعمد أو خلافه، فالأصل أن المسؤولية تقع على عاتق الوزارة بتدريب الموظفين المسيريين للعملية الانتخابية لأنه ترتب على ذلك حرمان بعض المواطنين من حقهم في الاقتراع.
4. تعزيز الاجراءات الأمنية في المستقبل من أجل الحفاظ على حرية الناخب للوصول إلى انتخابات ديمقراطيه كاملة، فممارسات الفوضى والترهيب التي رافقت يوم الاقتراع في عدد من المناطق حالات دون تمكن الناخبين من الإدلاء بأصواتهم.
5. تغذية سلطة وسيادة القانون وفرض هيبة الدولة وإعادة ثقة المواطن الأردني في العملية الانتخابية بعدما تم الاعتداء عليها بسبب ممارسات سابقة وحالية.
6. سرعة العمل على اعلان نتائج التحقيقات بحق المقصرين في العملية الانتخابية وسرعة اعلان نتائج التحيق في المناطق التي حدثت بها اعتداء على صناديق الاقتراع حفاظا على الأمن الاجتماعي.
7. إحالة ملف الاقتراع في كل من من بلدية المزار الجنوبي وفقوع في محافظة الكرك إلى القضاء ليكون صاحب البت النهائي فيها وليس أي لجنة أخرى، وفتح تحقيق في مجريات الأحداث ومحاسبة المسؤولين عنها، وهنا يقدر التحالف المدني “راصد” استجابة وزير البلديات لتوصيات التحالف المدني حول ما جرى في تلك البلديات حيث طالب “راصد” في مؤتمره أمس بإعادة العملية الانتخابية في البلديات التي رافقها أعمال فوضى وسرقة صناديق في محافظة الكرك، حيث أدى الإنفلات الأمني إلى هز منظومة النزاهة الانتخابية.