حلم الربيع العربي
بعد ان انتهينا من مسألة لولحة الدالية .
في الثواني الأولى التي أصحو خلالها من النوم غير الطويل، أتذكر آخر عتبات الحلم الذي خرجت منه الى عالم الواقع- الذي قد نسميه واقعا ذلك الخروح منه والولوح في عتبات الحالم، داخلين اليه- في هذه الثواني يفقد الزمان والمكان واللون والصوت والضوء تراتبيته التقليدية ، وأشعر أن وسائل تعبير أخرى يستخدمها الدماغ لا تأبه للوئاسل التقليدية التي افهمها.
بدأتم تملّون وتتململون من هذه المقدمة نصف المفهومة – حتى بالنسبة لي- ، لكنني أصحو من النوم عشرات المرات يوميا ، وأتعرض لمثل هذه التداخلات الأسطورية عشرات المرات، إذ ان فترات النوم الليل التي احظى بها حتى الصباح قليلة جدا ، ولا احظى بأكثر من ثماني مرات نوم حتى الصباح سنويا، تأتي معظمها في فصل الشتاء.
قبل الشروع في كتابة هذا المقال ، كنت قد صحوت ساحبا نفسي من شاشة الحلم ، وقد كنت في الحلم ، أجلس خلف آلة طباعة كبيرة، تشبه الات الطباعة الكهربائية التي لم تعمر طويلا ، وألغاها وصول الكمبيوتر ، فانقصف عمرها قبل الأوان، وسكنت المخازن، قبل أن تتحول الى خردة.
في تلك الآلة التي كنت أجلس خلفها في الحلم ، وكما في الحقيقة ، شريط محو مرافق ، يمكّن الطابع من العودة الى الكلمات ومحو الأخطاء، وكتابة كلمات أو أحرف جديدة مكانها. الغريب أنني كنت – في الحلم – أمحو احداثا حصلت وأعيد تغيير الماضي ،لكأن الماضي قصة مخطوطة ، ما زالت قيد التعديل من المؤلف ..كنت أنا المؤلف في الحلم .
أعجبتي هذه الفكرة ، فكرة تعديل الماضي وتغييره- التي قد تعبر رمزيا عن رغبتي في تغيير الواقع بأقل قدر من الجهد، ودون تضحيات تذكر. وتمنيت خلال صحوي، بأن أحصل على مثل هذه الممحاة لأعيد تشكيل الواقع ، ولا أنوي الولوج الى ماضينا القديم ، بل أسعى الى تغيير بعض الأحدات في مسار الربيع العربي ، والذي ما زلت أسميه ربيعا عربيا .
كان الربيع العربي ، وما يزال، ثورة شبابية عربية ، أذهلت الدول التي تصنع أحداث العالم، واكتشفت تلك الدول بأن شباب الربيع العربي جعلوا من أجهزة استخباراتها أضحوكة مجردة.فتلقت الصدمة الأولى ،وهي في حالة انذهال، وسقط حاكم تونس . لكن تلك الدول أعادت ترتيب اولوياتها بناء على الواقع ، وتدخلت في اسقاط حاكم ليبيا ، وشرعت في محاولات احتواء الربيع العربي في مصر وسوريا واليمن والأردن والبحرين.
المشكلة اننا انسقنا وراء الدول الإستعمارية وساهمنا في إنجاح محاولاتها لتحويل الربيع العربي الى خريف، وفقدنا ثقتنا بالشباب العربي الذي قدم التضحيات من اجل مستقبل افضل للعالم العربي . لا بل أن الكثير من قوانا الوطنية – التقدمية تحديدا- صارت معادية للربيع العربي ، ومروّجة مجانية لأعداء الربيع العربي ، وباتت القوى التقدمية تعتبر الربيع العربي مؤامرة..وخريفا.
نرجع لموضوعنا ..الربيع العربي هو ربيع وطني تتشارك القوى التقدمية في التآمر ضده مع الأعداء لصالح القوى التقليدية التي تستعبدنا.
حتى لو كان خريفا عربيا ..فالخريف هو تساقط للقديم ، وعري كامل ، ثم شتاء ودموع ..تمهدان للربيع القادم..ربيع الشباب العربي الرائع.
ساعود للحلم ، في محاولة تصحيح مسار الربيع العربي….باي.
ghishan@gmail.com