رسالة اعتقال المرشد وجواب الجماعة
رسالة الدولة المصرية باعتقال المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين انتقلت من خانة الرسالة الايجابية الى خانة الرسالة الصادمة خصوصا بنشر صورة المرشد اثناء اعتقاله بحيث بدى المشهد استقواءً على الجماعة وليس بسطا لهيبة الدولة , ورغم انتهاك الصورة لابسط قواعد حقوق الانسان فإنها اعادت الى الذاكرة مشهد اعتقال الشهيد صدام حسين على يد القوات الامريكية والمقاربة قد تكون صادمة لخصوم الجماعة وانصار الشهيد ولكنها مقاربة مقصودة فالمرشد العام المُعتقل هو اول مرشد في تاريخ الجماعة يتم اعتقاله وهو على رأس منصبه ويقع في الخطأ من يقلل من ظلال منصب المرشد وقيمته السياسية والاجتماعية وكان على الدولة المصرية الاكتفاء بنشر الخبر فقط دون الصورة اسوة بما فعلته مع الرئيس السابق محمد مرسي الذي لم تظهر صورته وهو قيد التوقيف , وكان على الدولة ايضا إظهار توقيف المرشد واعتقاله التزاما بقرار النيابة وليس نصرا على خصم كما أظهرت الصورة ومتن الخبر .
رسالة الدولة المصرية التي كانت تستهدف إظهار قوة الدولة وهيبتها خاصة بعد جراح عميقة طالت القوات المسلحة والشرطة منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة قد تكون ارضت بعض المؤيدين لها وبعض خصوم الجماعة من الغلاة او المتطرفين ولكنها بالقطع لم تنجح في كسب التأييد الكامل لرسالتها , فالرجل مكلوم قبل ايام بفقدان نجله وظلال منصبه تَفرض على الدولة التعامل معه بوقار اكبر فعلى الاقل هو اعلى مرتبة تنظيمية من الرئيس مرسي الذي لم تُبث صورته الى الآن وكان يجب استثمار التوقيف لصالح المصالحة وليس لتعميق الانقسام .
بالمقابل اسراع الجماعة الاخوانية بتعيين محمود عزت مرشدا مؤقتا او تظهير منصب المراقب العام السرّي بهذه السرعة كان ثقيلا على من يعرفون انحياز عزت الى العنف وانتمائه الى مدرسة اليمين المحافظ في الجماعة وهو شخص صدامي اضافة الى ظلال الاحاديث التي تقول انه يقيم خارج الديار المصرية وقد يكون مقيما في غزة بحماية حماس , وهي ظلال ثقيلة بوصف الجماعة محافظة على بقاء مرشدها على الارض المصرية حتى في احلك الظروف السياسية التي مرّت بها , كما تحمل ظلال التعيين المتسرع اصرار الجماعة على الصدام مع الدولة المصرية وعدم قبول الدخول في حوارات عميقة لتجاوز الازمة التي تعصف بالكيان المصري وليس بالجماعة او الجيش .
تظهير المراقب العام السري الذي يحصل على البيعة بالتوازي مع المراقب العلني , يشير الى ان الجماعة ستوغل في التطرف اكثر وتشير الى ان تصريح محمد البلتاجي الطائش بأن الحرب على الدولة المصرية في سيناء ستنتهي فور تراجع الجنرال السيسي عن اقالة مرسي , هو منهج جماعة وليس انفعالا في لحظة غضب على عزل مرسي بل ويؤكد ان الجماعة تحرق مصر انتقاما لضياع رئاسة الجماعة لمصر وليس انحيازا للشرعية التي كان يرأسها عضو في الجماعة , وهذا من شأنه ان يرفع وتيرة العنف والعنف المضاد وان يؤشر على ان مصر مرشحة لمزيد من العنف والتطرف وان الجماعة تكتب وثيقة انتحارها بيدها , فالشارع سيميل الى الامن والاستقرار تحت جناح الدولة سواءً كان الجناح ببزّة عسكرية او بعمامة اخوانية او بربطة عنق مدنية .
الجماعة تسعى الى مزيد من المؤثرات العاطفية للحصول على شهادة المظلومية بامتياز لكسب المزيد من الانصار والمؤيدين ولكسب مزيد من العطف الدولي , والدولة المصرية تقوم بتزويدها بما تريد من المؤثرات , فرغم تحميل كثيرين وزر الاحداث العنيفة للاخوان وشركائهم من انصار الاسلام المسلح الا ان الشعب المصري هو الاكثر عاطفية بين الشعوب العربية ولن ينسى شكل المرشد المهين في صورة الاعتقال ولن ينسى انه مكلوم بفلذة كبده وهذا سيمنحه التعاطف الكثير والاهم ان الصورة وقرار الاعتقال ليسا الحل الامثل للأزمة المصرية .
omarkallab@yahoo.com