«الشيخ احمد» في درعا بدون إضافات
لا الصفقة التي عرضتها السعودية على روسيا وقيمتها خمسة عشر مليار دولار، ولا البرود الأميركي نجح في تحريك الموقف الروسي، وهنا يبدو حديث البحث عن مخرج و تحول في الملف السوري اشبه بمعجزة، بالرغم من تحقيق المعارضة والجيش السوري الحر بعض الانتصارات المحدودة في مطار منغ العسكري القريب من حلب، وفي ريف اللاذقية، ولكن هل يعني هذا أن الملف السوري الذي انتقل للرياض بعد سحبه من الدوحة قد ينتظر المزيد من الوقت؟
المعلوم أن الرياض حين نُقل إليها الملف السوري من الدوحة، طلبت مهلة شهرين كي ترتب أمورها في هذا المهمة المعقدة، وكان لها بعد ذلك قبول تأيّدها لوصول احمد الجربا لسدة رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهو شيخ من شيوخ قبيلة شمر في منطقة الحسكة السورية والممتدة فروعها في حدود مشتركة بين العراق والسعودية وسوريا وتركيا شمالاً.
والسعودية لم تقبل بدعم الجربا لمجرد الانتماء لقبيلة كبيرة فقط، فالرجل أيضا فيه مواصفات أخرى كسجين سياسي، وله علاقاته المتشعبة التي تمكنه من التأثير على مجاميع اجتماعية ممتدة يمكن أن تساعد أيضا في احداث تحولات داخل المناطق العشائرية التي لا زالت تمنح الولاء لنظام بشار الأسد.
في المقابل، لا زال اصدقاء “سوريا المخلصين” كما وصفهم حسن نصر الله على إخلاصهم، والموقف الروسي لم يعد يحتاج للتفسير لكونه لا يخرج عن لعبة المصالح، التي يتم التفكير بها في موسكو برؤية جيوسياسية بحته كمنطقة نفوذ مهمة للوجود الروسي في المنطقة.
الجربا يعرف الجغرافيا العشائرية السورية، وعبوره الحدود الأردنية وتفقده لبعض المناطق في درعا كان محسوبا فيما يبدو، في الوقت الذي كانت فيه دمشق تتعرض لاعنف قصف، وتلاها ظهور غير مؤكد لغاية الآن للرئيس بشار في صلاة العيد، لأن البعض يرى بأن الصلاة كانت مسجلة، وأن الرئيس بشار اصيب فعلا في موكبه لكن هذا أمر يظل غير مؤكد.
لكن لماذا اختار الجربا درعا، هل لأن الطريق مفتوحة بينها وبين الشرق، مما يعزز فرضية تاريخية طويلة تقول بان الطريق لدمشق غير متيسر إلا من الجنوب والشرق، وهو ما تفكر به العقلية السعودية والأميركية والتي لا ترى غير ذلك حلاً حاسما، وهو ما يسمح بحدوث انقسام كامل للجنوب والجنوب الشرقي السوري، وبالتالي تحقيق وجود المنطقة الآمنة التي ستستخدم للوصول لدمشق.
في النهاية أدى بشار الأسد الصلاة كما يقال في مسجد بمنطقة المالكي، لا أعرف له وجودا على الخارطة بالرغم مما اظن أني أعرفه به، فيما الجربا أدى الصلاة في مسجد مضاء بالكهرباء والقيادات العسكرية من حوله، وهو ما يؤكد أن ثمة رئيسا آخر لسوريا غير بشار الأسد.
الدرعاويون استقبلوا الجربا وكان يوزع الطرود عليهم وهو يطلب منهم الصبر على الابتلاء،والعقيد الذي رافق الجربا ظل يردد مصطلح “الشيخ احمد”دون أي إضافات أخرى كوصفة بالمناضل او المفكر أو التقدمي أو حامي المقاومة، وهو ما يعني الكثير لقبائل سهل حوران. ومع ذلك تبدو الطريق وعرة جدا لدمشق، والسباق لتحقيق الحسم الكبير قبيل الوصول للشتاء يظل هاجسا للجميع.
Mohannad974@yahoo.com