0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

ميسرة

“كنتَ بيننا وكم رجونا الله أن يطيل الأيام التي كانت تجمعنا
كنت بيننا ومع كل يوم كنا نجدد الدعاء بأن يا رب اشفِ ميسرة.
رحلت عنا وتركت فينا أثراً وذكرى”.
بهذه الكلمات المؤثرة أطلق أصدقاء ميسرة مبادرتهم لإنشاء وقف يخلد ذكراه وينتفع به بعد موته وليكون له من اسمه نصيب.
ميسرة العرعراوي الطالب في السنة الثانية في كلية الطب في الجامعة الأردنية، يأوي الى فراشه ذات ليلة مسكونا بالهموم البسيطة التي تشغل بال جميع طلاب الطب في هذه السنة الصعبة لكنه يتطلع بشغف الى المستقبل ويخطط بعيدا لما بعد التخرج ومواعيد امتحانات القبول في التخصص ليصحو على انتفاخ بسيط في رقبته غيّر مجرى حياته الى أن أتاه أمر الله فرحل راضيا تاركا حرقة في صدور أهله وأصدقائه وكل من عرفه وهم كثر.
بدأت معرفتي بمبادرة ميسرة عندما هاتفني ذات رمضان مجموعة من طلبة الطب في الجامعة الأردنية طالبين مني أن أشاركهم افطارهم في رحاب الكلية لإطلاق  “مبادرة ميسرة” لانشاء وقف باسم زميلهم.
شباب في مقتبل العمر تخجل أمام الكم الهائل من الإيجابية التي تملأ نفوسهم، قرروا أن يحولوا الألم الى أمل، وأن يجعلوا من ذكرى ميسرة سبيلا الى تخفيف آلام آلاف المرضى من خلال تجهيز غرف للعلاج الكيماوي في مركز الحسين.
حرت بماذا أتحدث إليهم، فاخترت أن أبدأ حديثي بقول مأثور للمفكر المصري سيد قطب حيث يقول “عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو الحياة قصيرة ضئيلة تبدأ من حيث بدأنا نحن وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود، اما عندما نعيش لغيرنا، اي نعيش لفكرة، فان الحياة تبدو طويلة تبدأ من حيث بدأت الانسانية وتمتد بعد مفارقتنا وجه هذه الارض”.
ثم عرجت على قصة الشاب المهاجر اللبناني الفقير “داني توماس” الذي  توجه بالدعاء الى الله ناذرا إن انتشله من حال الفقر والبؤس الذي يعيشه ليكرسن حياته لعمل الخير فكانت البذرة لأفضل مستشفى لعلاج سرطان الاطفال في العالم، مستشفى سانت جود الذي غير مجرى تاريخ علاج سرطان الاطفال.
لأصل الى قصة معاناة أسرة اردنية كانت خلف فكرة انشاء أحد أهم مراكز السرطان على الجانب الاخر من العالم عندما كانت قصة اصابة ووفاة “ديالا” بالسرطان وراء فكرة انشاء مركز الحسين للسرطان المركز الذي غير حياة الاف الاشخاص وجاب ذكره الافاق.
الامثلة التي اسلفت ترينا كيف يمكن لفرد او مجموعة افراد، آمنوا بفكرة وعملوا على تحقيقها ان يصنعوا التاريخ وان يحدثوا فرقا في حياة آلاف البشر، فسيأتي اليوم الذي نرحل فيه جميعا عن هذه الحياة لتبقى أعمالنا الصالحة تشهد لنا بعد موتنا، فقد مر آلاف الممثلين على مسرح الحياة لكن احدا لا يكاد يذكرهم  بينما خلد التاريخ اسم داني توماس لانه خرج من حالة الرفاه الفردي الى رفاه الانسان ومن الأنانية الى العطاء. د.عاصم منصور