مازن الساكت والحوار في فقوع
لم نكن نتصور حضور الجماهير الكثيف في لواء فقوع مساء يوم الجمعة، ومع أن اللقاء الذي نظمته جمعية المشاركة الأردنية وتحدث به كل من وزير الداخلية الأسبق مازن الساكت ووزير النقل مهند القضاة ونائب اللواء المهندس نايف الليمون، ومع أن الحديث كان مرتبا عن الانتخابات البلدية، فإن حدس الناس ووعيهم كان على قدر عالٍ من المسؤولية والفهم، فقالوا نحن لا تنقصنا العزيمة للمشاركة ولا الدافعية بل إن لواءهم كانت نسبة التصويت به من أعلى النسب، كما أنه اللواء الوحيد الذي قبل بحكم القانون في الانتخابات البرلمانية حين ألغيت نتائجهم وأعيدت الكرة وانتهت الأمور إلى ما صارت إليه.
قال الأهالي للضيوف نحن جئنا نحضر لأن أسماءكم لم تلوث بالفساد، وبثوا هموم لوائهم وحاجتهم وانتقدوا التقاعس الحكومي تجاه البلديات وافقارها ودمجها وإضعاف بنيتها وأجهزتها، وإلغاء مجالس الخدمات المشتركة، كما بينوا أهمية اعادة النظر في خطط التنمية في المحافظات، وانتقدوا وعود الحكومات المتكررة.
بالحوار الجريء الواعي كانت الأفكار والردود، وكان إصرار مازن الساكت منذ البداية على أن الأردن أنجز الكثير، وأن الدولة صمدت برغم كل الصعوبات وأن الرهان على المواطن وعلى المجتمع المحلي الذي يجب أن ينتخب بوعي وأن يحاسب مجلس البلدية على انفاقه المال، وأن لا يطلب الناس الوظائف التي أرهقت موزانات البلديات، وقال بصراحة: «هناك أكثر من 28 الف موظف في البلديات يمتصون مواردها..» ودعا إلى علاج الوضع المالي ووقف التعيينات لكي تتمكن البلديات من أداء مهمتها الخدمية، ولكي يتنافس الناس على الانجاز.
وفي المقابل تحدث مهند القضاة عن وجوب التفات الناس وهم يشاركون في الانتخابات إلى من يدفعون في مقدمة المشهد وضرورة ارتباط الخيارات بالمفهوم العام للإصلاح، واعتبر أن التجديد والتغيير والتمكين الديمقراطي أمر ينهض به المجتمع.
وتحدث النائب نواف الليمون عن الدعوة الصادقة للإصلاح والابتعاد على الابتزاز والمطالب الشخصية، وسرد الليمون معاناة قطاع البلديات مبينا أن خبرته الطويلة في وزارة البلديات جعلت على إدراك حقيقي لأزمة البلديات وعجزها اليوم عن توفير الموارد.
الساكت تحدث عن ما هو أشبه بالجرائم التي تحملتها الدولة بحجة التعيين وامتصاص الغضب، وانتقد وجود قيادات غير وطنية وليس لديها أي مؤهل أو معرفة بالبلد غير الحديث باللغة الانجليزية وتقنية الحاسوب، وقال: الحاسوب والانجليزي قد يؤهل شخصا ما لوظيفة سكرتير – مع الاحترام لكل من يعمل بها من أبنائنا- لكنهما لا ينجبا قادة وطنيين وساسة».
المهم أن حديث الناس وفهمهم العميق لقيمة الحوار جعلت الحديث يمتد إلى ما بعد منتصف الليل، وهو حديث تلقائي طيب في محبة كبيرة للدولة، وليس هناك أي أمر سلبي يمكن التخوف منه غير القطيعة التي قد تنمو بفعل إهمال الساسة للمناطق البعيدة وعدم التواصل معها، وهنا نتذكر مبادرة التمكين الديمقراطي والحوار ونسأل ماذا فعلتم؟.
أين هم الساسة والقادة من التواصل مع الناس، فلواء فقوع الذي حاولت بعض القوى أن تحجز لها رفّاً به في معرض الربيع الأردني، هي اليوم على أعلى درجات الوعي، ويطالب أهلها بالانصاف وعدم التهميش وإحقاق الحق للكل دون مغالبة للناس، ولا يرون أنفسهم إلا مع الدولة وتحت القانون.
صحيح أن هكذا لقاءات لا تنهي عتب الناس، أو غضبهم لكنها على الأقل تجعلك تسمعهم دون وسطاء وتهويل أعلامي. هناك أيضا كرم لا يوصف، يقدم التين والعنب مع التمر قبل تناول منسف الإفطار، وكان مضيفنا رئيس جمعية المشاركة كايد العميريين في غاية النبل.
أخيرا، شكرا لكل المهمشين في الأطراف المنسية، الذين يدارون فقرهم وعوزهم، وينامون على حلم جميل لوطنهم، وهم على تمام الوعي بأن الدولة هي الملاذ.
Mohannad974@yahoo.com