محاولة تغيير!!
توقّفت في منتصف الطريق، فلا هي تركته في مكان اصطفافها، ولا هي أوصلته الى بيته…تعوّذ من الشيطان ،رفع غطاء “الماتور” الى أعلى ، نظر الى أجزاء المحرّك المهلهلة ، فرأى الزيت القديم يغطي أجزاء كبيرة من الماكنة وأنابيبها وأسلاكها وتوصيلاتها..تفقد أقطاب البطارية ، و”برابيش” الهواء وكهرباء “الدينامو ” ، وضرب بيده على مكان “طرمبة” البنزين…ثم حاول التشغيل ، اهتز المحرك قليلاً عندما دار”قشاط” الماتور نصف دورة ثم توقف ..حاول مرة ثانية ..وثالثة.. الى إن اشتغلت الماكنة على استحياء وكسل فاغلق الغطاء الأمامي بمزيد من الحنق والقهر والإحباط..وتوجه الى بيته مع آخر العائدين عند الغروب..
في الليل قال لأولاده: بصراحة يا أولاد السيارة أتعبتني ، صرت أدفع لها أكثر ما أدفع لكم ، باختصار “صارت ناهوبة” ،وبنفس الوقت عبثاً نحاول اصلاحها، فلا يوجد ميكانيكي قادر على إصلاحها ولا هي عادت “ترحمني” من كثرة أعطالها… حتى لو وجدت من يصلحها فإصلاحها صار أغلى بكثير من ثمنها، لذا قرّرت أن “أغيّرها” وأشتري أخرى سيما وأن جميع جيراني وأقاربي ومعارفي قاموا بتغيير سياراتهم الا أنا لم أجرّبه بعد..!! فرح الأولاد وتقافزوا وبدأوا يصفقون بطريقة هستيرية ..وأخيراً سيتخلّصون من سيارة “اللادا” الرمادية ذات الموديل” 81″..التي أمضوا أعمارهم يدفعونها ويدفعون لها…في اليوم التالي نزل الأب الى “الحراج”..تجوّل بين السيارات، دخل مكاتب وخرج منها…وعند الغروب…عاد الى بيته بسيارة جديدة…
ركض الأولاد مسرعين بعد ان سمعوا صوت زامور جديد خارج البيت.. فتحوا البوابة بلهفة وتسابق، ثم.. تباطأت خطاهم قليلاً وانكمشت الابتسامات العريضة التي كانت تحتل وجوههم قبل لحظات، وقفوا يجترّون الحزن الطازج: لقد أحضر الأب سيارة “لادا” موديل ألــ”81″ لكن…. حمراء اللون هذه المرّة..!!…وبالتالي لم يفلح تغييرهم سوى باللون والزامور فقط..
بعض الشعوب العربية مثل الأب في القصة السابقة عندما نوت التغيير لم تحسنه..حيث أتت بنفس الموديل والمواصفات القديمة والاعطال..كل ما قامت به، أن غيّرت لون بشرة الحاكم ونبرة صوته!!.
احمد حسن الزعبي