0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الاسلاميون شياطين … اليساريون ملائكة!!

لرسالة التي وصلت الى “الاسلاميين” بمختلف تياراتهم وتوجهاتهم بعد الانقلاب على “الاخوان” في مصر، كانت واضحة تماما، وهي ان وصول “الاسلام السياسي” للحكم خيار غير مرغوب فيه، وان الديمقراطية المرحب بها هي التي تصب اصوات الناس في صناديقها لمرشحين جاهزين لدفع “ استحقاقاتها” لا في خدمة الشعوب التي انتخبتهم، وانما في خدمة “الوكلاء” الحصريين لهذه الديمقراطية والاذعان لتنفيذ مصالحهم، والحفاظ على “المعادلات” السياسية القائمة ما قبل الثورات كما هي بدون تغيير.

حين تدقق في الاخطاء التي ارتبكها “الاخوان” في عام واحد من حكم مصر، ثم تدقق -بالعين الاخرى- في الاخطاء التي ارتكبها “اليساريون” في خمسة ايام فقط، ستكتشف على الفور ان ما فعله الاخوان ليس اسوأ مما فعله اليساريون وحلفاؤهم العسكر ابتداء من تكميم الافواه واغلاق القنوات الاعلامية والصمت على “المجازر” التي ارتكبت بحق الناس، وشيطنة الآخر ومحاولة استئصاله، ورفض التظاهر “السلمي” وممارسة الانتهازية السياسية وتبرير “الانقلاب” على الشرعية وعلى الدستور… الخ، وحينئذ يمكن ان تتساءل: هل المشكلة التي دفعت “العسكر” للانقلاب على الاخوان هي مجرد “الاخطاء” فقط، ام ان ثمة سببا اخر وراء كل ما تابعناه من “مقررات” واجراءات وحشد واحتفاءات تجاوزت الداخل المصري الى خارجه؟ الاجابة معروفة –بالطبع- وهي ان وصول الاسلاميين للحكم –تحت اي عنوان- يشكل تحولا غير مقبول، وبالتالي لا بد ان تتضافر كل الجهود لافشالهم واقصائهم وهذا ما حدث ليس في مصر فقط، وانما في معظم الدول التي يشكل “الاسلاميون” فيها قوة معتبرة ومرشحة للوصول للسلطة.

من المؤكد ان الاسلاميين استقبلوا هذه الرسالة وفهموها ايضا في اطار “الحملة” ضد الاسلام وقد سألت امس شخصية سلفية لها وزنها عن موقفه من “الانقلاب” ضد الاخوان، فذكرني بانه كان من المتحفظين على ممارسات الاخوان، ومن المعارضين لكثير من مواقفهم، لكنه استدرك قائلا: “ومع ذلك فقد شعرت بغصّة كبيرة تجاه ما حدث، لان المقصود ليس الاخوان ولا الاسلام السياسي وانما الهدف هو الاطاحة بأي مشروع اسلامي سواء كان باسم الاخوان او السلفيين او حتى اكثر الاسلاميين اعتدالا”.

لا اريد –بالطبع- ان اشير الى ردود الافعال التي صدرت عن المحسوبين على خط “التطرف” الاسلامي، ولا عن بعض القيادات الاخوانية التي تشعر “بصدمة” المظلومية الجديدة، ولكنني اشير فقط الى ما نبهت اليه بعض الصحف الغربية من مخاوف عودة الاسلاميين المعتدلين عن الايمان بالديمقراطية وعدم قدرتهم على الدفاع عنها بعد ان “جربوا” كارثة الانقلاب عليها لانها انحازت اليهم، واثر ذلك على العلاقة بينهم وبين الانظمة في دولهم، وبينهم وبين العالم ايضا، مما قد يعيد الجميع الى حلبة الصراع والكراهية ويهدد استقرار العالم كله.

ثمة من يريد –عن تعمد وقصد- دفع الاسلام السياسي المعتدل الذي ظل يراهن على “خيار الصناديق” للعودة للعمل تحت “الارض” وممارسة العنف والانتكاس نحو خطاب اكثر تشددا ومع ان بعض الاسلاميين يدركون ذلك ويعملون على مواجهته وعدم الوقوع في “الفخ” الا ان المشكلة في اقناع الناس البسطاء الذين “صوتوا” لمن يخافون الله، وتشوقوا “للحكم” النظيف الذي يرون ان “مرجعيته” هي الاسلام، هؤلاء من الصعب ان نقنعهم بان “مسطرة” الديمقراطية تجري على الجميع، في الوقت الذي يشعرون فيه بانها مخصصة فقط لغيرهم.

من المفارقات ان محاولات “الشيطنة” التي يتسابق الكثيرون لالصاقها “بالاخوان” وبالاسلاميين بحجة موقفهم من “الانقلاب” عليهم، لا نسمعها ابدا تجاه “اليساريين” مثلا هؤلاء الذين انحازوا لنظام الاسد القاتل، او “للانقلاب” على الثورة والحرية والديمقراطية في مصر، وكأن “رمزية” الشيطان “دَمْغَة” مخصصة للاسلاميين اما غيرهم فملائكة مطهرون ومعصومون من الخطأ … عجبي!!