عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

من مندريس إلى مرسي: وداعا لصناديق الاقتراع!

المشهد بدأ في الزمن المعاصر منذ الزعيم التركي عدنان مندريس ووصل إلى الزعيم المصري محمد مرسي… يقول التاريخ إن مندريس رئيس وزراء تركيا طوال عقد الخمسينيات، خرج من تحت معطف أتاتورك ليتحدى تشريعاته العلمانية، وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي وجعلها رأس حربة الغرب في مواجهة الاتحاد السوفييتي، فإن ذلك لم يشفع له حينما تحرك الجيش ضده في أول انقلاب في تاريخ تركيا المعاصر ليحكم عليه بالموت مع عدد من رفاقه بعد عشر سنوات قضاها في الحكم.

كان مندريس قد خاض حملته الانتخابية على أساس وعود بإلغاء الإجراءات العلمانية الصارمة التي اتخذها سلفه إينونو وكان من بينها جعل الأذان بالتركية وكذلك قراءة القرآن وإغلاق المدارس الدينية، وحينما فاز، قام مندريس بإلغاء هذه الإجراءات حيث أعاد الآذان إلى العربية وأدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامة وفتح أول معهد ديني عال إلى جانب مراكز تعليم القرآن الكريم، كما قام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات.

ولم يعلن مندريس في أي من هذه الإجراءات أنه كان إسلاميا أو مؤيدا للإسلاميين، مع نهاية عقد الخمسينيات كانت إجراءات مندريس الداخلية قد استفزت القوى العلمانية التي تمكنت من حشد قوى اجتماعية لاسيما داخل الجامعات والجيش لمعارضة سياسات الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة، في صباح 27 مايو/أيار عام 1960 تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري خلال العهد الجمهوري، وتم وقف نشاط الحزب الديمقراطي واعتقل رئيس الوزراء عدنان مندريس ورئيس الجمهورية جلال بايار مع عدد من الوزراء بعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة فيما حكم بالإعدام على مندريس ووزير خارجيته فطين رشدي زورلو ووزير ماليته حسن بلاتقان، وكانت التهمة هي اعتزامهم قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية. 

في اليوم التالي لصدور الحكم في أواسط سبتمبر/أيلول عام 1960 تم تنفيذ حكم الإعدام بمندريس ليكون أول ضحايا العلمانيين في الصراع الداخلي بتركيا، وبعد مندريس يأتي دور نجم الدين أربكان، حين انقلب عليه العلمانيون، بعد فوز حزبه بالانتخابات، وكان هو الآخر مصيره السجن، وصولا إلى رجب طيب أردوغان، الذي استفاد من تجارب سلفيه، إلا أنه لم ينج بعد من تآمر العلمانيين، ومن يناصرهم!

ودار الزمان، وصولا إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ وهي حزب سياسي جزائري سابق حل بقرار من السلطات الجزائرية في 1992. خاضت الجبهة الإسلامية أول انتخابات 12 يناير وفازت فيها. كما خاضت الانتخابات التّشريعية وفازت بها أيضا بنتيجة ساحقة لكنها ألغيت فيما بعد ونتج عن ذلك أيضا قرار حل الحزب، ودخلت البلاد في سرداب مظلم من العنف والعنف المضاد!

ثم نصل إلى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» التي قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، عام 2006، وتم الإعلان عن نتائج الانتخابات التي تمخضت عن فوز كبير لحركة حماس في المجلس التشريعي بواقع 76 مقعدا من أصل 132 مقعدا ما أعطى حماس أغلبية في المجلس، وتلا ذلك ما تلاه من رفض دولي ومحلي شامل لهذا الفوز، وصولا إلى حركة الانشقاق في صفوف الشعب الفلسطيني الذي استمر حتى الساعة!

وقبل عام، يفوز د. محمد مرسي، المتحدر من رحم حركة الإخوان المسلمين برئاسة الجمهورية المصرية، ومنذ جلوسه على كرسي الرئاسة، تنفتح عليه كل قوى الدنيا داخليا وخارجيا، لإنهاء حكمه، ويتحرك الجيش فيساوي في «إنذاره» بين رئاسة شرعية و تمرد شارعي ويضعهما في كفة واحدة، في حركة انقلابية واضحة، تنسجم مع منظومة التعامل مع أي زعامة «إسلامية» تدخل المسؤولية عبر صناديق الاقتراع، كأن الجميع يقول إنه لا يمكن للإسلاميين أن يحكموا عبر صناديق الاقتراع!

وفي المحصلة..

يقول الجميع للإسلاميين المعتدلين إنكم غير مقبولين حتى لو غيرتم جلدكم، وقبلتم الدخول في «اللعبة» الديمقراطية، فهي ترفضكم، ولا تقبل بكم، فالإسلامي الجيد هو الإسلامي المعتقل أو القتيل، أو المعارض، كأن الجميع يقول لهؤلاء إنه لا مكان للمعتدلين في هذه الساحة، وفي هذا تقوية وتدعيم للسلفيين الجهاديين الذين يعتبرون الديمقراطية كفرا، وتقديم الدليل تلو الآخر على أن خيارهم هو الأصوب والأجدى أن يتبع