ديوانية .. وسابقة الهواء الطلق
لا أحد ينكر على رافضي قانون المطبوعات والنشر حقهم بالعمل المشروع لإسقاط القانون أو تعديله بما يتناسب مع روح العصر بحدّ أدنى , وحتى ان يتناسب مع رؤيتهم في معنى روح العصر للقانون , بالطرق الحضارية والمؤثرة , وبأدوات عصرية أيضا , فلا يجوز أن نتحدث عن عصرنة القوانين ونمارس رفضنا بأدوات غير عصرية أو بمسلكيات غير ديمقراطية , خشية الوقوع في مغبّة التناقض السائد الآن , في معظم مناحي الحياة السياسية والاجتماعية .
فالحديث عن محاربة الفساد يجري سلسبيلا على ألسنة من تورطوا في الفساد ورعوه وعلى ألسنة من صمتوا عليه طويلا واكتفوا برفضه داخل قلوبهم كأضعف الأيمان , والإصلاح يتحدث عنه بكثافة طاغية أعداء الإصلاح وكل من ساهم بتزوير إرادة الشعب وتزييف آمالهم , بل ان الاصلاح بات حديثا بأدوات قمعية , فالمنادون بالإصلاح واحترام الرأي الآخر يقمعون أي رأي مخالف ويفهمون الإصلاح بحسب تعبيرهم الحزبي والسياسي فقط , فالإصلاح طريق باتجاه واحد يفضي الى مصالحهم ومطالبهم .
مبادرة” ديوانية “ المعنية بالتناظر كشكل من اشكال تغيير الرأي أو تدعيمه , ستنتقل الى مساحة جديدة من مساحات التناظر , حين تعقد مناظرة حول قانون المطبوعات والنشر في الساحة الهاشمية وفي فضاء مفتوح وسط حضور نتمنى ان يكون كثيفا لتحقيق الفائدة وتدعيمها , ولعرض كل الآراء على جمهور عريض سيقوم بالتصويت الحر وبرفع الأيدي بعد استكمال الفريقين لعرض وجهات نظرهم , وهذا سلوك حضاري يستوجب الدعم و التدعيم لأنه حالة جديدة على المجتمع الأردني , ومسلك متجدد بعرض الآراء وقياس انعكاسها على الجمهور المستهدف .
المناظرة -بحسب الزميلة العزيزة رنا الصباغ- ستحظى بتغطية صحفية واعلامية كثيفة وستكون منقولة على الهواء من خلال اربع محطات تلفزة منتشرة في الاردن وتونس ومصر ومحطة تلفزة ألمانية، وقد تنضم محطات ثانية في اوقات لاحقة، فما زال هناك وقت مع المناظرة المزمع تنظيمها الخميس المقبل, وتركيبة المُتناظرين مقنعة وممثلة لوجهات النظر المختلفة , والأهم مشاركة عضوين بمجلس النواب وهو مكان إلغاء او تعديل القانون , فالفرصة قائمة لتغيير وجهات نظر نواب ما زالوا يعضون على القانون بالنواجذ , بحسب النائب جميل النمري الذي قال ان المجلس الحالي لا تتبنى غالبيته نظرة ايجابية حيال إلغاء القانون او تعديله كما يطال المعترضين وجاء حديثه خلال برنامج “ الحكي الكم “ التلفزيوني الذي يقدمه ويعده كاتب المقال.
إشراك الجمهور في القضايا موضوع الاختلاف خطوة مقدرة نحتاجها جميعا , حتى نكون على بيّنة من صدق تعبيرنا عن الناس , الذي بات يتحدث باسمهم كل من هب ودب , وفرصة أكبر لتصويب الاختلال في برامجنا ومواقفنا تبعا لرأي الناس , وفرصة عميقة لتلاقي الأفكار على مائدة واحدة كي يتمكن كل طرف من بسط رأيه والتوصل الى نقطة تلاق بدل الانقسام الحاد , فالقضايا الخلافية تحتاج الى نقاط تلاق يوجدها الحوار وحده.
ديوانية الساحة الهاشمية فرصة لإنتاج فضاء حر وساحة حرية حقيقية لعرض الأفكار , وبداية تكسير لأدوات قديمة في عرض آراء تقول انها عصرية وديمقراطية , جرى التعبير عنها خلال عامين بأشكال فيها الكثير من السلوك المحافظ والتقليدي , على أمل أن ينجح كل طرف بحشد الدعم للوصول الى قناعة بأن الحوار العصري والمتساوي سيضمن التوصل الى اتفاق ووفاق ولا شيء غير ذلك يضمن ابتكار حلول مجتمعية يحترمها الجميع , على أمل مشاركة أكبر جمهور ممكن بالمناظرة لإنجاح تجربة هي الأولى في الهواء الطلق .
omarkallab@yahoo.com