هل زادت المديونية أم نقصت!
تشير بيانات وزارة المالية إلى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالـي انخفضت من 5ر75% في نهاية 2012 إلى 2ر70 في نهاية آذار الماضي ، أي أن هناك تحسنأً في حدود 3ر5% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهذا إنجاز عظيم لو كان صحيحأً ، ولكن الصحيح هو عكس ذلك تماماً.
حقيقة الأمر أن المديونية ارتفعت خلال الشهور الثلاثة الاولى من هذه السنة بمقدار ربع مليار دينار تقريباً ، فكيف تنخفض كنسبة في الوقت ذاته.
السر في هذه المفارقة أن رقم المديونية في نهاية 2012 منسوب إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي في تلك السنة الذي يقدر بحوالي 22 مليار دينار ، في حين أن رقم المديونية في نهاية آذار 2013 منسوب إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي المقدّر سلفاً لسنة 2013 بحوالي 24 مليار دينار.
كيف يمكن مقارنة نسبتين إذا كانت كل منهما نتيجة الانتساب إلى أساس مختلف؟ وكيف تنسب مديونية كما هي اليوم إلى ناتج محلي مستقبلي يمكن أن يتحقق ويمكن أن لا يتحقق في المستقبل.
الأصل أن ينسب الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في آخر سنة تامة وهي في هذه الحالة 2012 ، ولو فعلنا ذلك لكانت نسبة المديونية قد ارتفعت خلال الشهور الأولى من هذه السنة من 5ر75% في نهاية 2012 إلى 5ر76% في نهاية آذار 2013 أي بارتفاع قدره نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي.
إعادة الحساب هذه تتفق مع روح قانون الدين العام ، وتظل منطقية ، فليس من المعقول أن تهبط نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الشهر الأول من كل سنة بالرغم من ارتفاعها بالأرقام المطلقة وعدم حصول ارتفاع ملموس في الناتج المحلي الإجمالي في شهر واحد.
إذا تركنا جانباً هدف تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، باعتباره هدفاً غير واقعي في الظروف الراهنة. وإذا افترضنا أن الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة سيرتفع بنسبة 1ر9% بالأسعار الجارية أي النمو + التضخم ، فإن كل المطلوب كهدف واقعي للسياسة المالية هو أن لا ترتفع المديونية خلال هذه السنة بأكثر من 1ر9% أو 5ر1 مليار دينار ، بحيث يمكن المحافظة على نسبتها الحالية ولو كانت عالية.
لتجنب القفزة غير المنطقية في نسبة المديونية ، يمكن نسبة صافي المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في آخر ربع سنة صدرت أرقامه.