النسور: اذا اكتشفت سوريا مسدسا دخل من الأردن فليعرضوه علينا
ومعلن، وينطلق من موقف الجامعة العربية، وهو داعم لمؤتمري جنيف 1 و2 اللذين أيدتهما سوريا.
ونفى النسور في حوار مع «الشرق الأوسط» أن يكون الأردن سهّل دخول أسلحة أو متطرفين للقتال داخل سوريا، وقال: «إذا كان السوريون اكتشفوا مسدسا دخل من الأردن فليعرضوه علينا»، ونفى الربط بين تراجع أعداد تدفق اللاجئين السوريين للمملكة وما تردد عن إغلاق الحدود، مؤكدا أن «إغلاق الحدود ليس من سياستنا». وأضاف النسور أن مستوى الاتصالات بين المسؤولين الأردنيين والسوريين تقتصرعلى سفارتي البلدين فقط.
وأشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم يطلع عمان على فحوى اللقاءات التي عقدها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي «لأن كيري يتحفظ تحفظا شديدا، وهو يريد لمحادثاته أن لا تأتي إلى العلن إلا بعد أن تحقق بعض النجاح».
وقال النسور إن إسرائيل لا تزال متصلبة (في موقفها من المفاوضات وعملية السلام)، مشيرا إلى أنها تراهن على كسب الوقت وتمرير سنتين بحيث تكون الانتخابات النصفية في أميركا قد بدأت، فتنصرف أميركا إلى وضعها الداخلي. ونبه النسور إلى أنه إذا استمرت إسرائيل في اعتداءاتها على المقدسات والمسجد الأقصى في القدس المحتلة، وواصلت خرقها لاتفاقية السلام مع الأردن، فإن ذلك سيغري بقية الأطراف العربية بمخالفة المعاهدة، واصفا خرق معاهدة السلام بأنه أمر خطير جدا ليس من صالح أي طرف. وفيما يلي نص الحوار.
* ما موقف الأردن من الأزمة السورية الآن؟
– موقف الأردن نابع من موقف الجامعة العربية، وهو داعم لمؤتمر جنيف 2 والمشارك فيه والحارس عليه، وهو استضاف مؤتمر مجموعة الدول الـ11 (المجموعة الأساسية لأصدقاء سوريا)، والرسالة واضحة؛ نحن مع المؤتمر، وحرصنا على نجاحه، وأن يصل إلى نتائج ملموسة.
* لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم يقول إن موقف الأردن محير.
– أنا لا أريد أن أناقش الأستاذ وليد المعلم، وأنا أقول إن موقفنا واضح، والأمر الذي يحير هو الأمر غير الواضح، وموقفنا سهل وبسيط جدا: الموقف الأول مع موقف الجامعة العربية، والموقف الثاني نحن مع «جنيف 1»، وقد أيدته سوريا، وهذا وحده يدل على أن هناك شيئا مشتركا، ونحن أيدنا مؤتمر «جنيف 2»، وأيدته سوريا. ونحن في الأردن مع وحدة سوريا وعدم التقسيم، ونحن مع الحل السلمي المتفاوض عليه بين جهتي النزاع، وما يضير في هذا؟ نحن مع عدم العدوان على سوريا وعدم السماح لأي قوة أجنبية بغزو سوريا أو بالتدخل بالشأن السوري، وأين المشكلة في هذا؟ عندما تنظر إلى موقف الأردن تراه واضحا ومتماسكا ومعلنا.
* لكن الاستعدادات العسكرية والتدريبات يراها الجانب الآخر غير ذلك.
– لا توجد تصريحات من الجمهورية العربية السورية. إننا ندبر ونجهز ونجيش ضد سوريا، لأن هذا غير موجود، ولا توجد أي قوات أجنبية على الأراضي الأردنية تستهدف الجمهورية العربية السورية على الإطلاق، من أي قطر كان.
* ولا حتى عمليات إدخال أسلحة أو متطوعين؟
– لو كانت الجمهورية العربية السورية اكتشفت أسلحة لكانت عرضتها، وأين هي الأسلحة؟ لا يدخل من حدودنا أسلحة. هناك مجموعتان من المتطرفين المتزمتين حاولوا الدخول إلى سوريا، وتم إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم، والآن هم في السجون، إذا كان السوريون اكتشفوا مسدسا دخل من الأردن فليعرضوه علينا.
* هل سنصل في يوم من الأيام إلى إغلاق الحدود، بسبب زيادة عدد اللاجئين السوريين وعدم تجاوب المجتمع الدولي؟
– ليس من سياستنا إغلاق الحدود، وهناك رأي أن نتوقف عن استقبال اللاجئين، ولكننا لن نتوقف عن استقبال الأشقاء السوريين، وإن كان العدد قل في الآونة الأخيرة، لأن طبيعة المواجهة على الجانب الآخر من الحدود اختلفت، والآن تدفق اللاجئين قليل جدا، وشبه متوقف.
* وكيف هي الحالة التجارية بين الأردن وسوريا؟
– الحالة التجارية متقطعة.
* هل هناك اتصالات بين المسؤولين الأردنيين والسوريين؟ وعلى أي مستوى؟
– الاتصالات بيننا وبين سوريا قائمة على مستوى السفارات فقط.
* وهل حاولتم الاتصال بالجانب السوري؟
– في الحقيقة لا توجد هناك اتصالات، والاتصالات الموجودة الآن على مستوى السفارات، ونحن لم نقطع العلاقة مع سوريا، ولا إخواننا في سوريا قطعوا العلاقات معنا، والسفير الأردني لم يسحب من دمشق والسفير السوري موجود في عمان، وبالتالي العلاقات بيننا من هذا الباب مستمرة.
* ما حقيقة نشر قوات أردنية في منطقة الأغوار في الجانب الفلسطيني؟
– هذه الأخبار غير صحيحة، ولم يصدر عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أي تصريح عن معالم الحل (بين الفلسطينيين والإسرائيليين)، ولا عرض علينا حتى الآن أي شيء، وكل الجهود ما زالت على مستوى ثنائي بين كيري والإسرائيليين من جهة، وكيري والفلسطينيين من جهة أخرى. والأردن حتى الآن ليس شريكا في المفاوضات، وسيشارك حين يلتقي الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي ويتفاوضان، لكن الطرفين لم يلتقيا حتى الآن.
* هل أطلعكم كيري على طبيعة اللقاءات التي يجريها مع الفلسطينيين والإسرائيليين؟
– كيري يتحفظ تحفظا شديدا، وهو يريد لمحادثاته أن لا تأتي إلى العلن إلا بعد أن تحقق بعض النجاح.
* هل أنت متفائل بأن تحقق اللقاءات بعض الشيء؟
– أنا متأكد أن كيري يريد أن يحقق إنجازا تاريخيا، وأنا كذلك متأكد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد ذلك أيضا، لكن التأكد من نيتهم شيء والتأكد من توقعات النتائج شيء آخر. أعتقد أن إسرائيل لا تزال متصلبة، وأنها تراهن على كسب الوقت وتمرير المهلة المتوقعة بأن ينتهي المجهود الأميركي، فهي تراهن على تمرير هذه السنتين بحيث تكون الانتخابات النصفية في أميركا قد بدأت وانصرفت أميركا إلى وضعها الداخلي، وتكون هي (إسرائيل) كسبت الرهان.
الفلسطينيون وكلوا جلالة الملك عبد الله الثاني بالوصاية على المقدسات، ومع ذلك إسرائيل لم تحترم اتفاقية السلام الأردنية – الإسرائيلية وحق الأردن في الدفاع عن المقدسات بالقدس المحتلة.
* ما رد الحكومة إذا استمرت إسرائيل في الاعتداء على المقدسات؟
– وصاية الأردن على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس موجودة في معاهدة السلام (معاهدة وادي عربة)، وخرق معاهدة السلام أمر خطير جدا ليس من صالح أي طرف، وخرق إسرائيل المعاهدة سيغري بقية الأطراف العربية بمخالفة المعاهدة، وهذا ليس حصرا على الأردن بل يمتد إلى باقي العرب. إما أن تحترم إسرائيل التزاماتها أو لا تحترم، وإذا لم تحترم تلك الالتزامات فإن الأطراف العربية ستتأكد أن كل هذه المعاهدات والاتفاقيات لا تعني شيئا، وهذا الأمر ليس من صالح العملية السلمية ولا من صالح إسرائيل ولا من صالحنا.
* وماذا عن موضوع الفيدرالية أو الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين؟
– هذا الموضوع غير مطروح، ولن نسمح بطرحه حتى الآن، ولا نسمح بأن يُطرح علينا إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية، وإذا قامت الدولة الفلسطينية عند ذلك يتحدث شعب حر مستقل مع شعب حر مستقل، أما شعب تحت الاحتلال يوضع تحت ضغط الأحداث وضغط الساعة فإننا لا نقبله.
* كيف تقيّم العلاقات بين الأردن ومصر بعد انقطاع الغاز؟
– مصر على الرغم من ظروفها التي نقدرها ونحترمها، فإنها تبذل جهدها وتحترم اتفاق تزويد الأردن بالغاز، والحقيقة أنه منذ زيارة دولة رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل للمملكة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لم ينقطع الغاز المصري على الإطلاق، ولكنه بوتيرة أقل مما هو متفق عليه، وفي كل لقاء أو اتصال نحث إخواننا في مصر على الالتزام بالكميات المتعاقد عليها. وفي الحقيقة، فإن الحكومة المصرية تحاول جهدها، ولكنهم لديهم ظروف، ونحن موعودون بتحسن الظروف كي يتحسن ضخ كميات الغاز.
* كيف تبدو العلاقات الأردنية – العراقية حاليا؟
– هناك حادثة إساءة أعضاء السفارة العراقية في عمان إلى الأردنيين، والحكومة العراقية اعتذرت، ونحن لا نريد للعلاقة بين الجمهورية العراقية والشعب العراقي والمملكة الأردنية والشعب الأردني أن تسوء، وهذا في صالح أعداء القطرين، وليس في صالح العروبة ولا النماء الاقتصادي ولا في صالح أحد، ونحن نريد أن تكون العلاقات في أحسن صورة.
* كانت هناك زيارة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للأردن وتم تأجيلها.
– رئيس الوزراء العراقي كان سيأتي لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت وليس لزيارة الأردن، أي أن الزيارة كانت لحضور المنتدى، وهي لا تعتبر زيارة رسمية للأردن بأي شكل من الأشكال، واعتذاره بشأن الغياب عن المنتدى الاقتصادي العالمي كان قبل وقوع حادثة اعتداء أعضاء السفارة العراقية بـأربعة أيام بسبب الوضع الداخلي في العراق.
* وماذا عن العلاقات الأردنية – السعودية؟
– الاتصالات بين المسؤولين الأردنيين والسعوديين لم تنقطع إطلاقا، أمس كان هناك اتصال بين وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة وسمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وقبل عشرة أيام كان الأمير سعود الفيصل في عمان للمشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا، وهناك تنسيق سياسي مع المملكة العربية السعودية على أعلى المستويات.
* قلتم في السابق إن الأردن يعيش داخل حزام ناري؛ هل ممكن أن توضح ذلك؟
– الحزام الناري واضح، أليست فلسطين حزاما من نار؟ ثم سوريا والعراق وحتى لبنان، وهناك الحزام الأبعد؛ الوضع في اليمن والسودان ووضع الثورات العربية في شمال أفريقيا.. أليس هذا هو الحزام الأكبر؟
* وما وضع الأردن ضمن هذا الحزام الناري؟
– هذا هو التحدي للشعب الأردني. الشعب الأردني، كما نراهن عليه، ونتوقع منه بثقافته ووعيه وخبرته، تصدى لكل المشكلات بعقلانية للمحافظة على بلده وكيانه. والشعب الأردني يعرف كل المعرفة أن الفوضى تؤدي إلى دمار بلده، والأردني مستعد لأن يتحمل كل شيء مقابل أمن البلد واستقراره.
* ولكن بالأمس مجموعة صغيرة أغلقت مدينة معان جنوب الأردن.
– هذا خطأ محلي، وليس ظاهرة، ولا نعطيه حجما أكبر من حجمه، وسوف يعالج بالحكمة وفي الوقت نفسه بالحزم، ولن نتهاون على الإطلاق في هذه الأمور.
* وماذا عن مشكلة الكهرباء في الأردن؟ وهل سيتم رفع أسعارها؟
– الكهرباء تمثل مشكلة مالية واقتصادية، والشعب الأردني يعرف ذلك. والكهرباء سببت عجزا كبيرا في الموازنة، وهذا لا يمكن أن يستمر. ونحن الآن على اتصال مع البرلمان لنعرض عليهم أفكارنا وننتظر أفكار البرلمان.
* كم حجم خسائر الكهرباء سنويا؟
– حجم خسائرنا من جراء دعم الكهرباء بلغ مليار و300 مليون دينار (ما يعادل ملياري دولار تقريبا) سنويا، ونحن نسترد من عملية التوليد ثلاثة مليارات دولار، وندعم شركة الكهرباء بملياري دولار من الخزينة.
* وهل الخزينة تستطيع تحمل ذلك؟
– مستحيل، ولذلك لا بد من إعادة النظر في أسعار الكهرباء، ولكن سياسة رفع الأسعار هي الحل الوحيد؛ فهناك هدر وتسرب كهرباء وسرقات كهرباء، وهناك إجراءات اقتصادية أخرى يجب أن تتخذها الحكومة من خلال زيادة فعالية مولدات الكهرباء، والحكومة تستهلك 40 في المائة من الكهرباء في المملكة، ولذلك فإن الحكومة تضغط على ضبط النفقات وتخفيضها. والمواطنون يجب أن يوفروا في الاستهلاك كذلك، بالإضافة إلى رفع الأسعار.
* إلى متى سيتم دعم المواد الأساسية، خاصة أن موارد الدولة محدودة؟ ومتى يأتي اليوم الذي نتخلص فيه من الدعم؟
– هذا هو السؤال المطروح بالضبط، هذه هي مهمة حكومتي، والذي يهمني الشعب الأردني. إننا في الحكومة نواجه المشكلات لا نؤجلها، وهناك أناس يخدمونهم بكل صراحة وصدق وشجاعة. ولا توجد نية لرفع أسعار الخبز في الوقت الحالي أو المستقبل، وهذا محسوم سياسيا، ولكن قد نلجأ إلى البطاقة الذكية، بحيث تأخذ كل أسرة حاجتها بالسعر المدعوم أو نقدم له دعما نقديا أو نعطيه كمية الخبز الكافية مجانا لمدة سنة والباقي يشتريه بالسعر العادي.
* رغم إجراء الانتخابات البرلمانية وإجراء تعديلات دستورية وإصلاحات سياسية، ما زال الحراك موجودا في الشارع.. ما السبب؟
– الحراك موجود.. ونحن لا نعتبر الحراك القانوني مشكلة، والحراك القانوني الذي يطالب بمطالبات عادلة يعبر عنها بطريقة سلمية لا تؤذي المارة ولا تعطل السير ولا توقف حركة التجارة ولا توقف حركة ذهاب الناس إلى أعمالها وإلى مدارسهم لا بأس بها، وليس لدينا مشكلة معها وهي لا تضايقنا.
* هل علاقة الحكومة مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ما زالت فاترة؟
– الإخوان المسلمون نحن نرحب بهم بأن يقوموا بدور إيجابي وعدم الاكتفاء بدور النقد، والمشاركة في الحياة السياسية من داخل الحياة السياسية وليس من خارجها.
* ولكنهم اختاروا أن يكونوا خارج الإطار.
– لهم منا كل الاحترام، ولكن أعتقد أنهم يخطئون الطريق، ولست أنا الذي يرشدهم؛ فهم يعرفون الطريق.
* متى سيتم إجراء تعديل على الحكومة؟
– حتى الآن لم يُتخذ قرار بذلك، لأنه لست أنا صاحب القرار الوحيد وهناك جلالة الملك عبد الله الثاني صاحب الولاية الدستورية. (الشرق الأوسط)