سيناريوهات تثير مخاوف الأردن
مخاوف الأردن من تقسيم سورية كبيرة، وحسابات القرار تتحسب من وصول سورية الى سيناريو التقسيم، لأن ذلك السيناريو خطير على كل المنطقة والأردن من جهة أخرى.
وفقاً لما يقوله مسؤول بارز فإن الأردن يتخوف من الأزمة السورية، ووصولها الى مرحلة الانشطار الداخلي، والأردن يقرأ سورية في هذه الحالة عبر ثلاث دول سيتم الإعلان عنها بدلا عن الدولة السورية الموحدة.
أولى هذه الدول، دولة اقليات على شاطئ البحر تضم العلويين وكل الأقليات الأخرى، التي تتخوف من حكم بقية مكونات الشعب السوري، وهذا يعني دولة اقليات تضم العلويين والدروز والمسيحيين، وتمتد تلك الدولة على طول شواطئ سورية.
يعتقد المسؤول رفيع المستوى هنا أن الدروز -على غير ماهو شائع- لن يقيموا دولة لهم جنوب سورية، وبمحاذاة الحدود مع فلسطين المحتلة، والأغلب أن ينضموا الى دولة الأقليات المذكورة التي ستمتد على طول شواطئ سورية مع البحر المتوسط.
الدولة الثانية تتعلق بمناطق الأكراد شمال- شرق سورية، وهي دولة مؤهلة للإعلان، بخاصة أن هناك رابطاً قد يؤهلها لاحقاً للانضمام الى مناطق كردستان العراق، بشكل أو آخر، في ظل روابط مؤجلة مع أكراد تركيا.
الدولة الثالثة الأضعف والأفقر والمعزولة عن البحر، تقع في مناطق وسط سورية وجنوبها وشرقها، وستكون للسوريين السنة، وستكون مخنوقة بشدة على كل الأصعدة، ومفتوحة فقط باتجاه الأردن السني ومناطق غرب العراق السنية.
هذا السيناريو سيفتح جنوب سورية باتجاه الأردن باعتباره الملاذ الوحيد المتاح جغرافياً، بخاصة إذا تمكنت الحكومة المركزية في بغداد من السيطرة على غرب العراق، وعزله عن أي تأثيرات لشرق سورية، بحيث تمنع الدولة المركزية العراقية أي استقطابات متبادلة بين سنة غرب العراق، والكيان السني السوري المفتوح فقط باتجاه الأردن والعراق.
المحللون يعتقدون ان النتيجة ستكون خطيرة على مستقبل سورية من جهة، وعلى الأردن ايضاً، والذي بات يتحول الى ملاذ سياسي وجغرافي ووجداني لسنيي سورية والعراق معاً.
هذا التحول له تداعيات سياسية خطيرة على الكيان الأردني والتركيبة الداخلية، ومدى قدرتها على التعامل مع نتائج هذه الأوضاع.
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس تحدثت عن شرق اوسط جديد، والجنرال رالف بيترز وهو متقاعد من الجيش الامريكي أشهر خريطة الشرق الاوسط الجديد العام 2006، وفيها فك واعادة تركيب لكل دول المنطقة.
الصحافي الأمريكي جيفري جولدبيرغ كتب مقالا العام 2008 في صحيفة «ذا اتلانتك» بعد زيارته لكردستان العراق، تحت عنوان «لمحة عن الشرق الاوسط الجديد»..وجولدبيرغ مقرب من لوبيات نافذة في واشنطن، ولديه اطلالة على المعلومات.
يقول جولدبيرغ.. «كم عدد الدول التي ستكون موجودة ذات يوم في الرقعة الجغرافية ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الفرات؟ ثلاث؟ أربع؟ خمس؟ ست؟ ولم التوقف غربي نهر الفرات؟ لم لا نذهب إلى حدود نهر الإندوس؟ حيث يقع ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الإندوس حالياً كل من إسرائيل, المناطق الفلسطينية، لبنان، سوريا، الأردن، العراق، إيران، أفغانستان، والباكستان وقد يتسبب عدم الاستقرار في المنطقة إلى انقسامات في كثير من هذه الدول».
يعتبر جولبيرغ ان الحرب على العراق الخطوة الأولى لبدء مخطط اعادة تشكيل المنطقة، وفي المحصلة فإن المخطط خطير، وقد ينجح وقد لاينجح، غير أننا نرى كل المنطقة تنشطر دينياً ومذهبياً وقومياً ووطنياً، وتواصل انشطاراتها دون توقف.
الأخطر أن يلتحق غرب العراق السني بالجزء السني السوري، بحيث لا يجدان ملاذاً جغرافياً سنياً قائماً ومتماسكاً أمامهما سوى الأردن، بما يعنيه ذلك من نتائج جغرافية وديموغرافية في الاردن، وارتداد ايضاً على قضية فلسطين.
السيناريو الاسوأ الذي يراه الأردن هنا، يتعلق بقيام دول جديدة مستقلة بالكامل في كل جزء من تلك الأجزاء، بحيث يجد الأردن ذاته امام خريطة جديدة تفرض عليه الكثير سياسياً وبنيوياً، وذلك هو السيناريو الثاني الذي يتخوف منه الأردن.
فك وإعادة تركيب..ومن يعتقد غير ذلك، فليأت بالدليل!.
maher@addustour.com.jo