0020
0020
previous arrow
next arrow

اللاعبون يقاطعون "الحقوق والواجبات" ويفضلون الهجرة إلى الخارج

1

 لم يكن مبررا أو غريبا في الوقت ذاته، ذلك العزوف من قبل اللاعبين والأندية للمشاركة في ورشة العمل التي نظمها اتحاد الكرة أول من أمس، واستقطب فيها ضيوفا من الخارج لتوضيح حقوق وواجبات اللاعبين المحترفين.
ومن البديهي القول إن كثيرا من اللاعبين والأندية لا يعرفون تمام المعرفة كامل حقوقهم وواجباتهم، وإن الغالبية العظمى منهم تتعامل مع “قشور الاحتراف” ولم تستطع “الغوص في بحوره”.
توصية لجنة أوضاع اللاعبين بتحديد سقف عقود اللاعبين المحترفين المحليين والأجانب، بتحديد سقف أعلى لإجمالي راتب ومقدم عقد اللاعب الأردني بحيث لا يتجاوز 25 ألف دينار في الموسم، في حين يكون الحد الأعلى للاعب الأجنبي 70 ألف دينار، تركت جملة من علامات التعجب وليس الإعجاب، ذلك أن مشروع الاحتراف المطبق في الأردن بحاجة إلى تشريعات منطقية ومعقولة وتسهم في تطوير الكرة الأردنية.
وما يثير الاستهجان أيضا تلك الفقرة التي تقول “في حال تجاوز أي من الأندية السقف المحدد، يتم فرض ضريبة مقدارها 25 % من إجمالي التجاوز عن السقف، ويتم خصمها مباشرة من إيرادات النادي لدى الاتحاد ليتم توزيعها بالتساوي كمكافأة للأندية التي التزمت بالسقف المحدد في نهاية الموسم”.
العزوف عن حضور ورشة العمل يعطي مؤشرات ودلالات لا لبس فيها، مفادها أن أكثر الأطراف المعنية بالاحتراف “الأندية واللاعبين” تبدو وكأنها غير مبالية بما يجري وسيجري حولها، ولو تم افتراض أن اتحاد الكرة اتخذ هذا القرار الخاطئ وحده، فإن صوت الأندية سيرتفع عاليا وستقول “لماذا لم يشاورنا الاتحاد؟”.
بين العرض والطلب
وربما يدرك اتحاد الكرة قبل غيره أن اتخاذ مثل هذا القرار لن يساعد الأندية على التخلص من ضائقتها المالية، فالأندية بموجب الميزانيات التي تقدمها في اجتماعات الهيئات العامة تبدو مدينة حيث تتجاوز النفقات قيمة الإيرادات، مع أن تلك الموازنات المقدمة لا تخضع لمساءلة محاسبية دقيقة، وبالتالي فإن كثيرين يعتقدون أن تلك الأرقام غير دقيقة وغير حقيقية.
ومع تطبيق الاحتراف، لا بد من التأكيد أن ممارسة لعبة كرة القدم أصبحت مهنة، يحتكم فيها الطرفان “النادي واللاعب” إلى عقد واضح المعالم والشروط والمدة والقيمة، واللاعب السوبر يحصل على العقد الذي يراه مناسبا له، لأنه في هذه الحالة سيتلقى عروضا عديدة من مختلف الأندية المحلية والخارجية، وسيفاضل فيما بينها ويختار أفضلها طبقا لمصلحته الشخصية، بعيدا عن مفردتي “الولاء والانتماء” ومشتقاتهما، وكذلك الحال فإن النادي يقدم العرض للاعب الأفضل الذي هو في أمس الحاجة إليه، ويستغني عن اللاعبين غير المعطائين بغض النظر عن تاريخهم، وفي هذه الآونة تعرض الأندية بعض لاعبيها للإعارة أو البيع، متناسية وليست ناسية مقولة “الولاء والانتماء” التي تطالب اللاعبين بتطبيقها!.
ومن هنا، فإن لكل لاعب سعره طبقا لمستواه الفني في الملعب، وليس لأي اعتبارات أخرى، وبالتالي فإن تحديد السقف مخالف للواقع، ويؤدي إلى مشاكل جديدة بين اللاعبين والأندية، فليس من المقبول والمعقول أن يحدد سقف اللاعب غير الأردني بسبعين ألف دينار بينما يحدد سقف اللاعب الأردني بعشرين ألف دينار، مع أن معظم اللاعبين الذين يتم استقطابهم من الخارج هم أقل مستوى من اللاعبين الأردنيين.
الهجرة إلى الخارج
ويبدو أن معظم اللاعبين الأردنيين فهموا الدرس واستوعبوا الإشارات، وحزموا أمتعتهم إلى الخارج طلبا لفرص احتراف مثالية بالنسبة لهم، وتشكل بارقة أمل في تكوين مستقبل كروي والحصول على عائد مالي مناسب، بغض النظر عن هوية النادي الذين سيلعبون له، سواء كان فريقا مرموقا أو من الدرجة الأدنى، وسواء لعب أساسيا أو احتياطيا، فالمهم في الدرجة الأولى هو الحصول على عائد مالي أكبر بكثير من الذي سيحصل عليه في الأردن، وسيكون الثمن باهظا في المستقبل، وستتأثر المنتخبات الوطنية لا سيما الأول منها بانخفاض مستوى بعض اللاعبين ممن يشكلون عماد التشكيلة الأساسية، لأنهم ببساطة لا يلعبون مع فرقهم النادوية كما يجب، وبالتالي ينخفض المستوى الفني ويتراجع مؤشر اللياقة البدنية، وربما يشكل حسن عبدالفتاح درسا بليغا في هذا الشأن، حيث كان النجم الأبرز في المنتخب قبل احترافه في قطر، لكنه اليوم خارج التشكيلة ليس الأساسية فحسب، والأمر انطبق على بهاء عبدالرحمن الذي أصيب وعاد للتشكيلة مؤخرا.
وسينتج عن ظاهرة هجرة اللاعبين الأردنيين إلى الخارج، استقطاب لاعبين من الخارج ليسوا بالمستوى الفني المقبول، وستستعين بهم الأندية مكرهة بشكل كبير في المباريات، وهذا لن يعود بالفائدة على المنتخب الوطني، لأن اللاعبين المحترفين من الخارج هم في نهاية المطاف “أجانب” وسيعودون إلى بلادهم بغلة مالية لا بأس بها على حساب اللاعبين الأردنيين.
ما الحل؟
اتحاد الكرة يشتكي والأندية تشتكي من ضيق الحال وشح الموارد، والحكومة تشتكي وتتجه إلى تنفيذ المشاريع التي تعتقد أنها أساسية وأكثر أهمية، والقطاع الخاص لا يقدم كل ما هو مطلوب منه، فكيف السبيل للأندية للحصول على عائدات مالية أفضل من الوقت الحالي؟.
من الواضح أن الأندية أغفلت مسألة مهمة تتعلق في كيفية الاستثمار في اللاعبين “بيع وإعارة”، بحيث يقف بعض الأندية حجر عثرة في طريق اللاعبين الراغبين في اللعب لأندية أخرى، ولو نظرت بشكل منطقي وغير أناني، لحصلت على عائدات إضافية من هذه الحركة في الانتقال.
كما أن الأندية أغفلت عن مسألة مهمة في تنشئة جيل جديد من اللاعبين الشباب الموهوبين، الذين يمكن لهم تجرع الخبرة وسد الفراغ مكان اللاعبين المعتزلين أو المنتقلين، والذين سيحصلون في وقت لاحق على عقود احترافية جيدة.
“تفريخ اللاعبين” يعد أمرا مهما في دول كثيرة، وثمة أندية تجد في ذلك “تجارة رائجة” تدر عليها دخلا كبيرا، لكن للأسف فإن الأندية الأردنية ترغب في توقيع لاعبيها على عقود أبدية ولا ترغب في الاستغناء عن أي منهم، ولا ترغب في تسويق نفسها مع القطاع الخاص، رغم معاناتها الشديدة وإدراكها أن ريع المباريات لم يعد كافيا للإنفاق، لأن الجمهور هو جمهور فوز والقاعدة الجماهيرية محصورة بثلاثة فرق على الأكثر.
اليوم يذهب خليل بني عطية وعبدالله ذيب وأنس حجي إلى الخارج وربما ستطول القائمة بعد عدة أيام، وما يزال اتحاد الكرة والأندية يبحثان عن أسهل الحلول، لكنها بالتأكيد ليست بالمنطقية والمعقولة للاستمرار في طريق الاحتراف، فهذا يعني بدون شك انحرافا عن طريق الاحتراف.