وللأدب حدود أيضا
يُعدّ الإفراط في الدلال الطريق الأسهل لقلة الأدب..فعندما لا يجد الطفل من يردعه على مسبّة أو تصرف فإنه لن يتردد باستخدامها على الطالعة والنازلة دون أن يحترم أحدا أو يلزم حدّه…
في أول النطق يكون “الولد” محط أنظار العائلة وموضع استحسانهم فأية حروف ينطقها بالنسبة لهم مثيرة للضحك ومصدر للمتعة …لذا عندما يتلفظ بكلمة “اخرس” مثلاً قاصداً شقيقه ابن الخمس سنوات سيحصد إعجاب الجميع وضحكاتهم السرية..فيعتقد أن هذا اللفظ محبب ما يجعله يتمادى بإطلاق الشتيمة على الأخ الأكبر..ولا يتورّع عن إتباعها بـ”تفو” إن لزم الأمر ..وإذا استمر الضحك والصمت والإطراء فإنه سيجلد أحد الوالدين أو كليهما بنفس الشتيمة أو أقسى منها ..كما لن يتوانى في تناوش الضيوف بحفايات رجالي “44” وستاتي “39” دون خجل أو وجل كلما خطر له فعل ذلك، دون زجر أو حتى عقاب ما دام لم يشعر ولو مرّة واحدة بطعم الردع..
الذي يراقب تعليقات ومنشورات السفير السوري في عمان “بهجت سليمان”، سيفهم تماماً ما نقصده في الدلال الزائد..فقد تجرأ هذا الرجل في التعليق الأول على الأردن ولم يجد من يعاتبه أو حتى يوقفه عند حدّه..ثم كتب تعليقاً آخر أقسى لغة وأكثر نقداً هاجم فيه الدور الأردني ..فلم يجد من يردّ عليه أو يردعه..أخيراً قام الأسبوع الماضي بكتابة نصٍّ طويلٍ على حسابه في “الفيسبوك” ينتقد الأردن وخمس دول عربية أخرى واصفاً دورها بــ”العهر” العابر للحدود حيث كتب الأربعاء الماضي على صفحته حول تصريح الأردن و5 دول بأن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، بالقول إن هذا “عهر عبر “جميع الحدود..حيث قال ..( أن يصل العهر ببعض المشيخات المحميّات الراسفة في غياهب العصور الوسطى، وذات الأنظمة الملكية العائلية الوراثية الثيوقراطية البدائية، ومعها أبناء وأحفاد أسوأ استعمار قديم على وجه المعمورة، هو المستعمر العثماني الذي تجلبب برداء الدين، ليمتطي ظهور العرب وغير العرب، حتى قال عنه فيكتور هيجو: (العثمانيون مرُّوا من هنا.. كلّ شيءٍ خراب).. أن يتجاوز عُهْرُهم جميع الحدود، فهذا أمر جديد”.
وأضاف متحدثاً عن المصرّحين، وهم الأردن والسعودية وقطر والإمارات وتركيا ومصر ” هؤلاء المأفونون لا يخجلون بأن يقولوا – ولو مجرّد قول – بأنّه لا مكان للأسد في المستقبل”.
وخاطبهم قائلاً “.. أنتم أيّها البلهاء، الذين لا مكان لكم، لا في الحاضر ولا في المستقبل، وأنتم مجرّد بيادق متفسّخة تتراكض لإرضاء سيّدها ومولاها الصهيو-أمريكي، الذي يقوم الشعب السوري وجيشه وقائده (الذي لا ترون له مكاناً في المستقبل) يقومون بسحق أدوات أسيادكم وأدواتكم، وسوف تلحقون بهم قريباً، إلى مزابل التاريخ”…
سؤالي لو أي سفير كتب هذا الكلام عن دولة تستضيفه فيها ولو كانت “هبلستان” او “ميكرونيزيا” هل تبقيه لحظة على أرضها…لم السكوت على تمادي مثل هذه الشخصية غير مرّة على الوطن الأردن الذي عانى ويعاني الأمرين من ديكتاتورية نظامه واستقبال أكثر من مليون لاجىء من مواطنيه يقطرون دماً وفزعاً من عروبة الرئيس وصواريخه…لم كل هذا السكوت عن هذا التمادي..دون أن يضع له حدا..أو يحجز له على أول طائرة إلى بيروت..؟؟
..على شو “محمّلنا جميلة”؟؟ !!…
أحمد حسن الزعبي