“أحمد عبدالله” عرض مسرحي برؤية إبداعية متكاملة … صور
** أنت لست حجر النرد لترميك الحياة وتأتي أرقامك كيفما كان بل أنت صانع النرد تختار ما تريد لتكون ذاتك.
** ليس من السهل أن تكون أديبا وتتحمل أعباء التخطيط والإعداد والتنفيذ، وما يرافق ذلك من تعب نفسي وجسدي، ولكن ثقتي الكبيرة بمن معي، أكبر من ثقتي بي، وهم سرّ نجاحي “أحمد أبو حليوة”.
** كل عمل هو صورة ذاتية للشخص الذي أنجزه، لذا ذيل عملك بتوقيع التميز.
وكالة الناس – هند السليم
أحمد أبو حليوة على مسرح حبيب الزيودي – مركز الملك عبدالله الثاني / الزرقاء، عرض مسرحية “أحمد عبدالله”، التي لاقت حضورا وتفاعلا من الجمهور، وهي عرض مسرحي متكامل بامتياز (نصا وإخراجا وتمثيلا) إلى جانب جميع العناصر الفنية الأخرى؛ من ديكور وصوت وإضاءة وموسيقى ومؤثرات، وحركة.
أحداث المسرحية تدور حول سيرة حياة شخص يبلغ خمسون عاما، يتمحور بين شخصيتين: الأولى التي تشغل الجانب الأكبر من شوقه وحنينه، هي التي دارت رحاها في العشرين سنة الأولى، حيث قاسى فيها الكثير من الصعوبات والتحدّيات، واستطاع أن يتجاوزها بكلّ نجاح خلّاق، وعُرِف في عائلته (أبو حليوة) التي يعشقها باسم (أحمد عبد الله)، وكم كان لحبّ هذه العائلة له وثقتها به الدور الأكبر في إيجابيات وجماليات شخصيته فيما بعد وبشكل كبير، فهم العتبة الأولى للحبّ والعرفان والامتنان، وأصحاب الفضل الذي لا يُنسى، إلّا أنّ الشخصية الثانية، والتي لقيت الحظوة الكبرى، ورافقتها ثمار الإنجاز والإبداع والشهرة على مدار ثلاثين عاما مضت، هي شخصية أحمد أبو حليوة.
لقد كنا مساء يوم الخميس مع عمل مسرحي لممثل واحد فقط، جسد شخصيات عائلته واصدقاءه وزملاءه، واتقن الأدوار وكأن العرض تكون من مجموعة أفراد، له هدف إنساني واجتماعي كبير، وربما شهادتنا به مجروحة لأن “أبو حليوة” دائما ما يبقى مبدعا كبيرا من خلال عرض وسرد قصتة التي تحمل أبعادا كبيرة، والتقنيات الصوتية التي رافقته بمساندة صديقه المبدع الفنان “إبراهيم ملكاوي” أيضا تم استخدامها بشكل احترافي، وكذلك الديكور والذي سانده خلال العرض الشاعر “قصي إدريس” تحول من غرفة تحوي أدوات تراثية كـ (وسادة، حصيرة، تلفاز قديم معطل، بابور كاز، راديو خشبي مهترئ، أواني معدنية قديمة ….) إلى أبراج وتحف كريستالية، والإضاءة لعبت دورا مهما، ليعود بنا هذا العمل إلى الماضي، ولم يأتي من فراغ، بل جاء من معاناة وكفاح حتى أصبح على ما هو عليه، فكان يأخذنا تارة إلى لحظات الحزن والألم والوجع على لحظة فراق بموت أحد أفراد عائلته أو الابتعاد عن حبيبه ثم يعود بنا إلى مشاهد نجاح وانجاز وإرادة ولحظات فرح لا تقدر بكنوز الأرض؛ فمثل هذا العمل بكل تفاصيله وقضاياه يدعو للتفكير والمحافظة على المكتسبات العظيمة التي يعيشها مجتمعنا اليوم، ودعوة للجيل الحالي للمحافظة على النعمة التي نعيش تحت ظلالها.
أن الظروف الصعبة التي مر بها “أبو حليوة” كانت محطات اختبار، وفي مثل هذه الظروف الصعبة تطرح أمامك اختبارات عدة، لكن يجب اختيار الشيء والطريق الصحيح، وأهمها مشهد الحريق الذي أفتعله عندما أشعل الورق ليشتعل رأسه معها، مما أفقده الكثير من معالم وجهه، إلّا أنّ هذا الحرق كم رمّم مرارا روحه، وجعلنه كإنسان أجمل، وأكسبه خبرة ظهرت في أدائه بثقة متميزة في الوقوف على خشبة المسرح والعطاء المتجدد.
وأنهى العرض بالمشهد الأخير بارتباطه بأبنة عمه (إيمان) ورفيقة دربه الحبيبة التي تصغره بخمسة عشر عاما، والتي حقّق معها إنجازات حياتية كثيرة، على رأسها إعادة إعمار بيت الطفولة في مدينة الزرقاء؛ ذاك البيت الذي عاشا فيه اثنتي عشرة سنة، حتى رزقهما الله سبحانه وتعالى، وبصورة غير متوقّعة، وبعد طول صبر وحرمان، بطفلهم الجميل “عبد الله” عام 2021، الذي كان مثل الغيث لروحيهما، فرأى به “أبو حليوة” شيئًا مني ومن ذكرى حياته ليطلق عليه لقب “أحمد الثاني”.
نحن معك دوما “أبو حليوة” لما تقدمه من أعمال جديدة ومتطورة سواء من طرف الرؤية الفكرية أو الشكلية وحتى الأدائية، وكلنا فخر بك كـ (قاص، أديب، كاتب، ناقد، ممثل على خشبة المسرح).