0020
0020
previous arrow
next arrow

ضيف الله سويلم .. وحسن الختام..!!

 

وكالة الناس  – برفقة صديق كنت في جوله الى دلاغه جنوب الاردن، صديقي ضابط متقاعد، وفي دلاغة إستذكر زميل له في الخدمه العسكريه، وتمّنى رؤيته، وبعد سؤال، وصلنا الى بيت ضيف الله سويلم المتقاعد، يتجلّى التواضع في الرجل، وتتجلّى البساطه في كل ملامح حياته، بل تتجلّى طيبة الاردني، وحسن الضيافه، وادب الاستقبال، وفرحة اللقاء بين زملاء الخدمه، صور الفرح تتجلّى في شكل إبتسامات رقيقه، وتنهدات على ماضٍ بإعترافهما على تلك الايام الخوالي في وادي عربه، واجهة العمليات الاستخباراتيه بإمتياز.

ضيف الله متزوج من إثنتين، وله في إصطلاح عسكري “فصيل” من الاولاد والبنات، حوله مجموعه منهم، وبعضهم في مهمات عائليه، كرعي الاغنام وجلب المياه، وآخر عسكري، وعامل ورشه، بفخر يتحدث عنهم، وبشكر دائم لله على أنعمه المتعدده يكرر، ويتحدث عن قريته بفخر وعن إسكان الفقراء الذي بناه “سيّدنا” لهم، معاشه -التقاعد- من فضل الله، والخير “معطي بالوجه” –اي الخير مُقبل- في إيحاء الى زياده على تقاعده مأموله، ضيف الله ُيحِس بالغلاء في كل شيء، ولكنه لا يعرف عن الغلاء غير أنه “إنتزاع للبركه”، “قرش كثير وبركه ما فيه”، في الثمانينات، راتبه كان ثمانين ديناراً، وكان يصرف ويُوفر منها، ويستطرد: ” اهلنا في بيوت شعر، ما نعرف فواتير الكهربا، وما نعرف الخلوي، وما نعرف الطبيب، وما نشتري الكاز والديزل، وكنّا عايشين، الصندل في رجل العيّل يقعد سنين، ما كنا نعرف بضاعة العقبه الفاسده، الدجاج والبيض واللحم واللبن كله بلدي على ايدينا”، هكذا يلخّص حياته، وبساطة إلتزاماتها، وهذا في تقديره سرّ لبركة الراتب.

ضيف الله اليوم صاحب راتب تقاعدي يفوق الـ(250) دينار، ووظيفه بـ(180) دينار، وجزء من راتب ولده العسكري، ولكن البركه ما عادت موجوده، لخّص هذا الحال بثلاث كلمات:”الراتب ما يلحق الراتب”، ويستطرد “نسمع.. وإن شاء الله”، في إيحاء آخر إلى إنتظار زياده على التقاعد.

ضيف الله يشعر بفخر الانتماء، إنه واثق من صدق مواطنته، فلم تجذبه المغريات، والعروض الماديه الهائله، لقاء تهريبه، او حتى غضّ الطرف عنها، و”الخاسي” في ثقافة ضيف الله هو كل رخيص طمع في مكسب حرام، و”النشمي” في ثقافته، هو الذي ما باع نفسه، مهما كان الثمن، بالاعتماد على تصنيف ضيف الله، كم لدينا من الخاسين، ومن النشامى؟!

ضيف الله سويلم، الذي يعاني له حلم حياه، أتدرون ما هو؟، إنه: حُسن الختام، حلم يتمنى حدوثه اليوم قبل غداً، لان في ثقافة ضيف الله مبدأ:”إن مات الابّ، تولّى الرّب”، ضيف الله يملك ثقة مطلقة بالله، ولا يخاف على أطفاله إن هو ذهب الى غير رجعه، الدوله في ثقافة ضيف الله ” لناس وناس “، تعبير بسيط يعني انها للبعض وليست للكل بالتساوي، لكنّه يستطرد: “الله فوق الكل”، كلمات رغم بساطتها تحمل مضامين كبيره، فهل كلنا ادرك تلك المضامين؟!.

وفي نهاية حديثنا مع ضيف الله، خلاصة الكلام، أن له امنيه غاية في الروعه، أتدرون ما هي، إنها: “الستر”، في الدنيا والآخره وحُسن الختام، مع كلمات ضيف الله إستذكرت كلمات يرددها الجنوبيّون تقول: يالله طلبتك “الستر”   يا ربي يا رحمن.

كتبت هذه الخاطرة وكان ضيف الله على قيد الحياة، اليوم توفى ضيف الله وترك زوجتين وأطفال، تركهم وهو الواثق أن لهم ربّاً لن يتركهم، رحمة الله على ضيف الله وعلى أمثاله من الشرفاء على هذه الأرض.

بقلم: د. هاني الفلاحات