“فلسطينية” تجسد بطولة أسرى جلبوع بمنحوتة رملية (فيديو وصور)
وكالة الناس – دفعت بطولة سجن جلبوع التي حققها ستة من الأسرى الفلسطينيين، مطلع الشهر الجاري، بتمكنهم من الفرار بحفر نفق أسفل أكثر السجون الإسرائيلية تحصيناً، الفنانة الفلسطينية رنا الرملاوي، إلى نحت مجسم رملي يظهر جندياً إسرائيلياً مستلقياً على الأرض بجوار فوهة نفق متأثرأً بالصدمة التي أصابته وحكومته عقب الحادث.
الملحمة الفلسطينية، التي أسدل الستار على آخر سطر حزين فيها بإعادة اعتقال الأسرى الستة، بعد عدة أيام من البحث كلف الحكومة الإسرائيلية ملايين الدولارت، كانت محط إلهام للرملاوي، التي استغرق إنجاز عملها الفني عدة أيام، وصلت فيها الليل بالنهار.
وتعد الرملاوي (26 عاما) الفنانة الأولى فلسطينياً التي تستخدم أكثر الموارد المتجددة في الطبيعة “الرمل” لخلق مجسمات تحاكي قضايا وطنية فلسطينية، والهدف من ذلك بحسبها، هو الإيمان المطلق بالدور الذي يؤديه الفن في خدمة قضايا سياسية واجتماعية عديدة.
وتتعمد الرملاوي التركيز في أعمالها الفنية على قضايا تتعلق بالصراع مع الاحتلال، كالمسجد الأقصى، والحروب المتتالية، وعمليات التهجير القسري، والحصار المفروض على قطاع غزة وغيرها الكثير.
وأول منحوتة بحجم كبير للرملاوي كانت عندما أصيب شقيقها إصابة بالغة في قدمه خلال مشاركته بمسيرات العودة عام 2018، على طول الشريط الحدودي بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
وقبل هذا التاريخ بست سنوات، بدأت الفنانة الفلسطينية بنحت مجسمات صغيرة، لكنها لم تكن بحجم تلك التي بدأت تُبدع في صنعها عقب حادثة إصابة شقيقها. تقول الرملاوي: “تأثرت كثيراً بإصابة شقيقي، فقررت مقاومة الاحتلال من خلال الفن”.
وحول المرة الأولى التي مارست فيها فن النحت، قالت: “كنت ألعب في الرمال الرطبة بعد يوم ماطر، وقمت بتشكيل عدة دوائرة عشوائية، حتى تطور الأمر لتمثال كبير”.
وتتميز المجسمات التي تصنعها الرملاوي، بضخامة حجمها حتى أن بعضاً منها يوزاي إلى حد بعيد الأحجام الطبيعية للأشخاص والأماكن، وكان من بين ما نحتت ضحايا الحروب، وبعض الفاعلين السياسيين، فضلاً عن منحوتة عملاقة للحرم القدسي الشريف، إذ تستغرق عدة ساعات في صناعة كل قطعة، وقد تحتاج لأيام متتالية إذا ما دعت الحاجة.
وبشأن السبب الذي دفعها لنحت ما قالت إنه إهداء للأسرى الستة، فهو حجم الفرح الذي تملكها كباقي الفلسطينيين، ابتهاجاً بصنيع الأسرى، بالحدث الذي وُصف بـ”الاستثنائي”. تقول رملاوي “الحدث يعني لنا الكثير كفلسطينيين، هذا هو نضالنا من أجل الحرية”، مشيرة إلى أن قرارها تجسيد الحادثة كان تلقائياً لكنه ممزوج بالفخر.
وتابعت: “رغم أنه أعيد اعتقالهم، لكن فعلهم كان انتصاراً حقيقياً يستحق الاحتفال، فالدولة التي لا تُهزم، خسرت الرهان بملعقة”، موضحة أنها في كل مرة تتفاعل بفنها مع القضايا الوطنية، تشعر بشيء من الفخر، إذ لا تستطيع الفصل بين مشاعرها المختلفة وبين قضايا وطنها، سواء كانت حزينة أو مبهجة.
ويشكل شاطئ البحر فى غزة، مصدراً غنياً للرملاوي لاستخدام رماله كمورد أساسي لمنحوتاتها، فالبحر ورماله كما تصف “هما المتنفس الوحيد والملجأ ليس لها فقط بل لكل الغزيين المحاصرين في البقعة الأضيق في العالم”.
وإلى جانب شغفها بفن النحت، فإن الرملاوي تعمل مدرسة للمرحلة الابتدائية في مدارس وكالة الغوث “أونروا”، لكنها مع ذلك تسعى دائماً لإيجاد وقت لممارسة هواياتها في النحت على الرمال.
أما الأدوات التي تستخدمها لصنع مجسماتها، فهي تتجسد في عصا خشبية رفيعة، ورمال رطبة، فضلاً عن مجارف بلاستيكية وماء، كما تشكل وسائل التواصل الاجتماعي مساحة حرة للرملاوي لنشر أعمالها والحصول على تفاعل من المتابعين.