0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

“باص السينما” مشروع يخطف أطفال وشبان غزة من واقع الحصار لعالم ديزني والأفلام العالمية (صور)

 

 

وكالة الناس – في أحد الورش في قطاع غزة، أدخلت حافلة ركاب تقليدية، وهناك بدأ عمال مهرة في إعادة ترتيب تنسيقها، نزعت المقاعد بشكلها القديم، ووضعت أخرى أكثر راحة وأخذت شكل المدرج، ووضعت نوافذ جديدة، بهدف إغلاقها لمنع دخول الضوء، كما جرى توسعتها من أحد الجوانب، ووضعت في المقدمة شاشة عرض كبيرة، وفي الداخل لا يتخيل المرء أنه بداخل حافلة، بعد أن تحولت إلى قاعة عرض سينمائية صغيرة.

هذه السينما المتنقلة عبر حافلة ركاب كبيرة، يمكنها أن تتنقل بين مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة، ويمكنها الوصول إلى أحياء مهمشة، وإلى أطفال وفئات اجتماعية أخرى، لجعلهم يعايشون تجرية فريدة من نوعها، غير متوفرة في قطاع غزة.

وقد عمل القائمون على المشروع، على تزيين الحافلة من الخارج بألوان ورسومات، توحي بأنها باتت  شيئا آخر غير الحافلة التقليدية، في مسعى لإضفاء شكل جديد، يقارب دور العرض بدلا من شكل الباص المخصص لنقل الركاب.

ولضمان استمرار عرض الفيلم السينمائي داخل “باص السينما” دون تقطيع، على غرار ما يحدث داخل المنازل، لعدم توفر تيار كهربائي على مدار الساعة، بسبب أزمات الحصار، وضع على سطح الحافلة ألواح تولد الكهرباء من أشعة الشمس، كما زودت الحافلة ببطاريات لتخزين الطاقة.

وتجولت “القدس العربي” داخل قاعة العرض، التي بدت بشكل مدهش، إذ لا يعتقد الشخص حين يبدأ العرض بأنه موجود داخل حافلة ركاب كبيرة.

وفي هذه المرحلة، يعرض القائمون على مشروع “باص السينما” من “مؤسسة إنقاذ المستقل الشبابي” أفلام كرتون، مخصصة لفئة الأطفال والشباب، وأخرى عالمية، ذات محتوى هادف، تخرجهم لبعض الوقت من أجواء الحصار وما يترتب عليه من نقص في إمدادات الكهرباء، إلى عالم آخر، يرونه فقط على شاشات التلفاز، وبدون أن يحرك الباص عجلاته، ينتقل الأطفال وفئة الشباب المستهدفة، إلى واقع جديد بفضل تقنية التجهيزات الموجودة.

وتوضح المؤسسة أن تجهيز الحافلة بالشكل الحالي، استغرق وقتا طويلا وجهدا، وقد جهزت لصعود أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويقول المسؤول في المؤسسة محمود الهرباوي لـ”القدس العربي”، إن التقنيات التي وضعت داخل قاعة العرض “هيكل الحافلة” من الداخل، كانت عالية الجودة، إذ جهزت بشاشة لعرض الأفلام، وأجهزة صوت مميزة، علاوة عن وجود تكييف لضمان راحة المشاهدين.

ويوضح أن الفكرة جاءت بعد عرض فيلم كرتون هادف للأطفال في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، حيث جرت العملية في قاعة غير مجهزة بالشكل المطلوب، من خلال الاستعانة بجهاز تكبير الصورة “البروجكتر”، ووقتها لاقت الفكرة استحسان الأطفال والأهالي، الذين طالبوا بتكرار العملية، ما دفعهم للتفكير في تعميم الأمر، من خلال الوصول إلى فكرة  “باص السينما” ليخدم كل مناطق غزة، التي مولها الاتحاد الأوروبي.

ويعمل القائمون على الباص، على توزيع كيس من الذرة “الفشار” على المشاركين في حضور العرض، للتسلية، على غرار ما يجري في دور العرض السينمائية العالمية.

ويقول الهرباوي إن الباص يخدم ثلاث فئات هي الأطفال من 3 إلى 13 عاما، والطلائع من 14 إلى 18 عاما، والشباب من 19 إلى 29 عاما، ويخصص لكل منهم فئة من أفلام الكرتون “الأنيميشن” الهادفة، وبعض الأفلام العالمية الأخرى، التي تعزز القيم الإيجابية والتسامح، وتعمل على تقوية أواصر الصداقة ونبذ العنف، ويشير إلى أنه بعد انتهاء العرض، يجري عقد جلسة “تفريغ نفسي” للمشاركين، من خلال أسئلة توجه لهم عبر مشرفين، عن مدى الاستفادة من قصة الفيلم.

وفي هذا الوقت، وبسبب تفشي فيروس “كورونا” وعملا بالإجراءات الوقائية، تم تقليص عدد الحضور، من 63 شخصا إلى 25 فقط، ويمكن للأطفال والشبان من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يتنقلون عبر كرسي متحرك مشاهدة الفيلم،  حيث جرى تجهيز الحافلة لدخولهم بدون مساعدة من أحد وبكل سهولة.

وتقول المؤسسة المشرفة على المشروع، إن باص السينما يهدف إلى “تعزيز ثقافة التسامح ونبذ العنف للشباب الفلسطيني في قطاع غزة”، وأنها قامت بتنفيذ عروض  بالتنسيق مع العديد من المدارس ورياض الأطفال والجامعات.

وتلاقي هذه التجربة نجاحا، خاصة وأن قطاع غزة المحاصر، لا توجد فيه دور عرض سينمائية، حيث توقفت ثلاثة دور عرض عن عملها منذ أكثر من 20 عاما، مع اندلاع أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، بعد أن كانت قد عادت لعملها لفترة وجيزة بعد قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994.

ودور العرض هذه التي لم تعد تصلح للعمل بفعل عوامل الزمن وتركها طوال الفترة الماضية بلا ترميم، توقفت عن العمل أيضا في بدايات العام 1988، حين اندلعت انتفاضة الحجارة، وفي غزة هناك أجيال من الشباب، لم تعايش فترة وجود السينما على غرار دول العالم.

وبين الفنية والأخرى يجري عرض أفلام ضمن مهرجانات محلية، أو ضمن مبادرات لمناقشة فحوى أفلام عالمية، في قاعات عادية غير مخصصة لهذا الغرض، باستغلال شاشات العرض “البروجوكتر”، ولذلك يشق مشروع “باص السينما” طريقه بنجاح كبير في أوساط الأطفال خاصة، الذين يتشوقون لهذه التجربة.